الرئيسية / أخبار عربية ودولية / موسكو تبحث عن تقليص النفوذ الإيراني في سوريا باتباع “الحسنى” تجنبا لصدام سياسي

موسكو تبحث عن تقليص النفوذ الإيراني في سوريا باتباع “الحسنى” تجنبا لصدام سياسي

…. ( حضارم اليوم ) إرم

مع تقليص رقعة الجبهات على الساحة السورية، وانكفاء المعارضة السورية المسلحة في آخر معاقلها شمال غرب سوريا، وتحديدا محافظة إدلب، بات النفوذ الإيراني المتشعب في البلاد يشكل عبئا لموسكو التي تجد صعوبة، بحسب خبراء، في المواءمة بين المطالب التركية والطموحات الإيرانية في الميدان السوري.

وأبرمت موسكو عدة اتفاقات مع الجانب التركي بشأن الملف السوري، غير أن ذلك لم يلقَ قبولا تاما من إيران، التي تطمح للبقاء في سوريا، على اعتبار أنها جاءت بطلب رسمي من الحكومة السورية، على عكس تركيا مثلا التي تطالبها طهران ودمشق بمغادرة الأرض السورية، وهو ما عبر عنه الرئيس السوري بشار الأسد خلال لقائه الأسبوع الماضي، في دمشق، وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، في رسالة معلنة لطمأنة الحليف التقليدي إيران من أن دمشق لا توافق على التعاون بين موسكو وأنقرة بشأن سوريا.

ومن الواضح أن موسكو بدأت تشعر بأن الوجود الإيراني يشكل عائقا أمام خططها السياسية لما بعد الحرب في سوريا، ومحاولات إعادة دمشق إلى الحظيرة الدولية، لكنها لا تقوى على إنهاء هذا الوجود “بوصفة سحرية”، فما يربط بين دمشق وطهران، من حلف وثيق يعود إلى بداية انتصار ما سمي بالثورة الإسلامية في إيران التي قادها الخميني عام 1979، يفوق قدرات الدب الروسي على تفكيكه وإنهائه.

ووفقا لمراقبين، فإن موسكو شرعت في البحث عن “خطط بلا أنياب” تقلص النفوذ الإيراني في البلاد تدريجيا، وتتيح لها تطبيق تصورها للحل السوري بحيث يلقى قبولا من الغرب، وخصوصا واشنطن، التي تشترط أي انخراط جدي لها في الملف السوري وإعادة الإعمار، وتأهيل النظام، بفك الارتباط بين دمشق وطهران.

وفي هذا السياق، كشفت صحيفة “ذا ناشيونال” في تقرير عن قبول قيادي في ميليشيا “فاطميون” التابعة للحرس الثوري الإيراني عرضاً من موسكو لتدريب وتسليح عناصر الميليشيا بشكل خاص.

وقال التقرير: إن القيادي في ميليشيا “فاطميون” عبد الله صلاحي تلقى عرضاً من ضابط روسي مقرب منه وهو العقيد ألكسندر دفورنيكوف لدعم عناصره عسكرياً ولوجستياً.

وأظهر التقرير العلاقة القوية التي تربط بين صلاحي وقادة من الجيش الروسي، والتي يعود تاريخها إلى معارك البادية السورية ضد تنظيم داعش عام 2016، حيث برز القيادي الإيراني أثناء المعارك التي شنتها قوات النظام وحلفاؤه الروس على تنظيم “داعش” في منطقة تدمر وسط سوريا.

ويشير التقرير إلى أن صلاحي يقوم بزيارات متكررة للمقار الروسية في سوريا، ذلك أن الروس ليس لديهم إذن بدخول مقرات “لواء فاطميون”؛ لأن الإيرانيين لديهم مخبرون وجواسيس بين صفوف هذه الميليشيات وغيرها.

ووفقا للتقرير، فإن دوافع هذا العرض الروسي النادر هو رغبة موسكو بتقليص النفوذ الإيراني في سوريا بطريقة غير صدامية، من خلال جذب المجموعات المدعومة من قبل الحرس الثوري وضمها إلى القوات التي يدربها ويسلحها.

وأكد التقرير نجاح المساعي الروسية بضرب الشبكات الإيرانية في المنطقة من خلال علاقات خاصة مع قياديين من هذه الشبكات، الأمر الذي قد يغير من ديناميكيات الحرب في عامها العاشر ويشعل صراع النفوذ بين موسكو وطهران، لكن من المستبعد أن تصل للصراع العسكري المباشر.

واستشهد التقرير بالصور التي نشرت لوحدة “فيصل العباس” التابعة للقيادي عبد الله صلاحي جنباً إلى جنب مع القوات الخاصة الروسية وهي تحمل سلاحاً روسياً، واعتبرتها دليلاً على نجاح السياسة الروسية في زعزعة كيان القوات الإيرانية من جهة، وفشلاً إيرانياً في المحافظة على نفوذها وحلفائها في المنطقة من جهة أخرى.

ويقود صلاحي، بحسب التقرير، مجموعة باسم “فيصل العباس” تابعة للواء ”فاطميون”، وتضم نحو (500) عنصر وتتخذ من مدينة دير الزور مقراً لها.

وهذه المحاولة الروسية في استقطاب قادة الميليشيات الإيرانية تمثل واحدة من أولى الحالات الناجحة الموثقة لروسيا التي تجذب مجموعة من القوات المدعومة من الحرس الثوري الإيراني إلى مدارها منذ التدخل في الصراع في سبتمبر 2015 .

وكان الحرس الثوري الإيراني استقدم ميليشيا “لواء فاطميون” إلى سوريا إلى جانب ميليشيات عراقية وباكستانية، ويقدر عدد عناصر ميليشيا “لواء فاطميون” في سوريا بـ(3000) عنصر، معظمهم متمركزون في مناطق سيطرة النظام بمحافظة دير الزور، إضافة إلى مدينتي تدمر والسخنة ومواقع أخرى في بادية الشام.

ويتألف “لواء فاطميون” من مجموعة من اللاجئين الشيعة الأفغان في إيران من طائفة الهزارة، وقد لعبت دورًا متزايدًا في استراتيجية الحرس الثوري الإيراني في سوريا، إذ انضم الآلاف من الهزارة إلى القتال في الحرب الأهلية في البلاد، غالبًا بوعد بإقامة دائمة في إيران، واتبع آخرون ببساطة الدعوة للمساعدة في الدفاع عن الأضرحة الشيعية في سوريا.

وتشير تقارير إلى أن هناك قلقا واسعا في صفوف ميليشيات الحرس الثوري، بعد مقتل قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري قاسم سليماني بغارة أمريكية في 3 كانون الثاني/ يناير الماضي بالقرب من مطار بغداد.

ويشار كذلك إلى أن الميليشيات التي ظلت حتى الآن موالية بشدة للحرس الثوري الإيراني الذي أنشأه، تواجه الآن انقسامات غير مسبوقة، لعل أبرزها محاولات الصلاحي الذي يبتعد شيئا فشيئا عن طهران، ليتقرب من موسكو.

وفي سياق الخطوات الروسية المرنة ضد الوجود الإيراني، قال المرصد السوري لحقوق الإنسان، السبت، إن القوات الروسية المتواجدة في مدينة الميادين بريف دير الزور الشرقي عمدت إلى إزالة كافة الرايات واللافتات التابعة للميليشيات الإيرانية ضمن منطقة شارع الكورنيش ودوار البلعوم بالمدينة، فيما أبقت على العلم السوري المعترف به دولياً بالإضافة لوضعها صوراً للرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونصب العلم الروسي بجانبه.

ونقل المرصد عن مصادر محلية قولها إن طمس كل ما يرمز إلى الوجود الإيراني في تلك المنطقة سببه قدوم فريق إعلامي روسي لإجراء جولة مصورة بالمنطقة، في محاولة من قبل القوات الروسية لإظهار المنطقة خالية من أي تواجد للميليشيات الإيرانية والمسلحين الموالين لها، أقله “إعلامياً”.

علاوة على ذلك، فإن الإعلام الروسي بدأ يقلل، في الآونة الأخيرة، من حجم وجود الخلايا النائمة لداعش في منطقة دير الزور والبادية، وهي محاولة روسية لسحب الذريعة من إيران التي تقول إن تواجد ميليشياتها في تلك المنطقة هو لمواجهة بقايا تنظيم داعش.

شارك الخبر

شاهد أيضاً

الرئيس الروسي يعلن عن هدنة في أوكرانيا

المكلا (حضارم اليوم) متابعات أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اليوم السبت عن هدنة في النزاع …