عانينا الامرين من وحدتنا السلمية الطوعية الاختيارية في عام تسعين التي تحولت الى مشروع ضم واقصاء واحتلال في عام 94 م باستخدام القوة القاهرة والكثرة العددية.
قاومنا بشراسة وتحملنا الكثير من القهر والاذلال في الأعمال والجامعات والمدارس والمعاهد والشوارع والسجون وقدمنا الكثير من التضحيات، شهداء وجرحى وارامل وثكالى وأيتام.
انقلب السحر على الساحر وجاء الانقلاب الحوثي بالتآمر مع علي عبدالله صالح ضد الجميع ثم ضد علي عبدالله نفسه وفقد حياته نتيجة الرقص على رؤوس الثعابين.
انتفض الكثير من الاحرار في شمال اليمن وانتفض الجنوب كله عن بكرة ابيه ضد المشروع الانقلابي الحوثي الصفوي التوسعي.
خذلت القوى التقليدية السياسية والقبلية واجنحتها العسكرية مشروع التصدي للانقلاب الحوثي في الشمال، الأمر الذي نتج عنه سقوط الشمال بالكامل تحت براثن سطوة الحوثيين ماعدى مقاومة شرسة محدودة في مارب وتعز.
توحدت كل القوى الوطنية والشعبية الجنوبية ضد محاولة الغزو الثانية للجنوب في عام 2015م الذي شنها الحوثة وحلفائهم من القبليين والعسكريين العقائديين والمتطرفين الشماليين الذين يرون في الجنوب مجرد غنيمة يختلفون بينهم في كل شيء الا عليها.
تحرر الجنوب بالكامل في عام 2015م بفضل رجاله وسخاء شعبه في التضحيات ونفس دعم الاشقاء الذي قدم بعدالة للشمال والجنوب.
عانينا مرة اخرى الامرين من نفس القوى التقليدية السياسية والعقائدية المتطرفة والتي تقهقرت نحو الجنوب من الشمال وفتح الجنوب لها اذرعه فاذا بها تحاول مرة اخرى حتى وهي مهزومة العبث بالجنوب شعباً ومقدرات، مستقوية عليه بتحالفات خارجية مشبوهة واموال منهوبة مكدسة وتحت شعارات براقة.
صبر شعبنا طويلاً على عبث هذه القوى وسياساتها الهوجاء ثم انتفض مرة اخرى وقاد اكثر من معركة للتصدي لها حتى تدخل الاشقاء على أمل وقف الصراع في الجنوب (على الجنوب) بين اهله والقوى المنسحبة الشمالية اليه على امل ايجاد جبهة عريضة وقوية يشارك فيها الجنوبيين القوى الشمالية التي قررت التصدي للحوثي.
غلبنا مصلحة الاقليم و مصلحة شعبنا في الجنوب من منطلق عروبي قومي خالص لايماننا العميق ان أمننا في الجنوب جزء لا يتجزأ من الأمن القومي العربي ووافقنا على التوقيع على اتفاق الرياض.
اعتبرنا ولا زلنا ان اتفاق الرياض خيار استراتيجي وفيه مصلحة لشعبنا في الجنوب وفيه حل لمعضلة التصدي للمشروع الحوثي في الشمال.
لم نوقع على اتفاق الرياض لكي نسلم عدن والجنوب مرة اخرى للشمال، ولا باي طريقة من الطرق ولا حيلة من الحيل.
الجنوب بيد ابناء الجنوب بكل مؤسساته وهيئاته ومرافقه وكادره، ومن يعتقد غير ذلك فهو واهم.
حكومة المناصفة بين الشمال والجنوب هي حكومة توافقية من اجل التصدي للمشروع الحوثي التوسعي وتوفير اكبر قدر ممكن من الدعم الاقليمي والدولي لهذا التصدي.
حكومة المناصفة معنية بتوفير الخدمات وتامين سبل العيش الكريم للمحافظات الجنوبية والمحافظات الشمالية المحررة وكذلك العمل على مساعدة المناطق الواقعه تحت سطوة الحوثي واتباعه حتى يستطيعوا الصمود والمقاومة.
اتفقنا ان للجنوب قضية وستحل عند انتهاء الحرب سلمياً عن طريق المفاوضات او ديمقراطياً عن طريق الاستفتاء.
لم نتفق ان تعيين كادر جنوبي في مؤسسة جنوبية مدنية او عسكرية او تشغيل مؤسسة جنوبية مغلقة بفعل سياسات نظام علي عبدالله صالح الاستعمارية للجنوب يحتاج الى اذن من هذا الطرف او ذاك في الحكومة او غالباً من خارج الحكومة.
لم نتفق على تقسيم عدن والجنوب مناصفة مع الشمال في الوظائف والمقدرات وانما اتفقنا ان نسخر المتاح من المقدرات لصالح المشروع المشترك للتصدي للتمدد الايراني بما لا يمس بمصالح شعب وارض الجنوب ولا بأس موقتاً ان تتناصف المؤسسات السيادية( حكومة. مجلس نواب. مجلس شورى. مجلس قضاء ).
لا استطيع ان افهم ما الذي يزعج وزير او قائد اذا ما تم تعيين كادر جنوبي في مؤسسة محلية جنوبية او اذا تم إعادة تشغيل مؤسسة محلية جنوبية، “كانت جنوبية وفاعلة قبل الوحدة” ثم طمست هويتها او اغلقت بعد الوحدة لغرض السيطرة والاحتواء وهي تشكل بالنسبة للجنوبين عنوان هوية ومعيار كرامة وعزة بعد ان صبروا كثيرا على تهميشهم واقصائهم ومحاولة محو هويتهم وتاريخهم.
هل اخرجنا احد من هذه المؤسسات ..؟
هل طردنا او اقصينا او همشنا احد ..؟
هل اصلاً كانت تعمل ونحن عرقلنا عملها ، ام على العكس كانت مغلقة واعيد تنشيطها ….؟
في الوقت الذي لا نتدخل نحن في تعيين اي كادر شمالي مدني او عسكري في أعلى المناصب في الدولة ويعملون في الجنوب بكل يسر واريحية.
ان أهم أسباب انتفاضة الجنوبيين ثم خروجهم للحرب عن بكرة أبيهم هي سياسات التهميش والاقصاء لكوادر الجنوب والاستحواذ على أرض الجنوب ومؤسسات الجنوب ومقدرات الجنوب، وهذا امر لن يتكرر ولن نسمح له ان يتكرر باي ثمن كان.
جنوب مزدهر قوي بمؤسسات فاعلة ونشيطة وبكادر جنوبي وطني يديرها هو من سيقرر شكل الدولة التي سيبنيها، وعلى من يريد من شعب الجنوب ان يبقى معه شريك في اي شكل من اشكال الشراكة ان يقدم لشعب الجنوب ما يقنعه بفوائد هذه الشراكة وان يترك الخيار لشعب الجنوب ليقرر.
ان من يعتقد ان بقاء شعب الجنوب محروم من الخدمات وبدون مؤسسات لا مدنية ولا امنية ولا عسكرية ولا كادر جنوبي يدير هذه المؤسسات هي وسيلته لاخضاع شعب الجنوب مرة اخرى فهو واهم وقد جانب الصواب ولن ينجح، وحدة العام 90م بين الشمال والجنوب قد انتهت وتجاوزها الواقع والزمن والتاريخ.
نحن نمد ايدينا الى تعاون وشراكة حقيقية من منطلق وطني وقومي يراعي مصالح الجميع وبصدق واخلاص ومن يعتقد ان هذا امر مفروض علينا او ليس لنا فيه خيار او عن ضعف، فعليه مراجعة حساباته.
لم ينجح هذا الامر في السابق ولن ينجح الان ولن ينجح باذن الله في المستقبل…!
اقبلوا بالشراكة مع جنوب قوي حر ففيها مصلحة للجميع وخذوا من تجارب التاريخ عبرة.
تحياتي ..
ا. د. عبد الناصر الوالي
العاصمة عدن
5 يوليو 2021م