كتب / محمد علي رشيد النعماني
منذ بداية العدوان الإسرائيلي على غزة، لوحظ تذبذب مواقف جماعة الإخوان المسلمين، مما أثار الكثير من الجدل والانتقادات. هذه الازدواجية باتت واضحة في تعاملهم مع القضايا الإقليمية، خصوصاً مع الأطراف التي تختلف عن توجهاتهم الأيديولوجية.
“تناقض المواقف تجاه إيران وحلفائها”
شهدت مواقف الإخوان المسلمين تجاه إيران وحلفائها، مثل حزب الله اللبناني والنظام السوري، تناقضات لافتة. ففي الوقت الذي كانوا يدعون فيه إيران وأذرعها إلى مواجهة إسرائيل وينددون بالعدوان على غزة، استخدموا عبارات مثل “اللهم اضرب الظالمين بالظالمين” عند تدخل حزب الله في الصراع .
لكن المثير هو فرحتهم المعلنة بمقتل الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله وكذلك ترحيبهم بسقوط نظام بشار الأسد رغم الانتقادات المشروعة لجرائم حزب الله ونظام الأسد بحق الشعب السوري والمنطقة إلا أن هذا الموقف يعكس ازدواجية واضحة إذ أن الجماعة لطالما أظهرت ثناءً ومديحاً لإيران وحلفائها عندما يخدم ذلك مصالحهم السياسية .
“الإخوان في اليمن ودعوات الاستغلال”
في اليمن، تتجلى هذه الازدواجية في محاولات الإخوان المسلمين التقارب مع المجلس الانتقالي الجنوبي للدفع بقواته وقوات العمالقة إلى مواجهة الحوثيين وتحرير صنعاء، مع بقائهم في موقف المتفرج أو المستفيد واللافت هنا أن الإخوان يفضلون الدعاء بـ”اللهم اضرب الظالمين بالظالمين” بدلاً من تحمل مسؤولياتهم العسكرية والسياسية في تحرير المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون .
في ظل هذه المعطيات، من الضروري أن يبدي المجلس الانتقالي الجنوبي وقوات العمالقة حذراً شديداً، ويتجنب الوقوع في فخ الإستغلال الذي تسعى إليه بعض الأطراف، وعلى رأسها الإخوان المسلمون. إذ أن الإنخراط في معركة صنعاء قد يؤدي إلى إستنزاف هذه القوات لصالح أجندات لا تخدم القضية الجنوبية ولا تحقق المصلحة الوطنية الشاملة. وعليه، يجب على الانتقالي مراجعة حساباته جيداً، وتوجيه جهوده نحو تحقيق أهدافه الاستراتيجية بدلاً من التورط في معارك تخدم مصالح جهات أخرى لا تشاركه ذات الرؤية أو التوجه. ، في الوقت نفسه، يبقى السؤال مطروحاً: لماذا لا تتجه قوات الإخوان في تعز ومأرب وسيئون نحو تحرير صنعاء بدلاً من محاولة الزج بأطراف أخرى في الصراع؟
ختاماً، تعكس ازدواجية مواقف الإخوان المسلمين أزمة ثقة تضعف من مصداقيتهم وتجعلهم في مرمى الانتقادات، ليس فقط من خصومهم، بل أيضاً من داعميهم السابقين. وإذا أرادوا استعادة هذه الثقة، فعليهم التخلي عن سياسة المناورة والعمل بجدية ووضوح لتحقيق أهداف وطنية تخدم الجميع .