المجلس الإنتقالي الجنوبي يقوم بأخطر و أهم تحدي منذ تأسيسه، عندما تبنى الإدارة الذاتية، و قرر خوض أشرس المعارك في أبين وشبوة لإنهاء سيطرة الإصلاح الإخواني على جزء من المحافظات الجنوبية.
يجب بعد مرور خمس سنوات أن تعي الرياض حقيقة الشرعية،وأن بيت الأحمر والإصلاح يشكلان الخطر الأكبر على المنطقة برمتها.
الحرب ليست بين الانتقالي والشرعيه ؛لأن هناك اطراف في الشرعيه غير مشاركة،الحرب بين طرف معتدي هو حزب الاصلاح والقاعده وداعش (شماليين وجنوبيين) وطرف مدافع عن كرامته هو الانتقالي الجنوبي ومن معه من احرار الجنوب.
لا ريب أن عدم التزام الشرعية بتنفيذ إتفاقية الرياض و عدم تسخير آلياتها الحكومية في خدمةأهل الجنوب و العمل على إنقاذ عدن التي اجتاحتها الاوبئة القاتلة وصار مواطنوها على قارعة الفقر والمرض والحرمان والموت المحقق ومثلها بقية المحافظات الحنوبية ،و ان تستغل مرارة الوضع وتفتح جبهات قتال وتشعل حروبا خدمة لمصالحها ومصالح التنظيمات الإرهابية لتمكينهم من السيطرة على الجنوب وارضه وثرواته وموقعه الإستراتيجي أدت الى القرار التاريخي للإنتقالي في فرض الإدارة الذاتية و الدخول في مواجهة عسكرية ضد قوات الإصلاح.
فما هي الأبعاد العسكرية والإستراتيجية لهاته المعارك التي لا تزال تدور رحاها إلى حدود كتابة هاته السطور؟.
بالنسبة لقوات الإصلاح الإرهابية المبادرة بالهجوم يمكن حصر هدفها من التحرك على ثلاثة مستويات :
- المبادرة بالهجوم تثبت قدرتهم كطرف قادر على الفعل أمام جهات التمويل القديمة (قطر.. استراتيجيتها إطالة الحرب في اليمن لانهاك الوجود السعودي الإماراتي ) و الجديدة (تركيا الطامحة لدور استراتيجي أكبر في البحر العربي)
- تشديد الخناق على عدن لشتيت جهود الانتقالي و منعه من أحداث أي استقرار وتنمية فيها(رهان مستمر منذ ٢٠١٥).
- تطويق قوات الانتقالي في أبين عن طريق عزلها عن أي إمدادات قادمة من عدن .
بالنسبة للإنتقالي :
- تأمين أوسع مساحة في قطاع عدن – أبين ، عن طريق إزالة التهديد الذي تشكله قوات هادي المتواجدة في نقاط التمركز الحاكمة وخاصة (شقرة – قرن الكلاسي) .
- مراكمة رصيد المكاسب بعد السيطرة سقطرى ، و تأمين التحركات باتجاه شبوة
- استثمار الموقف الناتج عن انجرار الطرف الآخر لتفجير الموقف لشد الأطراف الإقليمية والدولية نحو إجراءات واقعية أكثر لصالح قضية الجنوب .
من وجهة نظري يصعب الجزم بوجود مباركة سعودية ، مازالت في مرحلة “اختزان الموقف” خوفا من انفجار كامل للازمة ،مما يزيد من سوء وضعها الحالي ، لكن نتيجة الموقف سوف تبين هل هي مازالت في مرحلة الاحتواء أو هناك تغيير إيجابي باتجاه اعتماد المشروع الجنوبي ضمن استراتيجيتها للأمن .
بفعل نتيجة يوم أمس العسكربة،يجب أن تكون بمثابة حافز بل وضرورة لدى مدراء ومسئولي أجهزة الادارات الحكومية للتعاطي بايحابية أكبر مع مشروع الانتقالي الخاص بالإدارة الذاتية .إذ لا يجب أن تثني إشعال الحرب المجلس الإنتقالي على المضي قدما في إدارة الجنوب و تحقيق تطلعات و انتظارات الشعب الجنوبي .
نجاح هذه الحملة العسكرية ضد قوات الشرعية المسيطر عليها من قبل الاخوان من شأنه ان يقوي موقع الانتقالي في المعادلة الحالية اذا حقق انتصرات ميدانية و يعطي بعدا جديدا لمساعيه في فك الارتباط.
غير ان تخوفي ان دول التحالف و في مقدمتهاالسعودية اضافة الى الامم المتحدة نظرا لانشغال العالم بتفشي فيروس الكورونا،قد يطيل من المدة الزمنية قبل تحقيق تقدم إيجابي يعيد الأمل إلى الشعب الجنوبي في فك الإرتباط.
اعتبر ان هادي خارج اللعبة،و ان جماعة الاصلاح في الشرعية لها تأثير قوي على اتخاذ قرارات من هذا القبيل للحفاظ على مصالحها الاستراتيحية في الجنوب…لذلك طرد قوات الاصلاح يعني نهايته
انه اخطر تحدي يقوم به الانتقالي منذ تأسيسه هذا التحدي يجب ان يعرف طريقه الى النجاح لانه في اعتقادي بداية الطريق و أول خطوة نحو الحكم الذاتي و من ثم إعلان الدولة الجنوبية.
باختصار يجب التمسك بالتفاؤل الحذر ، فالمعركة السياسية والديبلوماسية والعسكرية لا تزال مستمرة