ارتبطت قيادات حزب التجمع اليمني للإصلاح قبل التأسيس بمؤسس جماعة الإخوان الإرهابية حسن البنا، ويعد الحزب اليوم هو النسخة اليمنية من تنظيم الإخوان الدولي، ومن أبرز القيادات الإخوانية التي درست في مصر وتتلمذت على يد البناء حسن، عبدالمجيد الزنداني، صاحب التحشيد الجهادي لأسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة الإرهابي خلال حرب أفغانستان في أواخر ثمانينيات القرن الماضي.
عرف عن الزعيم الإخواني في اليمن أنه الأب الروحي لأسامة بن لادن، وصاحب الدور الكبير في تحشيد ما عرف بالأفغان العرب الذين رافقهم الزنداني إلى هناك.
تأسيس الإخوان
أعلن في عدن مايو (أيار)عن قيام الوحدة اليمنية بين اليمن الجنوبي والجمهورية العربية اليمنية، ليتم بعد مرور أقل من ثلاثة أشهر تأسيس تنظيم حزب الإصلاح اليمني، الذي تشكلت قياداته من قاعدة الجهاد في أفغانستان، وانخرطوا في العمل العسكري والسياسي إلى جانب النظام اليمني في صنعاء.
وقال الجهادي السابق نبيل نعيم “إن نظام صنعاء استقبل المجاهدين العائدين من أفغانستان وصرف لهم رتب عسكرية، بحسب السنوات التي قضوها هناك إلى جانب بن لادن”.
تأسس حزب الإصلاح اليمني في صنعاء وشكل النسخة اليمنية من تنظيم الإخوان، لكن رئيس النظام اليمني السابق علي عبدالله صالح، اعترف في مقابلة تلفزيونية أنه “دعم تنظيم الإخوان لمناهضة الحزب الاشتراكي الذي كان يحكم الجنوب، وأنهم ساعدوه في القضاء على من وصفهم بالانفصاليين”.
عدن وفتاوى التكفير
لم يمر إلا عام واحد على قيام الوحدة اليمنية، حتى بدأت خلايا الإخوان في تنفيذ عملياتها الإرهابية ضد قادة الجنوب، واغتيل في صنعاء وحدها نحو 100 قيادي ومسؤول حكومي رفيع من الجنوب، وقتل نحو 50 آخرين في محافظات أخرى.
ويقول قادة في الحزب الاشتراكي اليمني، إن “تنظيم الإخوان اعترض على قيام وحدة مع الجنوب الذي كان يتحالف مع الاتحاد السوفيتي”، مبرراً بأنه لا يجوز الوحدة مع شعب يعيش الانفتاح.
احتج الرئيس الجنوبي علي سالم البيض على قتل رفاقه من قادة الجنوب، ودخل في خلافات مع نظام صنعاء الذي كان يعد العدة للانقضاض على الجنوب الغني بالثروات النفطية وموقعه الاستراتيجي الهام والذي يطل على باب المندب وخليج عدن وبحر العرب.
في 27 من أبريل 1994م، أعلنت صنعاء التحشيد للحرب ضد من وصفتهم بالمرتدين عن الوحدة اليمنية، وهاجمت قوات شمالية، قوات أخرى من الجنوب في محافظة عمران إلى الشمال من صنعاء، ونجحت قوات الشمال في حسم المعركة عسكرياً بالقضاء على اللواء ثالث جنوبي، أثناء تناول مقاتلي اللواء الأخير وجبة الغذاء.
وبالتزامن مع هجوم عمران، هاجم لواء عسكري شمالي في ذمار جنوب العاصمة، لواء جنوبي كان قد نُقل حديثاً إلى المحافظة الشمالية، لتبدأ معركة واسعة شارك فيها إلى جانب قوات النظام ميليشيات الإخوان.
ومع اقتراب القوات الشمالية من عدن، قوبلت بمقاومة شرسة، وتراجع الكثير من المقاتلين، وقال السكرتير الصحفي للرئيس اليمني الراحل السياسي أحمد الصوفي إن “الزعيم الديني لإخوان اليمن عبدالوهاب الديلمي أصدر فتوى تكفير بحق الاشقاء في الجنوب، وهي الفتوى التي أخرجتهم من الإسلام وزعمت أنهم ماركسيون وشيوعيون، ولكنها فتوى سياسية”.
وأكد الصوفي في مقابلة مع قناة الشرعية اليمنية “أن الفتوى صدرت للقوات اثناء عجزها في اقتحام عدن من جهة صبر لحج باتجاه عدن”.
تدخل خليجي لإيقاف الحرب
وجهت دول الخليج العربي في يونيو 1994 دعوات لإيقاف الاقتتال بين الاشقاء في اليمن، غير أن تنظيم الإخوان رفض إيقاف الحرب وأصر على مواصلة القتال واقتحام عدن، معتبراً أنهم يقاتلون بحسب فتوى دينية لقتال من وصفتهم الفتوى بالمرتدين والخارجين عن الدين الإسلامي.
ونشرت صحيفة “الشرق الأوسط” حينها تقريراً أشارت فيها إلى رفض تنظيم الإخوان، دعوات إيقاف الحرب.
وذكرت تقارير إخبارية محلية يمنية أن قادة تنظيم الإخوان كان لهم النصيب الأبرز في نهب الممتلكات العامة والخاصة، وإغلاق ونهب المسارح ودور السينما ومقرات الأندية الرياضية، والتي كانت تزدهر بها عدن قبل الوحدة مع الشمال.
ووثق تقرير للوزير اليمني الراحل صالح باصرة، قيام قيادات أغلبها من تنظيم الإخوان بنهب أراضي شاسعة في عدن، والبعض منها صرفت في وقت سابق كأوقاف لبناء مساجد ومشافٍ ومراكز تعليمية.
وتشير تقارير إلى أن قادة تنظيم الإخوان تمكنوا من السيطرة على التعليم والمدارس في الجنوب وتغيير المناهج كما تفعل الميليشيات الحوثية الإرهابية اليوم في صنعاء، وإغلاق المصانع التي تعد بالمئات في عدن وتحويلها إلى أملاك خاصة.
اغتيالات متواصلة
لم تتوقف هجمات ما عرف لاحقاً بتنظيم القاعدة بعد السيطرة على الجنوب في مطلع يوليو 1994 واستمرت حتى مع أزمة 2011 التي نفذ فيها التنظيم سلسلة هجمات إرهابية لمصلحة الإخوان الذين حاولوا أن يكونوا بديلاً لنظام علي عبدالله صالح الذي أطاحت به انتفاضة الربيع العربي في اليمن.
ومن أبرز الاغتيالات التي طالت مسؤولين عسكريين في عدن، اغتيال اللواء سالم قطن الذي أشرف على الحرب ضد تنظيم القاعدة في أبين 2012.
وما إن تحررت عدن من قبضة ميليشيات الحوثي في منتصف يوليو 2015م، حتى بدأت مطامع الإخوان في الحضور بقوة، فالتنظيم المحلي في اليمن والذي يرى أهل الجنوب أنه المسؤول عن سلسلة طويلة من العمليات الإرهابية التي أودت بحياة الآلاف أبرزهم قادة عسكريون ومدنيون بارزون في عدن.
وتقول تقارير إخبارية إن “التنظيم الإرهابي أو الجناح المسلح لإخوان اليمن، يستهدف الجنوبيين دون غيرهم”. وأعلن الجنوب عقب التحرير رفضه أي تواجد لإخوان اليمن، وهو الأمر الذي فتح الباب أمام عشرات الهجمات الإرهابية التي شنها التنظيم أبرزها الهجوم على مقر حكومة خالد بحاح في عدن ومقرات التحالف العربي واستهداف اكثر من 10 معسكرات في عدن.
وشكل تنظيم الإخوان بعد فشله في السيطرة على قوات الشرطة والأمن تحالفاً سياسياً مع الحوثيين الموالين لإيران، ودفعت الأزمة العربية مع قطر الى تبني الإخوان لهذا المشروع علانية.
المشروع القطري التركي
بدأ الإخوان السيطرة على جزيرة سقطرى في العام 2017 وقررت أنقرة بناء قاعدة عسكرية في الارخبيل لكن الرفض الشعبي والسياسي في الجنوب حال دون ذلك، لتتراجع أنقرة عن ذلك ببناء قاعدة عسكرية في الصومال.
وتمول قطر وتركيا تنظيم الإخوان بالأموال والأسلحة للسيطرة على الجنوب، وقد كشفت وثائق كشف عنها جهاز الأمن المصري قبل نحو عام إرسال مصرف الدوحة المركزي ملايين الدولارات لدعم تنظيم الإخوان لتنفيذ عمليات إرهابية في مدن الجنوب المحررة.
وكشفت إحدى الوثائق استلام قيادي إخواني في عدن عشرة ملايين دولار لدعم إنشاء مطابخ إعلامية وحقوقية في عدن، تعمل على النيل والتطاول على الأجهزة الأمنية المحلية ودور دول التحالف العربي بقيادة السعودية والإمارات.
تدخلات واضحة
تدفع قطر التي تم عزلها على خلفية تورط نظامها في تمويل جماعات إرهابية والتحالف مع ايران وتركيا، للعب دور محوري في عدن، وتعتمد أنقرة والدوحة على تنظيم الإخوان لتحقيق تلك المطامح للسيطرة على الجنوب بموقعه الاستراتيجي الهام.
ومولت قطر قيادات إخوانية بارزة بأسلحة وأموال تفجير الأوضاع عسكرياً في عدن، فخلال الشهر الماضي شهدت عدن توتراً على خلفية محاولة مليشيات محسوبة على الإخوان القيام بهجمات ضد قوات الشرطة إلا أن قوات الأمن نجحت في وأد تلك المساعي في المهد.
وأشارت تقارير إخبارية محلية إلى أن التنظيم كان يعتزم شن هجمات ضد الأجهزة الأمنية في عدن، فيما لا تستبعد مصادر وقوع هجمات وعمليات اغتيال في عدن ضد القيادات المناوئة للتنظيم، الأمر الذي يوحي أن عدن على موعد مع موجة عنف جديد يحضر لها الإخوان بدعم قطري وتركي واضح.