شاءت الأقدار أن تخطف من بين اوساطنا الرفيق المناضل محمد صالح سعيد في قمة عطائه الثوري وفي اللحظة التي بلغت بها القضية الجنوبية شوطا كبيرا من الثبات والحضور السياسي وهي القضية التي طالما حلم الفقيد بنيل استحقاقانها وعاش من أجلها مكافحا ذائدا عن عدالتها طوال المراحل العصيبة التي مرت بها وفي كل المحطات النضالية التي عبرتها في ميادين وساحات الجنوب العزيز وعلى امتداد جغرافيته من حوف إلى باب المندب .
أن الحديث عن هامة نضالية كالفقيد محمد صالح سعيد هو حديث عن مرحلة تاريخية هامة في حياة شعبنا الجنوبي بكل تفاصيلها ، بنجاحاتها وكبواتها ، فلقد كان الفقيد حاضرا منذ بواكير الرفض الاولى لتداعيات حرب 94 الظالمة وشهد كل الفعاليات التي أقامتها منظمة اشتراكي الضالع الرافضة لمئالات تلك الحرب القذرة ، كان حاضرا في نضالات اللجان الشعبية التي عبرت عن الاحتقان الشعبي الجنوبي إزاء ممارسات عصابات حرب 94 وأجهزتها العسكرية والأمنية وناله ما نال رفاقه من مطاردات واعتقالات ، ثم كان حاضرا في طليعة ثورة الحراك السلمي الجنوبي ومن رموزها وقياداتها ، ثم كان من قيادات المجلس الانتقالي الجنوبي بالضالع ، ولم يفوت اي شكل نضالي إلا وكان في معمعته انتصارا حقيقيا للقضية الجنوبية العادلة .
انه وبالإضافة إلى كل ذلك فقد كان من الوجاهات الاجتماعية التي أخذت على عاتقها حل قضايا الناس وإصلاح ذات بينهم في زمن نخر الفساد كل اجهزة السلطة الحاكمة واعتسفت به حقوق المواطن ، ولذلك وجد الفقيد نفسه منتميا للناس وقضاياهم وسعيه الدؤوب لحل مشاكلهم في منطقته وخارجها لما كان يتمتع به من أخلاقيات وقيم ونزاهة وضمير نقي ليحظى باحترامهم وتقديرهم كونه كان قريبا منهم ومن همومهم ، مجسدا بذلك روح المناضل الوارفة بالخير والمحبة والتسامح .
رحل الرفيق محمد إلى بارئه بعد حياة مجيدة عاشها بشموخ كبير ، فقد كان المناضل المحنك في خضم الكفاحات التي خاضتها الضالع ضد عصابات صنعاء وهوامير فسادها وكل اللصوص الذين تفيدوا البر والبحر والأرض ، ولم يهادن في كل المراحل أو ينكسر ولم يكن قط من أصحاب النصف موقف ، كان كبيرا بمستوى القضية وكان ثابتا كجبال الضالع وأشد رسوخا كأطوادها ، وان خسارتنا لفادحة بفقدان أحد رموز النضال الجنوبي التحرري ، وهي خسارة قاصمة للظهر في هذا الظرف الذي يعيشه الجنوب وتكالب أعداءه عليه من قوى الظلام والإرهاب وفي مرحلة مفصلية من التاريخ الجنوبي وكفاحات الشعب من أجل الانتصار لقضيته المصيرية ، وهو مصاب جلل ليس فقط على أسرته واهله ، بل لكل رفاقه ومحبيه .
نم قرير العين يا رفيق الدرب فإنا ماضون في النهج الذي اخترناه معا وصوب تحقيق اماني شعبنا في الحرية واستعادة الدولة وهو عهد قطعناه على أنفسنا ولن نحيد عنه أو نتراحع حتى يرث الله الأرض ومن عليها ، أوفياء لكل قطرة دم سفكت .
لروحك السلام دوما وتتغشاك رحمة الله ورضوانه في الفردوس الأعلى مع الشهداء والصديقين .