المكلا ( حضارم اليوم ) متابعات :
تونس – أعادت زيارات مسؤولي حكومة الوفاق الليبية، وقيادات بارزة في تنظيم الإخوان المسلمين في ليبيا للدوحة، إلى الواجهة من جديد، الدور القطري في ليبيا، وسط تخوفات جدية من دوافع هذه الزيارات في وقت تسارع فيه نسق الحوارات السياسية والعسكرية بين الأطراف الليبية بحثا عن تسوية سياسية.
وكشفت هذه الزيارات عن ضعف وتراخ استخباراتي مُضاد لرصد التحركات القطرية وإفشال مُخططاتها التي تستهدف التغلغل عميقا في الواقع الليبي بما يمكنها من الالتفاف على المسار السياسي.
ويرسم التحرك القطري – الإخواني بهذا الأسلوب المتغيّر إطارا جديدا لدعم ما راكمه خلال السنوات الماضية لتحقيق انعطافة ميدانية تُحاكي مُستجدات الواقع السياسي، بما يمكّن قطر ومعها تركيا من تمرير أجندات مشروعهما المُشترك بالتزامن مع تصاعد الجهود الإقليمية والدولية لتوفير فرصة حقيقية لليبيين للاتفاق على تسوية سياسية.
وأكد خالد المشري، رئيس المجلس الأعلى الاستشاري للدولة في ليبيا، في أعقاب زيارة للدوحة أن “الزيارات المُتبادلة للمسؤولين القطريين والليبيين لكلا البلدين مستمرة ولم تتوقف أبدا”.
وسبقت زيارة المشري للدوحة زيارات مُماثلة قام بها عدد من وزراء حكومة الوفاق برئاسة فايز السراج، منهم وزير الخارجية محمد سيالة، ووزير الداخلية فتحي باشاغا، فيما يستعد وزير الدفاع صلاح الدين النمروش للقيام هو الآخر بزيارة للدوحة خلال الأسبوع الجاري، لمتابعة تنفيذ مذكرة تفاهم في المجال الأمني، بين قطر وحكومة السراج، كانت وقّعت في الدوحة قبل أيام.
ورأى مراقبون في تلك الزيارات مُقدمة لترتيبات سياسية وأمنية للمرحلة المقبلة، حيث لم يتردد طلال الميهوب، رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب الليبي، في القول إن “الهدف منها واضح ومكشوف للجميع، وهو محاولة التشويش على اتفاقية وقف إطلاق النار التي توصلت إليها اللجنة العسكرية المشتركة 5 + 5 في جنيف السويسرية”.
واعتبر الميهوب، في اتصال هاتفي مع “العرب” من مدينة بنغازي بشرق ليبيا، أن هذه المحاولة -التي وصفها بـ”اليائسة”- مآلها الفشل؛ “لأن هناك تصميما لدى الليبيين على إنهاء الدور القطري وكذلك التركي في ليبيا، والتخلص من أدواتهما العلنية والمخفية”، في إشارة إلى الميليشيات والتنظيمات الموالية لجماعة الإخوان المسلمين.
ويُشاطر هذا الرأي النائب البرلماني الليبي علي التكبالي الذي قال، في اتصال هاتفي مع “العرب”، “إن هذه التحركات القطرية تأتي في الوقت الذي تجري فيه محاولات جادة لإيجاد أرضية لتوافقات تُعبّد طريق التصالح بين الليبيين، ما يعني أن الهدف منها هو إفشال تلك الجهود، وإحباط أي مسعى للتصالح”.
وتدفع قراءات أخرى بأهداف إضافية لما ذهب إليه الميهوب والتكبالي، وترى أن قطر تسعى من وراء ذلك إلى محاولة استباق نتائج الحوارات الليبية بإعادة ترتيب أوراقها لضمان الإبقاء على دورها وتأثيرها في المشهد السياسي الليبي القادم الذي سيتشكل على وقع نتائج المسار السياسي الجاري، بما يُوفر لها عوامل استكمال مشروعها في ليبيا.
وفي المقابل عبر مراقبون عن استغرابهم من ضعف وتراخي عمليات الرصد الاستخباراتي الليبي في متابعة هذه التحركات وإفشالها، وخاصة أن قطر استطاعت أن تكون حاضرة في ليبيا طيلة هذا العام دون أن تلفت الأنظار إليها.
وكشف المشري في تصريحاته عن وجود عدة لقاءات ثنائية بين الجانبين جرت في عدة دول، الأمر الذي دفع علي التكبالي إلى الإقرار ضمنيا بمثل هذا التقصير في العمل الاستخباراتي المُضاد، حيث قال “ليس هناك رصد حقيقي لهذه التحركات وللأشخاص الذين يتنقلون بين قطر وتركيا لتلقي الأوامر التخريبية ثم يعودون إلى ليبيا لفرضها”.
وعزا ذلك إلى ما وصفه بـ”تناثر أجهزة المخابرات”، باستثناء المخابرات العسكرية التي قال إنها تقوم بواجبها، مُحذرا في الوقت نفسه من أن بقاء الوضع على ما هو عليه بحالة التراخي التي يتسم بها، ستكون له عواقب وخيمة على الأمن القومي الليبي، ذلك أن “الذين يقومون بتلك التحركات سينتهي بهم المطاف إلى بيع ليبيا بشكل كامل للأجنبي”.
غير أن طلال المهيوب سعى إلى التقليل من الرأي القائل بأن بروز الدور القطري هذه الأيام بهذا الشكل الخطير، مرده ضعف أو تراخي عمليات الرصد الاستخباراتي الليبي في متابعة هذه التحركات وإفشالها، مؤكدا أن الدور القطري الاستخباراتي في غرب ليبيا مكشوف ومعلوم للجميع ولا يمكن تجاهله أو حجبه أو تغطيته.
وقال “القطريون والأتراك يتحركون في تلك المساحات التي تشمل أيضا مساحات أخرى في دول الجوار مستفيدين من عدة عوامل، لكن لا وجود لهم في مناطق شرق ليبيا، ولن يستطيعوا التسلل إليها لأن الجيش الليبي وأجهزته سيكونان لهم بالمرصاد، وسيفشلان جميع تحركاتهم”.
وعبر الميهوب عن ثقته بنهاية قريبة للدور القطري والتركي في ليبيا.
وتجمع أوساط سياسية وعسكرية ليبية على أن استمرار هذا الوضع على حاله سيُراكم المزيد من العوامل التي تجعل الدور القطري والتركي أكثر قوة في التأثير على مجريات الأمور والتفرعات الناتجة عنها سياسيا وأمنيا وعسكريا.