حضارم اليوم / متابعات
أجلت المحكمة الجزائية التابعة للحوثيين في العاصمة اليمنية صنعاء، مؤخرا النطق بالحكم على الزعيم البهائي حامد بن حيدرة، إلى الشهر المقبل، وسط تحذيرات من تثبيت حكم الإعدام الصادر بحقه من المحكمة ذاتها في يناير الماضي.
ويعد حامد بن حيدرة أحد أبرز زعماء البهائية وهي أقلية دينية ظهرت في اليمن في العام 1844، وتعرضت على مدى فترات من تاريخ ظهروها في هذا البلد لعمليات اضطهاد وهرسلة كان آخرها على أيدي الحوثيين الذين يعتبرونها “طائفة شيطانية”.
ومنذ الانقلاب الحوثي على السلطات شرعية في اليمن في العام 2014 تعرض البهائيون لحملة اعتقالات واسعة بتهم التجسس والردة، وسط مناشدات حقوقية للمجتمع الدولي للتحرك ووقف هذه الانتهاكات بحق هذه الأقلية الدينية.
وأكدت الأمم المتحدة هذه التجاوزات بحق هذا المكون اليمني على الأراضي التي يسيطر عليها الحوثيون، لافتة إلى تعرض البهائيين لـ”نمط مستمر من الاضطهاد”، يمتد من المضايقة إلى الاعتقال التعسفي.
ولا يتجاوز عدد البهائيين خمسة ملايين فرد في العالم، ويعيش بضعة آلاف منهم في اليمن (تحدد بعض المصادر أنهم لا يتجاوزون ألفي نسمة هناك)، في بلد يضم سبعة وعشرين مليون شخص، 99 بالمئة منهم مسلمون. وعملية استهداف هذه الأقلية الدينية قد بدأت حتى ما قبل الانقلاب الحوثي، وقد جرى اعتقال الزعيم حامد بن حيدرة في 3 ديسمبر 2013، من قبل عناصر من مكتب الأمن القومي الذي تسيطر عليه الجماعة.
وتمت معاملة بن حيدرة كمجرم خطير حيث جرى اقتياده معصوب العينين، ومقيد اليدين، ونقل في صندوق سيارة إلى مكان سري لعدة أشهر أين تعرض إلى تعذيب وحشي.
وفي أكتوبر 2014، وقبل مثوله أمام المحكمة، نقل إلى سجن في صنعاء في نفس جناح المحكوم عليهم بالإعدام. وفقا للبهائيين خارج اليمن، في الفترة الممتدة بين سبتمبر وديسمبر من سنة 2014، تعرض بن حيدرة إلى 19 استجوابا، لم يحضر فيها محاميه سوى في ثلاث مرات. وعقدت أول جلسة استماع في المحكمة بتاريخ 8 يناير 2015، دون أن يسمح له بحضورها.
من بين 26 جلسة امتدت حتى أبريل 2017، غاب بن حيدرة ومحاموه عن عشر منها على الأقل. وقضت محكمة صنعاء في 2 يناير 2018، على حامد بن حيدرة بالإعدام، متهمة إياه بتقويض استقلال الجمهورية اليمنية من خلال التمسك بـ”طائفة شيطانية”، “تهدد أمن البلاد”، و”لشن حرب فقهية ضد الإسلام”.
وطالب القاضي كذلك بحل جميع الجماعات البهائية في اليمن.
وجرى الثلاثاء تأجيل جلسة الاستئناف إلى 16 يونيو المقبل.
وتخشى المنظمات الحقوقية أن تثبت المحكمة التي يسيطر عليها الحوثيون حكم الإعدام بحق الزعيم البهائي، كما تعرب هذه المنظمات عن قلقها بشأن مصير عشرين آخرين ينتظرون محاكمتهم.
ويواجه جلّهم تهما بالتجسس والردة، قد تصل عقوبتها إلى الإعدام. ويترأس نفس القاضي الذي أصدر حكم الإعدام على بن حيدرة محاكمتهم.
ويقول محللون إن استهداف الحوثيين للبهائيين، نابع من موقف طهران المتشدد تجاه هذه الطائفة، التي تواجه نفس المعاناة في إيران.
وفقا للبهائيين في الخارج، نفذت المئات من عمليات الإعدام منذ وصول نظام الخميني في إيران إلى الحكم.
واستمرت الإدانات والاعتقالات وتطورت أشكال أخرى من الاضطهاد ضد البهائيين الإيرانيين على مر العقود الأخيرة.
وقال مدير مكتب الشؤون الخارجية للبهائيين في فرنسا “يمنع البهائيون من الالتحاق بالجامعات في إيران، وتمكن عدد قليل منهم من مواصلة تعليمهم العالي لكنهم استبعدوا قبل نهاية دراستهم.
كما يتعرضون للهرسلة في القطاع الخاص من خلال الضغط على رؤسائهم في العمل. وتدنس مقابر البهائيين وتدمرها السلطات بانتظام.
ومنذ انتخاب الرئيس حسن روحاني، أصبحت الحملة الموجهة ضد البهائيين أقوى.
ويقول متابعون إن المنظمات الحقوقية لا تنفك تسلط الضوء على معاناة البهائيين في كل من إيران واليمن، بيد أن ذلك لا يقابل التفاعل المطلوب من قبل المجتمع الدولي.
ويرى مدير مكتب الشؤون الخارجية للبهائيين أن ما يدعو إلى القلق هو أن الحجج الموجهة ضد المعتقلين في اليمن “هي نفسها الموجودة في إيران.
ونحن نعلم أن الضغوط التي تمارسها إيران هي التي تشجع الحوثيين على تنفيذ هذه الاضطهادات”.
وفي ظل الانتهاكات المتواصلة ضد البهائيين تبرز من حين إلى آخر ردود فعل محتشمة، وآخر موقف كان صدر عن الولايات المتحدة في 22 أبريل حيث قالت متحدثة باسم الخارجية الأميركية “نشعر بقلق عميق إزاء التقارير التي تفيد بأن الحوثيين يواصلون الإساءة إلى البهائيين في اليمن”.