إعداد/ د. أمين العلياني
- خلفيات الخطاب:
- يُلقى الخطاب في ظل انقسامات داخلية في حضرموت بين أنصار المشروع الجنوبي وهم الأغلبية، وتحلفات بين كيانات قبلية وحزبية مؤتمرية واخوانية مع وضعف المجلس الرئاسي بالضغيف في تحقيق مكاسب لحضرموت، مما يراه المقدم بن حبريش هو السبب في تصاعد المطالبات المحلية بالحكم الذاتي لحضرموت.
- بن حبريش يتحدث باسم “حلف قبائل حضرموت” ولم يعترف بوجود انشقاقات واضحة داخل الحلف، مما جعل موقفه حول شرعيته ومدى تمثيله الفعلي للحضارم غير كافي رغم قوله إن الاشقاء بالسعودية قدموا له عدة دعوات واشترطوا عليه أننا لا نتعامل مع أي مكون الا وكل حضرموت مجمعة عليه بكل كياناتها وتحت سقف واحد.
- الأبعاد السياسية والأيديولوجية في الخطاب،التأكيد على أن حضرموت “لا يمثلها إلا أبناؤها”، وأبناءها ليس هم مع ما يقول ولا مع المشروع الذي يدعو له وهو بلا هياكل تنظيمية ولا هدف واحد يجمع كل الحضارم، وهذا ويعد استبعاد قناعات الحضارم الآخرين الذي لم يكونوا معه فيما يدعو ظاهريا أنه حكم ذاتي لحضرموت وبالباطن إعاقة المشروع الجنوبي الداعي إلى الاستقلال.
- في خطابه حمل دعوة رفض الأحزاب السياسية، لكنه وجه كلامه صريحا إلى (المجلس الانتقالي، المؤتمر الشعبي العام) وهو يقصد الأشخاص من باب المناكفة الموجهة للانتقاليين بمحافظة حضرموت والمؤتمرين الذي يلمح بكلامه إلى المحافظ والا لماذا تجاهل متعمدا للإخوان المسلمين في الوادي، وهذا ما يشير إلى تحيزه إلى أجندات سياسية محددة يحاول يخفيها.
- الهجوم على المجلس الرئاسي والمجلس الانتقالي رغم اختلاف مشروعهما السياسي: فاتهام المجلس الرئاسي من باب التعميم وهو يقصد المجلس الانتقالي بعدم تقديم أي إنجازات لحضرموت خلال 8 أشهر.
- اتهام عيدروس الزبيدي بالتواطؤ مع رشاد العليمي في عدم الاهتمام بحضرموت وذلك اتهام أخر من أن الرئيس الزبيدي لما زار حضرموت التقى بالمحافظ الذي يصفه بالمؤتمري وهو يظن اللقاء تعزيزا لبن ماضي على حساب مكانته كوكيل اول ونسي أن الرئيس الزبيدي نائب مجلس القيادة يتعامل مع الجهات الرسمية العليا، وعلى وفق ذلك اثار الموقف غضبه مما جعله يوصف خطاب الرئيس الزبيدي بـ “التهديد لأبناء حضرموت وهو اتهام كاذب وهذا الاتهام للرئيس الزبيدي تحريضي لشخصية اعتبارية بالدولة يحق له توقيفه من مكانته التنفيذية بالمحافظة لكن بن حبريش أعلن اتهامه للرئيس الزبيدي، لتحقيق تعاطف شعبي، دون تقديم أدلة واضحة متناسيا أن الشخصيات التي تمثل مشاريع سياسية يجب أن تكون مسؤولة على ما تتحدث به وتقول.
- في خطابه مطالبة بتشكيل قوات عسكرية وأمنية تابعة للحلف وهذا فيه تناقضات وإغفالات لمناصريه متعمدة لأن الدعوة إلى تجنيد عسكري حضرمي مدعوم كما يزعم سعوديًا فهذا بحد ذاته إساءة للمملكة العربية السعودية راعية التحالف العربي من شخص قبلي يتكلم بخطاب عاطفي هوياتي ارتجالي غير مدرك للعواقب من خلال المطالبة بقوات محلية بدعوى حماية حضرموت، مع تجاهل قوات “النخبة الحضرمية” و”درع الوطن” وهذا استغفال لمناصريه وتهييج عواطفهم بهدف إيصال إلى السعودية رسالة تهديد مبطنة، يا منحتوني قوة يا غلقت الطرقات الشركات، لأن أي تشكيل عسكري جديد يولد إشكالية في التوازن العسكري لجهود التحالف العربي وكأنه يقول أن “النخبة الحضرمية” و”درع الوطن” لا تمثل التحالف وانما تمثل الزبيدي والعليمي ومن خطابه هذا ارسل رسالة استفزازية غير محمودة له بالذات إلى راعية التحالف العربي.
- في خطابه تجاهل المطالبة بخروج القوات الشمالية في المنطقة العسكرية الأولى التي هي مرابطة في وادي حضرموت والمفروض تنقل على وفق اتفاقيات نقل السلطة للمجلس الرئاسي برعاية التحالف العربي ومجلس التعاون الخليجي التي كانت الورقة التي تجعله أمام أنصاره قويًا لكن تجاهله لتلك القوات الشمالية في وادي حضرموت ولم يُشر إلى وجودها أو خطورتها على ثروات حضرموت، مما قد يوحي بتجاهل متعمد لتهديد رئيسي للتحالف والسلطة المعترف بها التحالف لصالح خطاب هوياتي أضعف موقفه وجعله مجرد شخصية قبلية لا ترتقي إلى مستوى الحليف.
- الإغفالات السياسية والشرعية من حيث:
- في خطابه تجاهل النائب البحسني (الممثل الشرعي لحضرموت في المجلس الرئاسي) بصورة واضحة مما يُظهر هذا إستراتيجية لـ “تجاوز الشرعية برمتها” وطرح بن حبريش نفسه كبديل، مما يثير تساؤلات حول نواياه الحقيقية.
- ولخلفية هذا التجاوز يظن أنه يرسل رسالة تلميح في خطابه إلى قوى الشمال والمنطقة العسكرية الاولى من أنه مع اليمن الاتحادي وأنه يستخدم خطابه “الحضرمي الخالص”، والمطالبة بالحكم الذاتي فقط لكسب الانصار وهو بالحقيقة يُضمر نية التحالف مع قوى اليمن الاتحادي التي هي (معادية للمشروع الجنوبي)، مما يكشف تناقضًا في خطابه.
- الدور السعودي: ذكر في خطابه قائلًا: تلقينا وعودًا صادقة من الإخوة في السعودية بالتجنيد وحل المشاكل وتفهم كبير لا يمكن الإفصاح عن بعضها الان” وهذا يطرح عدة تساؤلات:
- هل السعودية تدعم جهات خارج إطار المجلس الرئاسي الذي ترعاه رسميًا؟
- إذا كان الأمر كذلك، فهل هذا يعني أن الرياض تتبع سياسة “فرق تسد” في الجنوب؟ من جهة وتربك عمل المجلس الرئاسي الحكومة الشرعية في خلق كثير من المشاكل وخاصة التي تعيق ملف الكهرباء وغيرها من أخرى.
- في خطابه أراد أن يظهر بأن المملكة العربية السعودية صاحبة الثقل الداعم لجهود المجلس الرئاسي والحكومة المعترف بها دوليا – تتعامل بسياسة متناقضة من خلال:
- كيف توفق السعودية بين دعمها الرسمي للمجلس الرئاسي وحكومته الشرعية المعترف بها دوليا ويتهم المجلس الرئاسي وحكومته بأنها فاشلة وبين تعامل السعودية معه كشخصية ناجحة وغير شرعي وهو يرفض هذه الشرعية اساسا وهذه إساءة لراعية التحالف العربي في خطابه؟ فهل اذا كان يرى بالسعودية ترى الفشل بالمجلس الرئاسي وحكومته وتحب تتعامل مع أبناء حضرموت بالاجدر تتعامل مع محافظ المحافظة الشرعي ومع بن حبريش كوكيل اول بالسلطة المحلية لا قائد حلف قبلي.
- تقييم صدقية الخطاب وموضوعيته من خلال:
- انتقائية خطاب بن حبريش في الطرح، من حيث تجاهل قوات النخبة الحضرمية ودرع الوطن وكأنها غير قادرة على تنفيذ توجيهات التحالف السعودي الاماراتي والسلطة المحلية ووزراة الدفاع والعمليات المشتركة وهذا ما يُضعف مصداقية دعواه بالاستقلالية والتمثيل الشرعي لمطالب حضرموت متغافلا أن النائب البحسني هو المخول بالمطالبة بهذه الحقوق لقانونية شرعية بالمجلس الرئاسي ومن هنا هل نسق مع البحسني إذا كان صادقا بمطالب حضرموت واتفقوا على إجماع وطني يتنزعوا من خلاله ما يدعيه أبناء حضرموت من حقوق لا كما يستغل البسطاء والمتحالفين مع قوى الشمال لكي يصدقوه ويخرجوه عن مكانته القبلية والحكومية.
- اتهامات غير مسؤولة لرئيس المجلس الانتقالي دون أدلة دامغة ومفروض يلزمه التراجع والاعتذار. والا الاساءة لشخصية اعتبارية بالمجلس الرئاسي يحق للمجلس الرئاسي قانونيا عزله من صفة وكيل أول بالمحافظة.
-استغلال المشاعر الهوياتية من حيث أن الخطاب جاء معتمدًا على العاطفة أكثر من الحقائق، خاصة مع تجاهله التهديدات الحقيقية للقوات الشمالية الموجودة في وادي صحراء حضرموت وهي الخطر الحقيقي على حضرموت مصالحها وثرواتها وقتل ابناءها.
7- التناقض بين الخطاب والممارسة من حيث ما يقول: “نعمل على توحيد الصف الحضرمي” بينما يستمر في “العمل القبلي” الذي يطالب مطالب حضرموت بحكمها الذاتي وهو بالحقيقة يمزق الوحدة الحضرمية ويكشف عن تناقض بين الشعارات والواقع.
- الأهداف الخفية والتداعيات المحتملة من حيث:
- ترسيخ الذات الشخصية له كبديل وينصب نفسه كزعيم بمطالب حضرموت التي يمثلها النائب البحسني شرعيا من جهة، وما يسعى المقدم ابن حبريش أن يجعل من نفسه كممثل شرعي لحضرموت خارج إطار المجلس الرئاسي والمشروع الجنوبي الذي يمثله المجلس الانتقالي المتفق عليه في اتفاقيات نقل السلطة وهذا أمر مخالف لاتفاقيات نقل السلطة للمجلس الرئاسي من جهة أخرى.
- دعوته إلى تعزيز الحكم الذاتي الحضرمي بدعم يزعمه على السعودية افتراء، وهذا لا يتحقق لسبب: لأن الخطاب الحضرمي اليوم أغلب أبنائه مجمعين باغلبية ساحقة مع المشروع الجنوبي الداعي إلى الدولة الفيدرالية، لأن حضرموت تمثل السواد الأعظم وهي صاحبة انطلاق ثورة الحراك السلمي الاول وهم يمثلون اليوم النصيب الأكبر في هياكل المجلس الانتقالي الجنوبي.
- في خطابه استعداء للمشروع الجنوبي لكنه أعلن تلميحًا إلى التحالف مع مشروع اليمن الاتحادي من خلال تحالفات خفية مع قوى معادية للمشروع الجنوبي لانه لم يذكر موقفه من حزب الاخوان بحضرموت ولا اخراج قوات المنطقة العسكرية الاولى التي أضرت بأهل حضرموت ومدنها وسكانها وثرواتها.
- في خطابه إثارة إلى الفوضى العسكرية والأمنية من خلال المطالبة بتجنيد قوات جديدة قد تؤدي إلى صراعات مع القوات الموجودة بحضرموت (النخبة، درع الوطن).
- النتيجة النهائية:
خطاب المقدم عمر بن حبريش يخلط بين الخطاب الهوياتي العاطفي والمصالح السياسية الضيقة، مع تناقضات تكشف عن أهداف غير معلنة، مما يجعله خطابًا استقطابيًا يهدد الاستقرار في حضرموت ويقوض من جهود السلطة المحلية وعوامل التنمية فيها ويجعل حضرموت تدخل في دوامة صراع يكون المستفيد منها قوى الشمال التي نهبت وعبثت بمقدرات المحافظة وثرواتها وعقاراتها ومنافذها من ثلاثين عاما وما زالت تهيمن وتبطش وتغتال وتقتل أبناء حضرموت في الوادي إلى الآن.