الرئيسية / أخبار عربية ودولية / الانسحاب الأميركي يُحول أفغانستان إلى بؤرة للتنازع على النفوذ

الانسحاب الأميركي يُحول أفغانستان إلى بؤرة للتنازع على النفوذ

المكلا ( حضارم اليوم ) متابعات :

يراقب المحللون عن كثب خلال هذه الفترة الانعكاسات المحتملة التي سيخلفها الانسحاب الأميركي من أفغانستان، حيث أن العديد من القوى الفاعلة على الساحة الدولية تريد استغلال هذه الفرصة حتى تحقق مكاسب سياسية وجيواستراتيجية من تلك الخطوة رغم محدوديتها قياسا بالدور الذي لعبته الولايات المتحدة منذ قرابة عقدين من الزمن.

واشنطن – اعتبر مراقبون ودوائر صنع القرار السياسي الأميركي إعلان الرئيس دونالد ترامب سحب آلاف من القوات الأميركية من أفغانستان هو مجرد استجابة لمزاج عام في البلاد ضد التدخل في الخارج، لكنّه فتح الباب في الوقت نفسه أمام نفوذ متزايد، وإن كان لا يزال محدودا، لخصوم الولايات المتحدة.

ولدى إيران والصين وروسيا وباكستان والهند مصالح معقدة ومتضاربة في كثير من الأحيان في أفغانستان، حيث كانت الولايات المتحدة، بدعم من الحلفاء الغربيين، أكبر قوة أجنبية بلا منازع منذ غزوها لهذا البلد قبل حوالي 20 عاما.

وما قد ينشأ عن هذا التطور الجديد ليس مجرد “لعبة كبرى”، كما كان يطلق على معركة القرن التاسع عشر على النفوذ في آسيا الوسطى، ولكن فوضى كبرى، مع تراجع الولايات المتحدة حيث يحتمل أن تصعّد طالبان العنف للإطاحة بالحكومة المدعومة دوليا في كابول.

ولا يعتقد وليام فيكسلر المسؤول الكبير السابق في البنتاغون والخبير الآن في المجلس الأطلسي في تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية أن هناك من يستطيع تولي الدور الأميركي لأن لا أحد لديه التطلعات والأهداف نفسها.وليام فيكسلر: الدور الأميركي في أفغانستان لا يوجد من يستطيع القيام به

ولكن ما سيحدث، بحسب فيكسلر، هو أنه مع مغادرة الولايات المتحدة سيحاول كل لاعب آخر تحقيق أهدافه المحدودة والمحددة. وهو ما سيؤدي، في شكل كبير، إلى أن تدخل أفغانستان في مثل هذه الفوضى في المقام الأول.

وكانت إدارة ترامب قد أعلنت الثلاثاء الماضي أنها ستعيد ألفي جندي من أفغانستان و500 جندي آخرين من العراق بحلول منتصف يناير المقبل، أي قبل وقت قصير من تنصيب الرئيس المنتخب جو بايدن.

وكان ترامب تعهد بإنهاء “الحروب الأبدية”، التي لا تحظى بشعبية، فيما يدافع بايدن منذ سنوات عن إنهاء التدخل في أفغانستان، وهو الأطول في تاريخ الولايات المتحدة، والذي بدأ في أعقاب هجمات 11 سبتمبر 2001.

وقد عمد الرئيس المنتهية ولايته لتصوير كلّ من إيران والصين على أنهما خصمان لدودان للولايات المتحدة، وتعهد بتحدي نفوذهما في جميع أنحاء العالم، لكنّ طهران ستحقق هدفا طال انتظاره بخروج القوات الأميركية من جارتها، بعد أن أطاحت واشنطن بالفعل اثنين من أكبر أعداء نظام الملالي، حركة طالبان وصدام حسين.

ويرى مدير برامج أفغانستان وآسيا الوسطى في معهد الولايات المتحدة للسلام سكوت ووردن أنّ الصين وروسيا وإيران وربما باكستان بدرجة أقل، والتي أدى رئيس وزرائها عمران خان أول زيارة له منذ توليه منصبه قبل عامين إلى كابول، تشترك جميعها في أن لها مصلحة في خروج القوات الأميركية من المنطقة ولكن ليس مغادرتها “فجأة”.

وقال ووردن “لا أحد يريد أن يرى انهيارا وتجدد الحرب الأهلية ولا يريدون أن يعبر لاجئون أو إرهابيون من أفغانستان الحدود”، مشيرا إلى أن قلق طهران الرئيسي هو تواجد القوات الأميركية بالقرب من حدودها.

ومع ذلك، يعتقد المحلل في معهد الولايات المتحدة للسلام أن إيران تود بالتأكيد تجنب سيطرة طالبان على أفغانستان والانسحاب الأميركي المتسرع يزيد من ترجيح هذه النتيجة.

وزادت إيران اتصالاتها المحدودة مع طالبان مع تصاعد التوترات مع الولايات المتحدة، لكن من المتوقع أن يسعى بايدن إلى عودة التواصل الدبلوماسيّ مع طهران.

وفي خضم ذلك تتطلع الصين إلى زيادة الاستثمار في أفغانستان كجزء من خطة البنية التحتية العالمية “الحزام والطريق”. وقال فيكسلر إن “الصين ترغب في مواصلة الاستفادة المجانية من الأمن الذي توفره الولايات المتحدة في أفغانستان لأطول فترة ممكنة”.

لكن الصين ترغب أيضا، وذلك وفق المحلل فيكسلر، في الاستفادة من الرحيل الأميركي لتوسيع نفوذها وتوسيع نطاق روايتها بأنها جديرة بالثقة وأن الأميركيين ليسوا كذلك في الأساس.

أما روسيا، التي تعرضت في العهد السوفييتي لإهانة عسكرية على يد الجماعات الجهادية المدعومة من واشنطن، فهي كذلك غير مرتاحة لقوة النيران الأميركية على أعتابها ولكنها لا تريد انتصار طالبان.استعداد للبقاء أم الرحيل النهائي

وقالت الزميلة البارزة في معهد بروكينغز فاندا فيلباب براون لوكالة الصحافة الفرنسية “تريد روسيا والصين بالتأكيد أن تغادر الولايات المتحدة، لكنهما لا تمانعان في أن تكون الولايات المتحدة مشغولة ومكبلة هناك”.

وتظل القوة الإقليمية ذات الموقف الأقل غموضا هي الهند، التي ضخت ثلاثة مليارات دولار في أفغانستان على أمل استقرار الحكومة وهزيمة طالبان، التي وفرت الملاذ للمتطرفين الإسلاميين المعارضين لنيودلهي بشدة.

وبدورها دعمت باكستان، إلى جانب دول خليجية، نظام طالبان حينما سيطر على العاصمة كابول في العام 1996، وترى المؤسسة الأمنية في إسلام أباد الوضع في أفغانستان من منظور التنافس مع الهند.

ويؤكد المحللون أنّ الانسحاب الأميركي، الذي يريد ترامب استكماله بحلول منتصف عام 2021، سيسمح لباكستان بتحسين وضع وكلائها في أفغانستان، لكن المفارقة أنه قد يضعف مكانة إسلام أباد، إذ لن تكون القوات الأميركية بحاجة إلى مساعدتها اللوجيستية.

وحتى بعد سحب قواتها، ستحتفظ الولايات المتحدة بقدر كبير من النفوذ في أفغانستان بما في ذلك من خلال مساعدتها وتواجد دبلوماسيين والمساعدة الأمنية المستمرة.

وترى فيلباب براون أنه “تقدير معقول” أن يحصل خصوم الولايات المتحدة على دفعة معنوية بسبب الرحيل الأميركي من البلاد دون هزيمة طالبان، ولكن هناك أيضا الجانب الآخر من مصداقية الولايات المتحدة، لا يتعلق الأمر بأن الولايات المتحدة غير قادرة على التحمل، ولكن بأن تظل متورطة في صراع يتجاوز حدود ما يخدم مصالحها.

شارك الخبر

شاهد أيضاً

الإمارات ترحب بالاتفاق الذي توصلت إليه أذربيجان وأرمينيا

المكلا (حضارم اليوم) متابعات رحبت دولة الإمارات بالاتفاق الذي توصلت إليه أذربيجان وأرمينيا بشأن ترسيم …