المكلا ( حضارم اليوم ) متابعات :
مسقط – تدرس سلطنة عمان خططا جديدة لإحلال المواطنين العمانيين محل العاملين الأجانب في الشركات التي تديرها الحكومة، وذلك في وقت بدأت تبرز فيه ملامح مقاربة جديدة لملف العمّال الأجانب في منطقة الخليج، كإحدى النتائج الجانبية لجائحة كورونا وما خلّفته من آثار على اقتصادات المنطقة التي جلبت في سنوات الوفرة المالية والبحبوحة الاجتماعية أعدادا كبيرة من هؤلاء العمال القادمين أساسا من بلدان آسيوية وأفريقية فقيرة، لكنّ تلك الأعداد لم تعد تناسب الأوضاع المستجدّة مع الجائحة، فضلا عن تزايد إقبال الشباب الخليجي على سوق العمل.
ولا تعتبر برامج إحلال المواطنين محلّ الأجانب في الوظائف ومناصب الشغل، جديدة على بلدان الخليج، حيث سبق أن وُضعت تحت مسميات مشتقّة من أسماء الدول الساعية إلى تنفيذها مثل “العومنة” و”السعودة” و”التكويت”، وقد تمّ الدفع بها في إطار هدف أشمل يتّصل بتعديل التركيبة السكانية عبر التحكّم في العدد الكبير للوافدين، لكنّها ظلت بطيئة التنفيذ ومؤجّلة في كثير من الأحيان حيث لم تتوفّر ظرفيات ضاغطة تعجّل بتنفيذها مثل الظرف القائم حاليا.
وخلال السنوات الأخيرة أصبحت الكويت بسكانها الذين يساوي عدد الوافدين منهم أكثر من ضعف عدد المواطنين، من أكثر بلدان الخليج سعيا لمعالجة خلل التركيبة السكانية، وصولا إلى إقرار قانون يؤطّر العملية ويضبطها الأمر الذي اقترب أخيرا من التحقّق على أرض الواقع بموافقة مجلس الأمّة (البرلمان) على مشروع قانون بشأن تنظيم التركيبة السكانية “بما يشمل معالجة اختلال التركيبة وضبط نسب العمال وتنظيم عملية وجودهم في البلاد على نحو لا يؤثر على الجانب الاقتصادي والاجتماعي والخدمي”.
وسيجبر التشريع الجديد، بحسب المطلعين على الشأن الكويتي، مئات الآلاف من العمال الأجانب على مغادرة الكويت، الأمر الذي سيطرح محاذير حقوقية كون الكثيرين ممن سيجبرون على المغادرة قضوا سنوات طويلة في خدمة البلد وأسسوا حياتهم على عملهم هناك ولن يكون توفير بدائل في بلدانهم الأصلية أمرا متاحا لأغلبهم.
لم تعد الظروف الاقتصادية والمالية لسلطنة عمان تسمح باستقبال المزيد من العمال الأجانب الذين يشكّلون بما يحولونه من أموال نحو بلدانهم الأصلية مصدر استنزاف لرصيد السلطنة من العُملة
لكن طرد الأجانب من الكويت أصبح موضع تنافس، بل وتكسّب سياسي من قبل العديد من النواب والسياسيين الكويتيين. ونُقل عن رئيس لجنة تنمية الموارد البشرية بمجلس الأمة الكويتي في مطلع يوليو، انتقاده للحكومة لعدم قيامها بما يكفي، وحثها على “تطهير” الوظائف الحكومية من الوافدين وترحيل 500 ألف عامل من ذوي الأجور المنخفضة.
واستجابت الحكومة وأصدرت في نهاية شهر أغسطس الماضي مرسوما يأمر أولئك الذين تزيد أعمارهم عن 60 سنة وليست لهم شهادة تعليم عال بالخروج من البلاد بحلول نهاية العام. وقدّر عدد المهاجرين المتأثرين بهذا القرار بـ150 ألفا عمل الكثير منهم في البلاد طيلة عقود.
وتراقب العديد من الدول المصدّرة لليد العاملة نحو منطقة الخليج، باهتمام تطوّر المعالجات الخليجية لملف العمال الأجانب، حيث يمثّل عمّال تلك البلدان في الخارج مصدر دخل إضافي من العملة الصعبة، كما هي الحال بالنسبة لمصر التي يعمل عدد كبير من مواطنيها في بلدان الخليج، بينهم أكثر من 670 ألف فرد في الكويت وحدها.
وفي قطر التي يوجد على أراضيها أكثر من مليوني عامل وافد جلب أغلبهم خلال السنوات الأخيرة بشكل سريع لاستخدامهم في المشاريع الضخمة لإقامة منشآت كأس العالم في كرة القدم 2022، وعلى الرغم من الثراء الاستثنائي للدولة بعوائد الغاز الطبيعي، إلاّ أنّها واجهت مشاكل في إدارة ملف هؤلاء الأجانب على أرضها وظهر عليها الارتباك من خلال الكثير من التقارير الصحافية والحقوقية التي تحدثّت عن فشل السلطات القطرية في حماية الحقوق الأساسية لهؤلاء العمال من غذاء وسكن ورعاية صحية، بل إنّها لم تستطع حتى ضمان حقوقهم المالية من خلال تمكينهم من رواتبهم بانتظام ووفقا لما تنصّ عليه عقودهم التي جلبوا على أساسها من بلدانهم الأصلية.
وتتوقّع دوائر اقتصادية وحقوقية أن تشهد قطر خلال الفترة القادمة، ومع قرب اكتمال مشاريع كأس العالم وانطلاق النهائيات أكبر عملية ترحيل للأجانب وذلك لانتفاء الحاجة إلى غالبيتهم.
وفي سلطنة عمان لم تعد الظروف الاقتصادية والمالية للسلطنة تسمح باستقبال المزيد من العمال الأجانب الذين يشكّلون بما يحولونه من أموال نحو بلدانهم الأصلية مصدر استنزاف لرصيد السلطنة من العُملة.
وتتّجه السلطنة بفعل الضغط المسلّط على موازنتها بسبب جائحة كورونا وتراجع أسعار النفط إلى الدين الخارجي لسدّ عجزها.
وقالت وكالة الأنباء العمانية الرسمية، الأربعاء، إن وزير العمل محاد بن سعيد باعوين بحث خططا لإحلال المواطنين العمانيين محل العاملين الأجانب في الشركات التي تديرها الحكومة.
وعقدت الوزارة بالتعاون مع جهاز الاستثمار العُماني لقاء مع الرؤساء التنفيذيين بالشركات الحكومية نوقشت خلاله خطط الإحلال وأولوية توظيف العمانيين في المهن القيادية والإشرافية في الشركات الحكومية.
وتم خلال اللقاء استعراض سبل التعاون بين وزارة العمل والشركات الحكومية لتعزيز الإنتاجية ودعم تشغيل القوى العاملة الوطنية في جميع المستويات بشكل عام والاختصاصيين والفنيين بشكل خاص وبما يضمن تحقيق رؤية عُمان 2040.
وبحسب وسائل إعلام محلية عمانية، فقد أبدى المسؤولون بالشركات الحكومية استعدادهم لتقديم خطط الإحلال ومتابعة تنفيذها بشكل حثيث لضمان توفير فرص عمل للقوى العاملة الوطنية والإسهام في استقرارها ودعم وتنمية وتنظيم سوق العمل.