( حضارم اليوم ) متابعات :
سياسة توسع تركية تقوض الأمن بالمنطقة
أربيل (العراق) – قالت مصادر سياسية كردية إن العملية التركية الواسعة في شمال العراق لم تكن لتجري دون تسهيلات من الأحزاب الكردية، وفي مقدمتها الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود البارزاني، على الرغم من التنديد الشديد من قبل الحكومة العراقية، إذ استدعت الخارجية العراقية للمرة الثانية، خلال 36 ساعة، السفير التركي في بغداد فاتح يلدز للاحتجاج.
وتشير المصادر إلى أن السلطات الكردية تبحث عن وسيلة لحماية مصالحها مع دول عربية في الوقت الذي تروج فيه تركيا أخبارا تفيد بأن حزب العمال الكردستاني يتلقى دعما من دول على خط تقاطع بالمسارات مع أنقرة، خصوصا بعد الأنباء التي تشير إلى قيام تركيا ببناء قواعد عسكرية في شمال العراق.
وقالت مصادر محلية إن سلطات إقليم كردستان العراق المرتبطة بالبارزاني تمارس الصمت إلى حد الآن حيال العملية العسكرية التركية، بينما تطارد حوالات مالية موجهة لدعم حزب العمال الكردستاني المعارض.
وقال المحلل السياسي العراقي الكردي هوشيار مالو إن “تركيا تخالف القانون الدولي في مقابل موقف خجول من الحكومة العراقية” إزاء الضربات الجوية الأولى، وهو الموقف الذي لم يمنع عملية بريّة.
وقال مسؤول تركي إن بلاده تعتزم إقامة المزيد من القواعد العسكرية المؤقتة في شمال العراق بعد أن كثفت ضرباتها على المقاتلين الأكراد هناك، مشيرا إلى أن هذه الجهود ستضمن أمن الحدود.
وكانت “العرب” قد كشفت عن زيارة سرية أداها رئيس المخابرات التركية هاكان فيدان إلى بغداد الأسبوع الماضي، التقى خلالها عددا من المسؤولين العراقيين.
وكشفت المصادر أن الحكومة العراقية من جانبها رفضت الإعلان عن زيارة المسؤول التركي، كما رفضت منح أنقرة أي ضمانات اقتصادية أو عسكرية.
وأقرت تركيا باستخدام طائرات F16 وراجمات الصواريخ والمدفعية في عمليتها المستمرة منذ ثلاثة أيام في شمال العراق، فيما قال نواب في البرلمان العراقي إن الطيران التركي توغل بعمق 200 كلم داخل الأراضي العراقية في تطور غير مسبوق.
وقال الباحث عادل بكوان “لا يمكن تصور دخول القوات التركية دون تعاون فعلي من السلطات الكردية العراقية”.
وتحتفظ تركيا بأكثر من عشرة مواقع عسكرية منذ عام 1995 داخل الأراضي العراقية في محافظة دهوك.
لكن اليوم، وفي سياق سياسي متوتر، فإن رجب طيب أردوغان يعتبر العراق أحد الأسس التي يعيد فيها تأكيد القوة التركية وفق إستراتيجية توسع يسعى إليها الرئيس التركي.
ويوضح بكوان أن أنقرة “ملتزمة بشدة في سوريا وليبيا، وترغب في أن تكون كذلك في اليمن. وخطتها هي تقديم نفسها كقوة أساسية في نزاعات الشرق الأوسط، والعراق جزء من ذلك”.
وقالت الخارجية العراقية الخميس إنها استدعت السفير التركي في العراق “مجددا”، وسلمته “مذكرة احتجاج شديدة اللهجة”، داعية بلاده إلى “الكف عن مثل هذه الأفعال الاستفزازية”.
وكانت الخارجية العراقية استدعت فاتح يلدز الثلاثاء وسلمته مذكرة احتجاج على “خروقات سابقة ارتكبها الطيران التركي، وبمقتضى السياقات الدبلوماسية يفترض أن السفير قد نقل المذكرة إلى حكومته، وأبلغها بفحوى الاجتماع”.
وعبرت الوزارة عن استنكارها “بأشد عبارات الاستنكار والشجب معاودة القوات التركيّة يوم 17 يونيو الجاري انتهاك حرمة البلاد وسيادتها بقصف ومهاجمة أهداف داخل حدودنا الدولية”.
وأكدت رفضها “القاطع لهذه الانتهاكات التي تخالف المواثيق والقوانين الدولية”، مشددة على “ضرورة التزام الجانب التركي بإيقاف القصف، وسحب قواته المعتدية من الأراضي العراقية التي توغلت فيها ومن أماكن تواجدها في معسكر بعشيقة وغيرها”.
ووفقا للحكومة العراقية، فإن “تركيا كانت السبب في زيادة اختلال الأمن بالمنطقة الحدودية المشتركة فيما بيننا؛ إذ تسببت مبادرة السلام التي اعتمدتها مع حزب العمال الكردستاني عام 2013 بتوطين الكثير من عناصر هذا الحزب التركي داخل الأراضي العراقية من دون موافقة أو التشاور مع العراق؛ مما دعانا إلى الاحتجاج حينها لدى مجلس الأمن”.
ودعت بغداد الحكومة التركية لأن “تستمع إلى صوت الحكمة، وتضع حدا لهذه الاعتداءات”، مؤكدة “احتفاظ العراق بحقوقه المشروعة في اتخاذ الإجراءات كافة التي من شأنها حماية سيادته وسلامة شعبه بما فيها الطلب إلى مجلس الأمن والمنظمات الإقليمية والدولية على النهوض بمسؤوليتها”.
ولاقت العملية التركية في شمال العراق إدانة عربية إذ استنكرت دولة الإمارات التدخلات العسكرية التركية والإيرانية في العراق المتمثلة في قصف مناطق في شمال العراق، مما شكل انتهاكا لسيادة دولة عربية شقيقة ولمبادئ القانون الدولي.
وأكدت وزارة الخارجية الإماراتية في بيان الخميس على موقف دولة الإمارات الثابت والراسخ الرافض لكافة التدخلات في شؤون الدول العربية وحرصها على ضرورة احترام سيادة العراق الشقيق، ومراعاة مبادئ حسن الجوار والكف عن كل ما يهدد الاستقرار والأمن والسلام في المنطقة.
وأعربت السعودية الخميس عن إدانتها للعدوان التركي والإيراني على الأراضي العراقية، مؤكدة وقوفها إلى جانب بغداد في ما تتخذه من إجراءات لحفظ سيادتها وأمنها واستقرارها.
وترافقت الغارات الجوية مع عمليات اجتياح بري وإنزال مقاتلين في مواقع مختلفة داخل الأراضي العراقية، لمطاردة عناصر حزب العمال الكردستاني.
ويوم الخميس، قالت وسائل إعلام إن القوات المسلحة التركية دمرت أكثر من 500 هدف تابع لحزب العمال الكردستاني، “خلال أول 36 ساعة من عملية مخلب النمر التي انطلقت بمنطقة حفتانين شمالي العراق”.
وتولي تركيا هذه العمليةَ اهتماما بالغا، إذ تجري متابعتها من قبل قيادات الجيش “لحظة بلحظة من مركز العمليات في قيادة القوات البرية، بمشاركة وزير الدفاع خلوصي أكار، ورئيس الأركان يشار غولر”.