الرئيسية / أخبار عربية ودولية / السودان يحتفي بسلام تاريخي ويتحسب من كلفته الباهظة

السودان يحتفي بسلام تاريخي ويتحسب من كلفته الباهظة

المكلا ( حضارم اليوم ) متابعات :

بتفاؤل حذر، وقعت الحكومة السودانية اتفاق سلام تاريخيا مع المتمردين من أجل إنهاء عقود من الحرب وذلك بحضور رعاة إقليميين ودوليين وسط تحذيرات من العقبات التي ستعترض تنفيذ الاتفاق خاصة حاجة الخرطوم للموارد المالية اللازمة لعودة النازحين والتعويض للمتضررين من الحرب.

جوبا – وقعت السلطة الانتقالية في السودان اتفاق سلام تاريخيا مع الجبهة الثورية التي تضم في عضويتها حركات مسلحة وتنظيمات سياسية السبت في جوبا، بحضور رعاة إقليميين ودوليين وهم رؤساء دول تشاد وجيبوتي والصومال، إلى جانب رئيسي وزراء مصر وإثيوبيا، ووزير الطاقة الإماراتي، والمبعوث الأميركي الخاص لدولتي السودان وجنوب السودان، وعدد من ممثلي الدول الغربية.

ويمهد الاتفاق لإنهاء عقود من الحروب والنزاعات في أقاليم الهامش، ويبشر ببدء فترة جديدة تسود فيها المواطنة، ويفسح المجال للمضي في تحقيق أهداف الثورة على نظام عمر حسن البشير.

ومن المقرر أن تشهد الفترة المقبلة إعادة هيكلة الحكم الانتقالي، لتمثيل الجبهة الثورية.

وامتزجت مشاعر الفرحة التي طغت على المواطنين بمخاوف من صعوبة تنفيذ الاتفاق، وخشي كثيرون من كلفة الاتفاق الباهظة التي على السلطة دفعها وسط أوضاع متردية.

ويواجه الاتفاق الحالي صعوبات اقتصادية أكثر من الأمنية، بسبب حاجة الخرطوم لتأمين عودة ثلاثة ملايين نازح ولاجئ إلى مناطقهم ودمجهم في الحياة المدنية، والبدء في مرحلة تنموية تمنع وجود بيئة حاضنة للصراعات المسلحة.عبدالواحد إبراهيم: وجود قادة المسلحين داخل السودان يدفع الفترة الانتقالية إلى الأمام

وشدد رئيس لجنة الوساطة توت قلواك، على ضرورة توفير الموارد الكبيرة اللازمة لتنفيذ بنود الاتفاقية لعودة النازحين واللاجئين، وتعويضات المتضررين من الحروب والنزاعات، والترتيبات الأمنية وإعادة الإعمار.

وقدمت جنوب السودان، الدولة الراعية لمفاوضات السلام، مبادرة لعقد مؤتمر دولي للمانحين لتوفير الموارد اللازمة لتنفيذ الاتفاق ودعم الحكومة لاجتياز السنوات العشر الأولى من الفترة الانتقالية.

وقررت الحكومة السودانية تدشين صندوق تنمية وإعمار دارفور، وتعهدت بتمويله بقيمة 750 مليون دولار سنويا على مدار عشر سنوات، وتعول على تلقي دعم مالي من الدول الشقيقة والصديقة التي قدمت وعودا بتقديم مساعدات عبر مؤتمر “أصدقاء السودان”، الذي عقد الشهر الماضي في الرياض.

وقال رئيس حركة تحرير السودان، مني أركو ميناوي، إن “التحدي الاقتصادي الأكثر صعوبة في طريق تحقيق السلام، ومن المهم أن يشعر أبناء الهامش بوجود تحسن في أوضاعهم المعيشية ليقتنعوا بما جرى التوافق عليه بين الحكومة والحركات المسلحة”.

وأضاف في تصريح لـ”العرب”، أن “الفصائل المسلحة قدمت كل ما لديها في سبيل الوصول إلى اتفاق نهائي، وستتواجد قياداتها في الخرطوم، لدفع تنفيذ بنوده”، مبديا التفاؤل بخروج السودان من عنق الزجاجة إلى تحقيق السلام الذي يريده الجميع.

وكان العامل الاقتصادي حاضرا في جميع تفاصيل المفاوضات بين الخرطوم والجبهة الثورية، لأن الضغوط التي مارستها أطراف دولية على الأولى وربطت بين السلام وبين دمج السودان في المجتمع الدولي ورفعه من على لائحة الإرهاب، جعلت وفد التفاوض أكثر سعيا لإنجاز الاتفاق، ما انعكس على تقديم السلطة جملة من التنازلات.

وتمضي الحكومة في طريقها نحو استكمال السلام مع الحركات التي لم توقع على الاتفاق قريبا، وتسعى لسد الثقوب التي يمكن أن تؤدي إلى إفراغ السلام من مضمونه في ظل مخاوف من ظهور حركات جديدة مناوئة للاتفاق الحالي.

والتقى رئيس الوزراء عبدالله حمدوك في جوبا السبت، مع عبدالعزيز الحلو، رئيس جناح في الحركة الشعبية، شمال، ولم يتم الإعلان عما توصل إليه، غير أن رئيس لجنة الوساطة توت قلواك، أكد وجود توافق بشأن بدء المباحثات مجددا بين الخرطوم وحركة الحلو الأيام المقبلة.خالد الفكي: نجاح الاتفاق بحاجة إلى إرادة سياسية من أطراف المرحلة الانتقالية

وقال المحلل السياسي السوداني عبدالواحد إبراهيم، إن الحكومة سوف تتولى الجانب الأكبر في إنجاز السلام مع الحركة الشعبية، وحركة جيش تحرير السودان جناح عبدالواحد نور، لما يتمتع به حمدوك من علاقات شخصية ما قادة الحركتين، وإدراكه أن المحك الحقيقي لنجاح السلام يتمثل في التوصل إلى اتفاق شامل.

وأضاف في تصريح لـ”العرب”، أن “وجود قادة الحركات المسلحة داخل السودان يدفع الفترة الانتقالية إلى الأمام، ويسهم في تدشين مرحلة تنموية تتناسب مع رغبة السودانيين في إقامة دولة ديمقراطية تحفظ كرامتهم، وتنهي مآسي النازحين في معسكرات اللجوء”.

ويتخوف متابعون من سيطرة النزعة السياسية على تحركات قيادات الجبهة الثورية في مناطق الهامش، في ظل رغبة كل طرف إثبات أحقيته لتمثيل أصحاب المصلحة.

كما أن هناك قيادات عسكرية وسياسية لم تنخرط في السلام قد تدفع باتجاه مطالبتها للتمثيل في حكومات الولايات، وتشكل تهديدا للجهود التنموية على الأرض.

ورغم إعلان الحركات المسلحة وقف الأعمال العدائية منذ انخراطها في مفاوضات السلام قبل نحو عام، لكن خلال تلك الفترة وقعت حوادث قبلية شكلت تهديدا سياسيا للسلطة الانتقالية، واضطرت قوات الأمن للتدخل في كثير من المرات لتهدئة الأجواء، خاصة في غرب دارفور وشرق السودان، ما يجعل اتفاق السلام بحاجة إلى مزيد من الالتفاف الشعبي في مناطق الهامش لتثبيته.

وظهرت بوادر خلافات سياسية الجمعة، مع إعلان الحزب الشيوعي، صاحب النفوذ القوي في تحالف الحرية والتغيير، رفض الصيغة الراهنة من اتفاق السلام، قائلا “إنه مهدد لوحدة ومستقبل السودان”.

وتمثل ثنائية الصراع بين المركز والهامش أحد أهم محددات نجاح تطبيق السلام، بعد أن ألمح الحزب الشيوعي إلى إمكانية استئثار الهامش بثروات الأقاليم، ووجود مصالح مشتركة بين الجيش وحركات مسلحة، أفرزت توقيع الاتفاق بالصيغة الحالية، بما يضمن حفاظ الطرفين على الثروات التي تراكمت بين يدي كل طرف.

وأوضح المحلل السياسي السوداني خالد الفكي، أن السودان أمام مفترق طرق في تاريخه الحديث، لأن اتفاق السلام يمثل أولى خطوات التحول الديمقراطي، والبداية الفعلية لتحقيق شعارات الثورة، في ظل توافق كبير بين السلطة والجزء الأكبر من الحركات المسلحة، وهذا لا يمنع وجود عراقيل صعبة.

وأشار لـ”العرب”، إلى أن “نجاح الاتفاق بحاجة إلى إرادة سياسية من جميع أطراف المرحلة الانتقالية”، ما يدعم تمرير ملف الترتيبات الأمنية المعقد، وهناك “حاجة إلى بناء جسور الثقة بين المركز والهامش، بما يسهل مهمة دمج وتسريح جيوش الحركات وصولا إلى تأسيس جيش قومي واحد”، مضيفا أن عدم توفر الثقة بشكل كامل يعد إشكالية، يحتاج حلها إلى حكمة وتقديم تنازلات لبناء دولة مدنية حديثة.

شارك الخبر

شاهد أيضاً

زلزال بقوة 6.5 درجات يهز اليابان

المكلا (حضارم اليوم) وكالات ضرب زلزال بقوة 6.5 درجات بمقياس ريختر، يوم السبت، جزر بونين …