المكلا ( حضارم اليوم ) العرب
قللت أوساط يمنية من استفادة حزب الإصلاح الإخواني من التقارب الحاصل الآن بين السعودية وقطر، خصوصا أن هذا التقارب من المفترض أن يحد من هامش مناوراتهم السياسية واستغلال التباينات التي برزت بعد أزمة قطر مع جيرانها.
وأشارت هذه المصادر إلى أن قيادات الإخوان في اليمن بالغت في رهانها على إمكانية جر أنقرة للملف اليمني، على غرار ليبيا وأذربيجان والصومال، وهو الأمر الذي دفع العديد من أبرز قيادات الجماعة في الآونة الأخيرة إلى مغادرة المربع الرمادي والانحياز علنا لمحور تركيا-قطر، ومغادرة الرياض إلى إسطنبول في ما يعتقد أنها قراءة خاطئة للتحولات الإقليمية والدولية.
وفيما يصعب التكهن حتى الآن بنتائج المصالحة المرتقبة بين قطر والسعودية، يرجح مراقبون عجز الدوحة عن عكس آثار عبثها في الملف اليمني، عبر دعم الحوثيين والإخوان إعلاميا وماليا، خلال الفترة الماضية وخصوصا بعد إنهاء مشاركتها في التحالف العربي منتصف 2017، وهو الدور الذي ساهم في إرباك التحالف وتعثر مشروع تحرير اليمن، ونقل الصراع إلى معسكر المناوئين للانقلاب.
وتسبب الصراع بين قطر من جهة ودول التحالف العربي بقيادة السعودية من جهة أخرى في تعميق الانقسام بين المكونات المنضوية تحت الشرعية، في ظل نجاح الدوحة باستقطاب تيار مؤثر لخدمة أجنداتها من داخل مؤسسات الحكومة اليمنية.
غير أن هذا الصراع، ساهم بحسب مراقبين، في كشف حقيقة الاصطفافات والولاءات في خارطة السياسة اليمنية، حيث أجبرت حالة الاستقطاب الحادة قسما كبيرا من قيادات الحكومة والمكونات السياسية اليمنية في تحديد موقفها، الأمر الذي سيساعد التحالف خلال الفترة القادمة بغض النظر عن أي مصالحة مع قطر في رسم خارطة جديدة للحلفاء المفترضين في المشهد اليمني المعقد.
وأكدت مصادر سياسية يمنية لـ”العرب” في وقت سابق أن التحالف العربي بات يفكر في قائمة من الخيارات للتعامل مع التصعيد والابتزاز الإخواني الذي تمارسه بعض القيادات النافذة في الشرعية، مشيرة إلى أن قيادة التحالف أوصلت رسالة مفادها بأن استمرار الخضوع لإرادة التيار الموالي للدوحة داخل الشرعية، بات أمرا غير مقبول وسيتم التعامل معه بصورة مختلفة في حال استمر رفض تلك الأطراف لتنفيذ اتفاق الرياض وعرقلة تشكيل الحكومة المنبثقة عن الاتفاق.
ويأتي ضمن المسار التصعيدي للإخوان وتيار الدوحة توسيع دائرة المعارك في محافظة أبين .
ووصفت مصادر محلية المواجهات التي شهدتها جبهتا الطرية وسلا خلال الساعات الماضية بأنها الأعنف منذ شهور، مشيرة إلى عدم تمكن أي من قوات الحكومة اليمنية أو المجلس الانتقالي الجنوبي من تحقيق أي انتصار استراتيجي في المعركة التي تتجدد منذ شهور، في ظل معلومات عن استمرار الطرفين باستقدام المزيد من التعزيزات.
وتأتي المواجهات الأخيرة بعد تردد أنباء عن مغادرة لجنة التهدئة العسكرية التابعة للتحالف العربي مناطق المواجهات، فيما يبدو أنه تعبير عن خيبة أمل من تعثر تنفيذ بنود اتفاق الرياض وتشكيل الحكومة المنبثقة عن الاتفاق برئاسة معين عبدالملك.
وعن مجريات الاشتباكات التي شهدتها أبين، قال الصحافي اليمني أشرف وجدي في اتصال مع “العرب” من منطقة “شقرة” القريبة من المواجهات، إن الاشتباكات امتدت منذُ ليل الجمعة وحتى صباح السبت باستخدام الأسلحة الثقيلة والمتوسطة، مشيرا إلى أن قوات المجلس الانتقالي الجنوبي تمكنت من صد وإفشال هجوم عنيف من قبل القوات الحكومية الشرعية على مواقع الانتقالي بالطرية وسلا ومنطقة الدرجاج.
وقال وجدي إن القوات الحكومية بدأت هجومها من خلال قصف مدفعي عنيف تلاه هجوم بري من عدة محاور في وقت متأخر من مساء الجمعة، قوبل بهجوم مضاد من قبل قوات الانتقالي الذي رد باستخدام راجمات الصواريخ التي ساهمت -حسب قوله- في إيقاف محاولات اختراق مواقعها كما نفذت هجوما مضادا على مواقع قوات الشرعية ما أوقع في صفوفها خسائر فادحة في العتاد والأرواح وأجبرها على الانسحاب لمواقعها السابقة.
ولفت وجدي إلى أن مستشفى شقرة الريفي استقبل خلال الساعات الماضية العشرات من الجرحى، كما نقل العديد من المصابين إلى محافظة شبوة المجاورة، التي تعد بمثابة قاعدة دعم لوجيستي للقوات الحكومية التي تتخذ من مدينة شقرة الساحلية موقعا متقدما لتمركزها وانطلاق عملياتها العسكرية باتجاه العاصمة عدن، مشيرا في سياق حديثه للعرب أن المواجهات العنيفة ما زالت مستمرة، حيث تسببت بقطع الخط الدولي الرابط بين عدن وحضرموت.
وفيما تلتزم الحكومة اليمنية الصمت إزاء المواجهات التي تشهدها جبهات محافظة أبين بين الحين والآخر، قال الناطق باسم قوات الانتقالي في جبهة أبين في تغريدة على تويتر تعليقا على تجدد المواجهات “قواتنا المرابطة بالقطاع الأيسر والطرية تلحق خسائر جديدة وفادحة في صفوف ميليشيات الإخوان الإرهابية التي استأنفت قبل ساعة من الآن خروقاتها بقصف مدفعي مكثف ومحاولة التسلل والهجوم”.
ويعتقد العديد من المراقبين للشأن اليمني، أن معركة أبين باتت خارج دائرة السيطرة المباشرة للحكومة الشرعية، مع بروز مؤشرات عديدة على سيطرة التيار الرافض لاتفاق الرياض على مجريات المعركة، وتلقي القيادات العسكرية دعما إقليميا لفرض خيارات من خارج دائرة التسويات السياسية التي يعمل التحالف على إنجاحها.
وتراهن قيادات بارزة في الشرعية على إمكانية حدوث اختراق عسكري مفاجئ لصالح قواتها العسكرية في أبين، يزيح عن كاهلها أعباء الالتزام باستحقاقات اتفاق الرياض التي تعتبرها نصرا لصالح المجلس الانتقالي والاعتراف به كقوة سياسية في معادلة القوة اليمنية.
ووفقا لمصادر سياسية يمنية، تراوح جهود إخراج الحكومة الجديدة مكانها، مع انتهاء المشاورات واستنفاد التحالف العربي وسائله في حلحلة ملف التسوية بين الشرعية اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي.