المكلا (حضارم اليوم) متابعات
شهد قطاع الذكاء الاصطناعي تطورًا لافتًا مع إطلاق تطبيق “ديب سيك” من قبل شركة صينية ناشئة، حيث نجح في فرض نفسه كمنافس قوي لنماذج الدردشة الأمريكية الرائدة. يتميز التطبيق بتكلفة منخفضة مقارنة بمنافسيه، الأمر الذي أثار تساؤلات حول تأثيره على السوق العالمية، لا سيما في ظل التراجع الملحوظ لأسهم كبرى شركات التكنولوجيا في البورصة.
صعود سريع ومنافسة قوية
أطلقت الشركة الصينية الناشئة “ديب سيك” روبوت المحادثة “ديب سيك-آر1” في 20 يناير، وخلال أيام قليلة، أصبح التطبيق الأكثر تحميلًا على متجر آبل، متفوقًا على نماذج أمريكية معروفة مثل “ChatGPT” و”Gemini”. وفقًا لموقع “بانديلي” المتخصص في التكنولوجيا، فقد حقق التطبيق إنجازًا غير مسبوق بوصوله إلى صدارة تصنيفات متجري التطبيقات الأمريكي والصيني في آن واحد.
يعود نجاح “ديب سيك” إلى كفاءته العالية وتكاليف تشغيله المنخفضة، حيث تشير التقديرات إلى أن تكلفة تدريبه لا تتجاوز 5.6 مليون دولار، مقارنة بمئات المليارات التي تستثمرها الشركات الأمريكية في تطوير نماذجها.
تحدٍ جديد لعمالقة الذكاء الاصطناعي
يؤكد خبراء الذكاء الاصطناعي أن “ديب سيك” يقدم جودة مقاربة لما توفره النماذج الأمريكية الرائدة، رغم تكلفته المنخفضة. وقد علّق الرئيس التنفيذي لشركة “أوبن إيه آي”، سام ألتمان، على الأداء المميز للنموذج الصيني، معتبرًا أن امتلاك قدرة حسابية متطورة كان مفتاح نجاحه.
من جانبه، أشار الباحث في الذكاء الاصطناعي ماريو كرين إلى أن التطبيق الصيني يعتمد على نهج مختلف في تطوير النماذج اللغوية، حيث يركز على المهندسين المحليين بدلاً من استقطاب المواهب الأجنبية، ما يجعله مشروعًا صينيًا خالصًا.
تأثيرات اقتصادية وحرب أسعار
يشكل “ديب سيك” تحديًا مباشرًا للنموذج الاقتصادي الذي تعتمده كبرى شركات الذكاء الاصطناعي الأمريكية. فبينما تتطلب النماذج المتقدمة رسوم اشتراك مرتفعة، يقدم “ديب سيك” خدماته بتكلفة أقل، ما قد يدفع المستخدمين للبحث عن بدائل أكثر اقتصادية. وقد أدى ذلك إلى انخفاض أسهم شركات كبرى مثل مايكروسوفت وغوغل وميتا، وحتى إنفيديا التي سجلت خسائر كبيرة مطلع الأسبوع.
يعتقد محللون ماليون أن بروز “ديب سيك” قد يدفع المستثمرين إلى إعادة تقييم أسعار أسهم شركات التكنولوجيا الكبرى، خاصة مع تزايد المخاوف من ظهور بدائل ذات تكلفة منخفضة وجودة عالية.
الجانب السياسي والتحديات المستقبلية
حظي “ديب سيك” باهتمام كبير داخل الصين، حيث اعتبر مؤسسه نموذجًا للنجاح الوطني. كما تمت دعوته للقاء رئيس الوزراء الصيني، في خطوة تعكس دعم السلطات لهذا المشروع.
ومع ذلك، قد يواجه التطبيق صعوبات في الأسواق العالمية بسبب القيود المفروضة على المحتوى في الصين. فقد أظهرت اختبارات أن النموذج يتجنب الإجابة عن موضوعات سياسية حساسة، مثل أحداث تيانانمن أو القضايا المرتبطة بالقيادة الصينية.
مستقبل واعد أم عقبات قادمة؟
يعتقد خبراء الذكاء الاصطناعي أن نجاح “ديب سيك” يعكس قدرة الصين على تطوير حلول تقنية متقدمة رغم القيود الأمريكية المفروضة على تصدير الرقائق والمكونات الإلكترونية الحيوية.
ويبقى السؤال المطروح: هل سيتمكن “ديب سيك” من فرض نفسه كلاعب رئيسي في سوق الذكاء الاصطناعي عالميًا؟ أم أن العقبات السياسية والتجارية ستحدّ من انتشاره خارج الصين؟