ومن وسط نارٍ لا تهدأ، خرج قائدٌ يُشبه المرحلة، ويتجاوزها أحيانًا.
في مكانٍ محاطٍ بالألغام من كل جهة؛ ألغام قبلية، وأخرى سياسية، وثالثة أمنية، يتطلب الأمر أكثر من مجرد قائد.. يتطلب رجلًا يُجيد السير على الحافة دون أن يسقط، ويمسك الجمر دون أن يحترق.
وهذا بالضبط ما يفعله العميد حمد المعاري قائد قوة حماية الشركات، فهو نسخة نادرة في زمن الندرة.
زملاؤه يشهدون له بالحضور الدائم والقرار الحكيم، بالحزم في المواقف الصعبة، وبالمرونة حين تتطلب الأزمات حلولًا مجتمعية. صنع من قوة حماية الشركات نموذجًا للانضباط والاحترام، ليس فقط في نظر الشركات والعاملين فيها، بل حتى في نظر المجتمع المحيط بها.
قيادة قوة حماية الشركات ليست مجرد وظيفة، من يفهم كواليس هذه المهمة يدرك أنها مهمة تشبه تفكيك عبوة ناسفة كل يوم، بل مهمة في فوهة بركان وحقل ألغام لا ينفجر بذكاء من يجيد المشي فوقه.
عمال يحتجون، نزعات قبلية، مصالح تتقاطع، مطالب شعبية وشركات تبحث عن الأمان.
لكن القائد الذي يجمع بين “العُرف العسكري” و”العُرف القبلي” و”الحكمة السياسية”، ونظافة اليد وفطنة قائد، استطاع أن يجنّب هذا المكان كثيرًا من الانفجارات منذ 10 سنوات، لا في النفط.. بل في الناس!
من يعرفه يصفه بأنه: “يتواجد قبل أن يُطلب، لا يعلو صوته، بل يعلو فعله”.
ومن لم يعرفه، يكفي أن ينظر إلى الموقع الذي يقوده، في أكثر البقع صخبًا.
هو رجل فرض احترامه على قيادته والشركات، وعلى المجتمع، وعلى زملائه. ليس بشيء سوى بعمله، بحضوره، بحكمته، بصراحته.
خلق توازنًا نادرًا، وثبّت حضور الدولة في مكانٍ هددته الفوضى وتهدده.
في زمنٍ اختلطت فيه الأمور، ما أحوجنا إلى قادة يُشبهونه، قادة يُطفئون النار لا بالضجيج، بل بالحكمة والقوة.
تحية لك يا بو عمر، الذي يعيد تعريف المسؤولية. ولعلنا بحاجة اليوم لنرفع له القبعات، لأنه لم يكن مجرد قائد ميداني فقط، بل عقلًا حكيمًا وسط نيران لا تنطفئ، وصوتًا للعقل حين خفتت كل الأصوات أو انطفأت.
ومن أمثاله نصنع الأمل.
هشام كرامه الجابري
حضارم اليوم صحيفة حضرمية