هناك نظرية تؤكد أنه لا يوجد إجماع بشأن معظم القضايا السياسية وربما الحياتية بصورة عامة.. وحين نجهد أنفسنا لتحقيق الإجماع في قضية سياسية ما فإننا بالنتيجة لا نصل إلى ذلك.الانتقالي الجنوبي هو الشكل السياسي الذي تخلق من ثنايا نضالات شعبنا الجنوبي العظيم، ومن الطبيعي أن تلازمه صعوبات ومعوقات ومحاولات تشكيك وعدم رضا وحالات تشويه وإساءة، إلا أنه في المحصلة النهائية يمثل الحامل السياسي لقضية شعبنا، استطاع خلال فترة زمنية قصيرة قطع شوط كبير على صعيد التوافق والتقارب مع مكونات سياسية عديدة، إذ إن حالة الاستعداء الفاضح للحق الجنوبي والاستهانة بدماء وتضحيات المقاومة الجنوبية على مدى سنوات مضت ولّدت شعوراً لدى كافة الأطياف الجنوبية بما تعتمل من تآمرات تستهدف ثني الجنوب عن تحقيق تطلعاته وبعث حالة خلط وفوضى جنوبية وتصدع في صفوف قواه السياسية كي تمثل تلك العوامل عائقاً أمام نضالات شعبنا في استعادة دولته.
فما تكشفت من حملات إعلامية واعتداءات عسكرية على الجنوب، ساهمت إلى حد كبير في تقارب القوى الجنوبية، وتلك الورقة ينبغي أن يجيد المجلس الانتقالي استخدامها وعدم تفويت مثل هذه الفرص السانحة.
خطوات الانتقالي لا شك كانت موفقة على مختلف الصعد، وعليه مواصلة رأب الصدع الداخلي والتقارب مع كافة القوى الوطنية، بالمقابل على تلك القوى تحديد موقفها السياسي مما يجري من عدوان على الجنوب.. فثمرة عملها السياسي على مدى سنوات خلت تتجدد في هذه الأثناء بمواقف فعلية وواضحة، وفكرة النأي بالنفس عما يجري لم تعد مقنعة أو مقبولة، لأنها في مثل هذه الظروف الدقيقة تشكل تخاذلا واضحا عن الحق. بمعنى أدق، المنعطفات الراهنة التي يمر بها الجنوب مصيرية، وفاعلية العمل السياسي المناط بالشعور الوطني هو السبيل لتشكيل الحضور الفاعل من أجل شعبنا وأرضنا، وعلى المجلس الانتقالي يقع عبء المضي باتجاه تحقيق تلاحم وطني يضع الجنوب في مقدمة نضالات شعبنا، ويعكس تطلعات وتضحيات عظيمة سطر ملاحمها أبناء شعبنا العظيم.