المكلا( حضارم اليوم ) متابعات :
الاصطياد في الماء العكر
واشنطن – تسعى تركيا لاستثمار الخلاف الصيني الأميركي بشأن فايروس كورونا وتخطط لنيل حصة من السوق الصينية في الولايات المتحدة، في خطوة قال مراقبون إنها تكشف انتهازية أنقرة، فضلا عن إضافة الصين إلى قائمة الأعداء.
ويعرض مجلس الأعمال التركي الأميركي تركيا كبديل تجاري عن الصين بمساعدة السيناتور الجمهوري الأميركي، ليندسي غراهام، المقرب من الرئيس دونالد ترامب، وذلك بعد أسبوعين من إعلان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن حقبة جديدة في علاقة أنقرة مع واشنطن بعد أشهر من التوتر بسبب شراء منظومة صواريخ إس – 400 الروسية، واستهداف أكراد سوريا حلفاء الولايات المتحدة.
محمد علي يالسينداغ: سنوجه ضربة تركية أميركية للنماذج الصينية في أفريقيا
وتأتي موافقة غراهام على المشاركة في ندوة إلكترونية ينظمها مجلس الأعمال الأميركي التركي، التابع لمجلس العلاقات الاقتصادية الخارجية لتركيا غدا الأربعاء، وهو أقدم وأكبر جمعية أعمال في البلاد، وسط جهود تركية لتحسين العلاقات مع الولايات المتحدة والتقليل من تأثير التقارب بين أنقرة وموسكو على العلاقة الإستراتيجية مع واشنطن.
وقال رجل أعمال تركي “يخلق التوتر المتزايد بين الولايات المتحدة والصين فرصة كبيرة للتعاون الجيوسياسي، ستستفيد تركيا والولايات المتحدة من الناحية الاقتصادية”.
ويعتقد مراقبون أن تركيا توظف اللوبي الموالي لها في الولايات المتحدة لتبريد الخلاف مع إدارة ترامب خاصة بعد تنحي مستشار الأمن القومي السابق جون بولتون الذي كان ينظر إليه على أنه من الصقور المعادين لأنشطة أنقرة الإقليمية.
ويمكن أن يساعد هذا اللوبي في فسح المجال لصفقات تركية أميركية على المستوى الاقتصادي، لكن الأولوية وفق ما يبدو تقوم على التسلل إلى الخلاف مع الصين والاستفادة منه بمنح تركيا جزءا من التعاملات الصينية.
ويقول المراقبون إن الاقتصاد التركي يعيش وضعا صعبا بسبب أزمة كورونا وقبلها أزمة الليرة، تضاف إليهما خسائر التدخل العسكري المباشر في سوريا وليبيا، وهي خسائر لا يمكن تعويضها على المدى المنظور، إذ لا مؤشرات على استقرار الأوضاع وفق ما تريده أنقرة، وعلى العكس هناك مؤشرات على تحول سوريا وليبيا إلى مستنقع طويل الأمد.
لكن اللافت أن الأتراك سعوا لتجنب الصدام مع واشنطن في الملف الليبي، وإظهار أنهم يتحركون تحت جناحها، وذلك لتلافي التصعيد الذي جرى بين الطرفين بسبب سوريا. ويظهر اللقاء الذي جمع الجنرال ستيفن تاونسند، قائد الأفريكوم (القيادة العسكرية الأميركية في أفريقيا)، الاثنين، مع رئيس حكومة الوفاق فايز السراج ومجموعة أخرى من الشخصيات السياسية والعسكرية من الجانبين، أن أنقرة تحرص على استرضاء الأميركيين ومراعاة مصالحهم، والتحرك في خدمتهم.
وتوترت العلاقات التركية مع الولايات المتحدة بسبب شراء تركيا لنظام الدفاع الروسي المضاد للصواريخ إس – 400، ووجود عبدالله غولن رجل الدين التركي في الولايات المتحدة، وهو الذي الذي يحمّله أردوغان مسؤولية محاولة الانقلاب العسكري الفاشلة ضده عام 2016، والإجراءات القانونية التي تم اتخاذها ضد بنك تركي حكومي بتهمة التحايل على العقوبات الأميركية ضد إيران.
وتأتي ندوة مجلس الأعمال الأميركي التركي، بعنوان “وقت الحلفاء ليكونوا حلفاء: سلسلة التوريد العالمية الأميركية التركية”، حيث من المقرر أن يتحدث غراهام إلى جانب السناتور الأميركي السابق، ديفيد فيتر من لويزيانا، وهي جزء من محاولة وضع تركيا كبديل من أجل تقليل اعتماد الولايات المتحدة على سلاسل التوريد الصينية.
وأفاد تقرير اللوبي الأجنبي، وهو خدمة إلكترونية إخبارية مقرها واشنطن، بأن مجلس الأعمال الأميركي التركي، بالتعاون مع شركة الضغط “ميركوري بابليك أفيرز”، قد اتصل بغراهام في مارس وناقش معه إمكانية أن تكون تركيا بمثابة بوابة الولايات المتحدة إلى أفريقيا.
وكتب محمد علي يالسينداغ، رئيس المجلس في خطاب إلى غراهام “بينما نسعى جاهدين للمضي قدما، فإننا في مجلس الأعمال الأميركي التركي نفكر بالفعل في كيفية إعادة تنشيط الاقتصاد بعد الوباء (كورونا). قد تكون المشاريع المشتركة في أفريقيا جزءا مثيرا من هذه الخطة. لن نساعد الاقتصاديات الهشة التي ستحتاج إلى المساعدة في التعافي فحسب، بل سنوجه ضربة أيضا للنماذج الصينية في أفريقيا ونقيم علاقات اقتصادية أوثق بين تركيا والولايات المتحدة”.
وأوصى يالسينداغ في رسالة منفصلة الشهر الماضي لوزير التجارة الأميركي، ويلبر روس “بالتركيز في البداية على الغاز الطبيعي المسال، والواردات الزراعية من الولايات المتحدة. وفي الوقت نفسه، يمكن أن تعزز تركيا من صادرات السلع البيضاء وقطع غيار السيارات لتنويع سلسلة التوريد الأميركية بعيدا عن الصين، وهو هدف صريح لإدارة ترامب”.
ويحتل تعزيز الصادرات الزراعية التي تضررت بشدة من الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب على الواردات الصينية مرتبة عالية في قائمة أولويات ترامب.
وقال يالسينداغ “حان الوقت لتعزيز مناخ التعاون والتضامن، الشركات التي تعتمد على الصين في سلسلة التوريد تتجه إلى دول مختلفة، ومن بينها تركيا”، مشيرا إلى أن شركة “وولمارت”، وهي من أكبر بائعي التجزئة في العالم، بدأت في الحصول على المنتجات في تركيا.
وتوقع نائب الرئيس التركي، فؤاد أوكتاي، أن التوتر بين الولايات المتحدة والصين سيفتح الباب أمام توطيد العلاقات بين الولايات المتحدة وتركيا، وأضاف أن “الاقتصاد العالمي قبل الوباء مبني على سلسلة توريد واحدة، وهي الصين. وبالنسبة إلى دول مثل تركيا، في ظل وجود قطاعها التصنيعي القوي وشعبها من الشباب، ستكون هذه فرصة اقتصادية”.