كتب / محمد علي رشيد النعماني
يعيش الجنوب مرحلة فارقة تتسم بالتحديات والآمال الكبيرة حيث أصبح النضال لاستعادة الدولة وحقوق الشعب هو الهدف الأسمى الذي يوحد كافة أطياف المجتمع وفي ظل الظروف الصعبة التي يواجهها الأطفال المحرومون من التعليم والشباب الذين ضاعت أمامهم فرص الحياة وكبار السن الذين سُلبت حقوقهم يظل صمود الشعب الجنوبي رمزاً للإرادة الجماعية والتمسك بالأمل ، هذه المعاناة اليومية ورغم قسوتها تحولت إلى مصدر إلهام وإرادة لا تلين لإحداث تغيير حقيقي في الواقع .
يتبنى المجلس الانتقالي الجنوبي رؤية سياسية طموحة تهدف إلى تعزيز الإستقرار والتنمية حيث يدرك أهمية إشراك المواطنين في رسم مسار المستقبل فمن خلال التواصل المباشر مع المجتمع وتنفيذ زيارات ميدانية مكثفة يسعى المجلس إلى بناء جسور الثقة مع الشعب وترجمة تطلعاتهم إلى خطط قابلة للتنفيذ ومع اقتراب عام 2025 الذي يُعتبر نقطة تحول تاريخية تتزايد الجهود لإعداد الأرضية المناسبة لتحقيق إنجازات ملموسة تلبي احتياجات المواطنين وتعزز مكانة الجنوب على الخارطة السياسية.
في ظل هذا الزخم يواجه الجنوب تحديات خطيرة أبرزها محاولات القوى العسكرية والسياسية اليمنية الشمالية الزج بالجنوب ومجلسه الانتقالي وقواته العسكرية في حرب مباشرة مع الحوثيين لتحرير صنعاء والمحافظات اليمنية الواقعة تحت سيطرتهم دون أن تشارك تلك القوى فيها فعلياً أو أن تكون مشاركتها صورية حيث ستسعى هذه الأطراف إلى إستنزاف الطرفين وإضعافهما لتجني هي الثمار السياسية والعسكرية لهذه الحرب .
كما أن هذه المحاولات تهدف إلى إلصاق وصمة عار بالجنوبيين أمام شعوب العالم العربي والإسلامي حيث يروج إعلام الحوثي وحلفاؤه لفكرة أن أي معركة ضده في الوقت الحالي هي معركة تُدار بتوجيهات أمريكية وإسرائيلية بهدف وقف مساندتهم المزعومة لغزة مما قد يسيء لصورة الجنوب أمام الرأي العام .
وبالنظر إلى هذا الأمر بتمعن من الضروري أن يتحلى الجنوبيون بالوعي الكامل تجاه هذه المخططات وأن يُجنبوا قواتهم ومجلسهم الوقوع في فخ هذه الحرب غير المضمونة النتائج ويجب أن يُعاد تقييم الموقف السياسي والعسكري بشكل مستمر وأن يتم العمل على تعزيز التنسيق مع التحالف العربي والشركاء الإقليميين لضمان تحقيق مصالح الجنوب دون التورط في سيناريوهات تُستغل ضدهم لاحقاً .
أما على الصعيد الداخلي في الجنوب فإن إصلاح البيت الجنوبي وتعزيز الكفاءة وتوحيد الصفوف يظلان من الأولويات الأساسية فالعمل على معالجة الانقسامات الداخلية والتعاون الوثيق مع السلطات المحلية يُعد ركيزة أساسية لبناء دولة قادرة على مواجهة التحديات كما أن صياغة خطاب سياسي وإعلامي متزن يُوضح للشعب الجنوبي وللرأي العام العربي والإسلامي موقف الجنوب من القضايا الإقليمية يُعتبر أمراً بالغ الأهمية لتفنيد الإدعاءات المغرضة .
عام 2025 ليس مجرد تاريخ في التقويم بل هو وعد بالعمل الجاد لتحقيق تطلعات الشعب وترجمة قصص المعاناة إلى إنجازات ملموسة تعكس حجم التضحيات التي قدمها الجنوبيون واليوم يتطلب الطريق نحو هذا العام خطوات واثقة ورؤية شاملة وإستراتيجيات تستجيب لإحتياجات الشعب وتعكس إرادته الحقيقية فالجنوب يكتب فصلاً جديداً من تاريخه فصلاً يليق بصمود شعبه وإصراره على بناء مستقبل مشرق يتجاوز المعاناة إلى حياة كريمة ومستقرة ..