المكلا ( حضارم اليوم ) متابعات :
أماط الرئيس السوري بشار الأسد اللثام عن السبب الرئيسي خلف تدهور الوضع الاقتصادي في مناطق سيطرته وهو احتجاز ودائع بمئات المليارات من الدولارات في المصارف اللبنانية، ويتزامن حديث الأسد مع عودة ضغوط أقطاب السلطة في لبنان على المصرف المركزي من بوابة التدقيق الجنائي.
دمشق – حمّل الرئيس السوري بشار الأسد لبنان مسؤولية الأزمة الاقتصادية التي تتخبط فيها بلاده مبرئا ساحة الولايات المتحدة، التي فعّلت في يونيو الماضي قانون قيصر الذي يستهدف ممارسة أقصى الضغوط على دمشق لإجبارها للعودة والالتزام بالعملية السياسية بناء على قرارات الأمم المتحدة لاسيما القرار عدد 2254.
وقال الأسد إن احتجاز لبنان لودائع بمليارات الدولارات لسوريين هو السبب الرئيسي خلف الأزمة الاقتصادية. وتواجه مناطق سيطرة النظام السوري أزمة مالية واقتصادية خانقة تفاقمت في الأشهر الماضية، في ظل تهاوي العملة المحلية مقابل ارتفاع سعر الدولار، وعجز النظام عن توفير المواد الأساسية، من وقود وطحين.
وتتزامن تصريحات الرئيس السوري مع عودة الضغوط الداخلية في لبنان على مصرفه المركزي، من بوابة التدقيق الجنائي، حيث هاجم رئيس وزراء حكومة تصريف الأعمال حسان دياب القريب من حزب الله والتيار الوطني الحر المصرف متهما إياه بعدم التعاون مع شركة “ألفاريز آند مارسال” التي تم تكليفها قبل أشهر بمهمة التدقيق، غامزا بأن المصرف يريد التعتيم على مصير الودائع.غازي وزني: أمام مصرف لبنان 3 أشهر لتسليم المستندات
ولا يستبعد مراقبون في أن يكون النظام السوري خلف عودة الضغوط على المصرف اللبناني. وأعلن وزير المالية في حكومة تصريف الأعمال غازي وزني الخميس تمديد المهلة المحدّدة لتسليم المصرف المستندات المطلوبة منه إلى شركة التدقيق الجنائي إلى ثلاثة أشهر، بعد امتناع الأخير بداعي “السرية المصرفية”.
وأوضح الرئيس السوري أن ما بين 20 مليارا و42 مليارا من الودائع ربما فقدت في القطاع المصرفي الذي كان نشطا والذي كانت لديه ودائع بالعملة الصعبة تزيد عن 170 مليار دولار. وأضاف “هذا الرقم بالنسبة لاقتصاد سوريا رقم مخيف”.
وتفرض المصارف اللبنانية، التي تخشى نزوح رؤوس الأموال وحصول أزمة حادة في العملات الصعبة، ضوابط صارمة على السحب وعلى تحويل الأموال إلى الخارج منذ العام الماضي الأمر الذي أثار غضب المودعين المحليين والأجانب العاجزين عن الوصول إلى مدخراتهم.
وشكّل لبنان منذ اندلاع الأزمة في سوريا في العام 2011، شريان حياة بالنسبة لاقتصاد البلد الجار، واستفاد نظام الرئيس بشار الأسد كثيرا من الودائع السورية الموجودة في المصارف اللبنانية، وأيضا من الموانئ البحرية والجوية في عمليات الاستيراد في ظل العقوبات الغربية، فضلا عن حركة التهريب النشطة على الحدود بين البلدين، والتي يرعاها حليفه حزب الله.
وتغيّر هذا الوضع العام الماضي حينما قرّر المصرف اللبناني المركزي وضع يده على الودائع، لكبح الانهيار الدراماتيكي لوضع البلاد النقدي، وجوبه هذا القرار بممانعة شديدة من حلفاء دمشق في الداخل وفي مقدمتهم الثنائي الشيعي حزب الله وحركة أمل.
وقال الأسد الذي كان يتحدث أثناء جولة في معرض تجاري أذيعت على وسائل الإعلام الرسمية “الأموال التي أخذوها وحطوها في لبنان ودفعنا الثمن وهذا هو جوهر المشكلة إللي ما حدا (لا أحد) بيحكي فيه”.
ويرى رجال أعمال سوريون أن الضوابط الصارمة التي يفرضها لبنان على السحب حجزت مئات ملايين الدولارات التي كانت تستخدم لاستيراد السلع الأساسية من نفط وبضائع إلى سوريا. كما يقول مصرفيون ورجال أعمال إن كثيرا من شركات الواجهة السورية كانت تلتف على العقوبات الغربية باستخدام النظام المصرفي اللبناني لاستيراد البضائع غير المسموح بها إلى سوريا برا.مناطق سيطرة النظام السوري تواجه أزمة مالية واقتصادية خانقة
وفرضت دول غربية منذ اندلاع الصراع السوري عقوبات على دمشق، تم تشديدها مع دخول قانون قيصر حيز التنفيذ، حيث أدرجت وزارة الخزانة الأميركية، بموجبه بضعة شركات سورية على القائمة السوداء.
واعتبر خبراء أن واشنطن لم تفعل بالشكل المنتظر قانون قيصر حيث أن نوعية العقوبات التي فرضت حتى الآن لم يكن لها التأثير الكبير على الوضع الاقتصادي السوري، مرجحين أن الوضع قد يختلف في الفترة المقبلة، لاسيما مع صعود إدارة ديمقراطية في الولايات المتحدة.
ولفت الخبراء إلى أن الضجة التي أحدثها القانون الذي ترجع تسميته نسبة لضابط منشق عن النظام سرب الآلاف من الصور لمعتقلين جرى تعذيبهم في السجون السورية، كان تأثيرها أقوى بكثير قبل تفعليه.
وقال الأسد إن الأعباء الاقتصادية الحالية ليس سببها قانون قيصر. وتابع قائلا “الأزمة الحالية بدأت قبل قانون قيصر وبدأت بعد الحصار بسنوات.. هي المصاري (الأموال) اللي راحت (في المصارف اللبنانية)”.
وواجهت الحكومة في الشهر الماضي نقصا حادا في الوقود وأجبرت على رفع أسعار الخبز مع تقلص مخزون القمح مما يفاقم حالة السخط بين السكان المرهقين من حرب مستمرة منذ عشر سنوات.