المكلا (حضارم اليوم) كتبته: أفــراح سالم الحميقـاني
مدينة عدن تضم في جنابتها العديد من المعالم الاثرية والتي تعود الى ازمنة موغلة في التاريخ وكانت شاهدة على عمق حضارتها وقدم الوجود الانساني والتاريخي في هذه المدينة العتيقة وكذا على التعايش السلمي بين سكانها من مختلف الجنسيات والطوائف طوال فترات التاريخ المختلفة والعديد من هذه المعالم لازال موجود بينما اختفت بعض هذه المعالم بفعل الاهمال والتخريب المتعمد والحروب ومن هذه المعالم البارزة:
الصهــاريج
الصهاريج تقع في منطقة الطويلة بمدينة كريتر وبنيت على الارجح في القرن الخامس عشر قبل الميلاد وقد سميت بأسماء مختلفة منها الصرائف والبؤر و بناها بحسب الروايات التاريخية قوم يقال هم أهل القمر وكانوا اصحاب قوة وبأس وكان الغرض من بناها هو بالدرجة الاولى حماية المدينة من الغرق نتيجة تدفق الفيضانات التي تسببها الامطار الموسمية والتي تسقط على المدينة من اعالي جبل شمسان فالمدينة ذات سطح مقعر ( مدينة عدن القديمة كريتر حالياً ) لذلك كان من السهل غرقها بسبب تدفق المياه وكانت صهاريج الطويلة ذات منظومة متسلسلة ومرتبطة ببعضها البعض حيث كانت تقوم بمهمة تلقف المياه من اعالي هضبة عدن وتخفيف اندفاعها وتعمل على فلترة الماء وتنقيته من الشوائب والاتربة وايضاً تغذية الآبار الجوفية عبر فتحات خاصة صممت بشكل دائري في قاع كل صهريج وحفظ المياه واستخدامها عند الحاجة اليها كما ترتبط الصهاريج في فترات تاريخية قديمة بطقوس ومعتقدات دينية معينة حيث ان مياهها بحسب نقش حميري موجود في متحف اللوفر في فرنسا يشير الى ان مياه الصهاريج كانت مقدسة والسباحة فيها تعد خطيئة كذلك تعد الصهاريج من الابداعات الهندسية التي بناها الانسان القديم الذي سكن مدينة عدن وتقوم الصهاريج بتأدية وظيفتها التي بنيت من اجلها حتى الان بعكس بقيت الاثار الاخرى في العالم والتي اصبحت مجرد اثار فقط وصهاريج الطويلة هي التي مازالت موجودة حتى الان بعكس الصهاريج الاخرى التي اندثرت بفعل العمران والبناء العشوائي والحروب والاهمال من قبل الجهات الرسمية عبر فترات التاريخ المتعددة حيت كانت هناك صهاريج في الخساف والعيدروس وكان يبلغ عدد الصهاريج في مدينة عدن تقريبا (55) صهريج لم يبقى منها الا صهريج واحد في البادري وصهريج واحد في البريقة وهما مليئان بالقمامة ومنظومة صهاريج الطويلة فقط وقد طالت حرم صهاريج الطويلة البناء العشوائي والاهمال وعدم صيانه هذا المعلم الاثري والذي بنى من الحجارة ومادة البوميس هذا المعلم الشاهد على عظمة واتقان الفن المعماري للإنسان و ظل صامدا في وجه الحروب والتدمير الذي طال مدينة عدن طوال فترات التاريخ المتعددة كما انه يمثل مردود اقتصادي وسياحي كبير لمدينة عدن ان احسن استخدمه والاهتمام به من قبل الجهات المعنية وعامل جلب للسياح من مختلف جنسيات العالم للتعرف على حضارة هذه المدينة القديمة ويجب أن تتضافر جهود المهتمين والناشطين في مجال تاريخ والآثار والجهات الرسمية في هذه المدينة للمطالبة بأدراج هذا المعلم من قبل منظمة اليونسكو ضمن الثرات الانساني .
قلعة صيرة
قلعة صيرة كلمة صيرة تعني السمك الصغير او الشقوق والكهوف وبنيت القلعة في أعلى جبل صيرة في مدينة كريتر بنيت القلعة في العصور القديمة وارتبط تاريخها بميناء عدن القديم ( ميناء صيرة ) وتعد قلعة صيرة قلعة استراتيجية استخدمت للدفاع عن المدينة من هجمات الغزاة الذين ارادوا احتلال المدينة كالأحباش والبرتغاليين والاتراك والانجليزو كانت تستخدم كجمارك ولمراقبة السفن وكانت تحفظ فيها الكنوز والذخائر والاسلحة وكانت فيها مدافع كبيرة .
منارة عدن
تقع في مدينة كريتر بجانب مكتب البريد العام ويعتقد انها كانت فنار بحري ترشد السفن القادمة من البحر لكن الرأي الراجح أنها مئذنة الجامع الكبير الموجود في مدينة عدن القديمة ( كريتر حالياً ) قبل احتلال عدن من قبل الانجليز الذي اقدموا على هدم وتدمير هذا الجامع ولم يبقى منه الا المئذنة وهي بحاجة للصيانة .
كهوف البوميس
موجودة في منطقة الطويلة في مدينة كريتر وهذه الكهوف من صنع الانسان لا يعرف تاريخ بناها الا انها تعود لعصور ما قبل الميلاد وتوجد في هذه الكهوف مادة طبيعية تشبه الاسمنت ولكنها اقوى منها كانت تستخدم في بناء العديد من الآثار في مدينة عدن القديمة كصهاريج وقلعة صيرة بواسطة خلطة البوميس والاحجار وطحن الاصداف في هذه الخلطة .
هذه الآثار جزء من تاريخنا وهويتنا ونافذتنا على العالم الخارجي نتمنى الاهتمام بها لأنها تتحدث عن عبقرية وهندسة واتقان الانسان القديم الذي سكن مدينة عدن منذ القدم ودلت هذه الاثار على عمق التحضر الذي ساد في تلك الفترات الغابرة من التاريخ في المدينة الاسطورية المحاطة بالكثير من الغموض والتاريخ الغير معلن الكثير منه حتى الان فهذه المدينة يمتد تاريخها لفترات ما قبل الميلاد .