المكلا(حضارم اليوم) خاص
دحض الصحافي “جهاد محسن” المعلومات المغلوطة التي أوردتها قناة “البي بي سي” في تقريرًا قالت أنه استقصائيًا بث مؤخرًا اتهمت فيهِ دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة الضلوع بصفية شخصيات سياسية في جنوب اليمن، مشيرًا إلى أن إختيار الشخصية الإصلاحية “إنصاف مايو” كمادة أساسية في تقريرًا ممولًا يأتي بعد تلقينه معلومات مضللة، وهذا ما يكشف بجلاء مدى السقوط المهني الذي وصلت إليه القناة بتسخير واقعة انفجار سيارة مفخخة نهاية العام 2015 بالقرب من مقر حزب الإصلاح بمنطقة كريتر بعدن، وتصوير الحادثة على أنها محاولة اغتيال لشخصية حزبية الهدف منها صناعة مادة إعلامية هزلية لأسباب سياسية، في محاولة بائسة لتشويه دولة الإمارات ودورها في مواجهة الإرهاب، وصرف أنظار الرأي العام المحلي والدولي عن حقيقة جرائم الاغتيالات التي ما أنفكت تنفذها جماعة (القاعدة وداعش) بحق الأشخاص والشخصيات السياسية والعسكرية الجنوبية.
كما كشف الصحافي العدني “جهاد محسن” عن الدور المريب الذي لعبته قناة (البي بي سي) عقب الغارات الأمريكية على منطقة (المعجلة) شرق اليمن عام 2009م وذلك عبر تكليف فريق حقوقي محلي زيارة المنطقة، والتركيز على تصوير شظايا الصواريخ الأمريكية (ومنشأها) لتقوم بعدها تسليم الصور لـ”منظمة العفو الدولية” كإثبات إدانة على أنها جرائم حرب ضد المدنيين تقوم بها الطائرات الأمريكية في اليمن، كما كشف أيضًا عن لقاء جمع مدير المحلق العسكري بالسفارة البريطانية في اليمن بـ(إنصاف مايو) أثناء ثورة إسقاط نظام صالح عام 2011م.
وإليكم ما قاله الصحافي جهاد محسن :
البي بي سي.. حبكة إعلامية رخيصة لا تمت بصلة إلى الأخلاق المهنية والبراهين الدامغة الهدف منها خدمة أجندة سياسية محضة، للأسف القيادي الإصلاحي (إنصاف مايو) بلع الطعم وصدق الأكذوبة التي حبكتها القناة البريطانية إنه كان مستهدف من عناصر ما يسمى بـ(مجموعة عمليات سبير) الإمريكية.
فالحقيقة التي يدركها القاصي والداني أن ما حدث مساء يوم الثلاثاء الموافق 29 ديسمبر 2015م كان هو انفجار لسيارة (نوع صالون) كانت تسير بسرعة قياسية ملغمة بأسلحة وقنابل ومتفجرات في طريقها بإتجاه البنك المركزي بالقرب من مقر فرع حزب الإصلاح اليمني بكريتر، وتم استهدافها من قبل نقطة أمنية مناط بها حراسة البنك بقذيفة (آر بي جي) للحد من وصولها إلى موقع البنك الذي كان وقتها محاط بسور أسمنتي كبير، وباحترازات أمنية مشددة، ما أدى إلى انفجار السيارة ونشوب حريق هائل فيها بفعل ما كانت تحمله من متفجرات، عند قرابة الساعة العاشرة من مساء يوم الثلاثاء للتاريخ المذكور، وهذا بحسب مصادر إعلامية وإفادات شهود عيان، وثقت وقتها، ولم يكن استهدافًا سياسيًا كما حاولت القناة محورته بما يتفق مع أهدافها غير المهنية.
يومها كان الزعيم الإصلاحي “إنصاف مايو” قد غادر مقر حزبه بمنطقة كريتر مبكرًا كالعادة، وكان دائمًا ما يتلقى اتصالات من قيادات حزبه (نحتفظ عن ذكر اسمائهم) وكذلك لطاقمه الإداري والإعلامي من باب النصح والحرص بعدم التواجد الدائم في مقرهم نظرًا للأوضاع الأمنية المضطربة التي كانت تعيشها عدن آنذاك، وتداعيات الفوضى التي أفرزتها مرحلة ما بعد حرب 2015م.
لكن قناة “البي بي سي” أردات توظيف هذه الواقعة كونها واقعة اغتيال سياسي، وجلعت من شخصية (مايو) محورها وأردا لهُ أن يلعبها دون أن يدرك هو شخصيا أنه تم استخدامه وتوظيفه في لعبة قذرة وخطيرة إلى هذا المستوى من التوظيف السياسي الذي وجد به نفسه يتحدث بإستغراب كمن سُرب له معلومات غير صحيحة، ولقن بها ليقولها دون معرفة الحقيقة التي يحيط بها، أو حتى إثبات صحة المزاعم (التمثيلية) التي تهرب ضابط البحرية الأمريكي السابق (إسحق جيلمور) عن مواجهتها، أمامه، لكون الأخير يعلم تمامًا أن كل ما قاله من إفادات هي محض إفتراء وتمويه، فهو لم يذكر في الأساس أي معلومة مؤكدة ذات دلالة تقود إلى الحقيقة المسلمة، وهو نفسه أيضًا لا يعلم ما نسب لهُ من قائمة بشخصيات سياسية ـ قيل ـ بأنها كانت مستهدفة في مهامه، والتي لم يسمي فيها أحدًا، بإستثناء ما ذكرته القناة على لسان مذيعتها بشكل استنتاجي عارض عن (أحمد الإدريسي) ورفاقه، وهي قضية لا علاقة لها بالاغتيالات السياسية المنظمة، كما أرد التقرير التفلزيوني تصويره على هذا النحو.
ولاسيما أنهُ وخلال الفترة المذكورة في تقرير القناة، ما بين 2015م وحتى 2017م كانت عدن تعيش أوضاعًا أمنية معقدة، هي أشبه بطوفان جارف كان الجميع من السكان المحليين يتوخون التجوال بأمان في شوارعها، إذ كان هناك توجدًا فعليًا لعناصر “تنظيم القاعدة” ببعض مناطق المدينة، فكيف لمجموعة غربية لاسيما أمريكية تتبع جهاز أمني يسمى بـ(مجموعة عمليات سبير) التجوال بحرية وسهولة مطلقة في أرجاء المدينة لتنفيذ مهام جسيمة كتصفيات جسدية لشخصيات سياسية، وجمع عنها المعلومات اللوجستية والإستخباراتية دون أي هواجس وكوابيس أمنية (وبتمويل مزعوم) !!.
إنصاف مايو فُصل اللباس بأكبر من مقاسه ولبسه دون أدنى دراية بتفاصيله، فقط تم إخباره بما ينبغي عليه أن يقوله، أو عليه تصديقه، فكان هو المحور “المتحور” في فصول ذلك التقرير المفبرك شكلًا ومضمونًا والذي أحتوى على الكثير من المغالطات والمعلومات المضللة، فـ(أنصاف مايو) يدرك جيدا أنه ليس بذلك المؤثر السياسي أو العسكري الذي قد يدفع دولة برمتها, أو سرية عسكرية دولية إلى اغتياله، لكنه أراد أن يتماهى مع الدور ليظهر بمظهر الضحية، وبناءً على معلومات سوقت لهُ الغاية منها تحقيق فرقعة إعلامية للإساءة إلى دولة الإمارات العربية المتحدة الحليفة الرئيسية في تحرير محافظات الجنوب من براثن الإرهاب والحوثيين، وتندرج ضمن أجندة سياسية دنيئة تحركها مكائدات ومناكفات دولية وإقليمية.
يبدو جليًا أن قناة “البي بي سي” لم تريد فقد تشويه دور الإمارات في مواجهة الإرهاب، وتصوير المشهد على أنه لا يغدو غير أفعال وجرائم سياسية، بل أردات أيضًا تشويه الدور الأمريكي الحليف في تدريب عناصر “جهاز مكافحة الإرهاب” وهو جهاز رسمي خاضع للحكومة اليمنية الشرعية، وذلك عبر الزج بنفر من الجنود الإمريكيين القدامى للحديث عن مهام مبهبة ومزعومة قالوا أنهم كانوا ينفذونها بحق شخصيات سياسية في جنوب اليمن، لم يثبتوا ماهيتها وهويتها، غير أقوال لا قرائن لها، وهي القناة نفسها التي أوكلت لفريق من منظمة حقوقية يمنية مستقلة (نتحفظ عن ذكر اسمها) مطلع العام 2010م الذهاب إلى منطقة المعجلة ـ شرق اليمن ـ إثر الغارات الإمريكية الخاطئة التي استهدفت المنطقة، في ديسمبر من عام 2009م، والتي راح ضحيتها في ذلكم التوقيت نحو عشر أسر كانت تقطن المنطقة، وطلبت حرفيًا من الفريق الميداني تصوير شظايا الصواريخ الأمريكية، والحرص على تحديد نوعها ومنشأها مع تقرير يتضمن التفاصيل الكاملة، وهي الصور التي سلمتها القناة البريطانية عقب ذلك لـ”منظمة العفو الدولية” لإدانة الولايات المتحدة الأمريكية بجرائم ضد المدنيين في اليمن، وقد كُنت شاهدًا على هذا التكليف الغريب والمريب.
ثمة أمر أخر يجهله الكثيرين من المتابعين هو اللقاء الذي جمع الشخصية الإخوانية “إنصاف مايو” بملحق الدفاع بالسفارة البريطانية بصنعاء العقيد روبرت بو لد تافت، بحضور نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي حاليًا الدكتور عبدالله العليمي، والذي كُنت أنا من رتبه في يوم الثلاثاء 22 نوفمبر 2011م، وتطرق اللقاء في ظاهره إلى دور الثورة السلمية بعدن في إسقاط نظام الرئيس علي عبدالله صالح، وهو اللقاء الذي علق يومها عليه مدير الملحق العسكري البريطاني، واصفُا “إنصاف” بالشخصية المتواضعة التي يمكن تطوعيها.