الرئيسية / تقارير واخبار / بقوة السلاح..الحوثيون يفرضون ارائهم العقائدية بالمدارس ويحولون الطلاب وقوداً لحربهم العبثية

بقوة السلاح..الحوثيون يفرضون ارائهم العقائدية بالمدارس ويحولون الطلاب وقوداً لحربهم العبثية

المكلا ( حضارم اليوم ) العرب

تتجاوز التحذيرات المتواترة في التقارير الصحافية والحقوقية، وعلى ألسنة الكثير من المسؤولين الدوليين والأمميين، من الأخطار المحدقة بسكان المناطق اليمنية الواقعة تحت سيطرة جماعة الحوثي المتمرّدة، الوضع الراهنَ في تلك المناطق رغم سوئه الشديد، إلى التساؤل عن مصير ذلك الجزء الهام من المجتمع اليمني ومستقبل جيل صاعد هناك تربّى على الحرب ومآسيها، بل أُجبر في الكثير من الأحيان على الانخراط فيها وحمل السلاح في سنّ مبكّرة، وحُرم قسم كبير منه من التعليم، فيما يتلّقى قسم آخر “تعليما” هو أقرب إلى عملية غسل أدمغة يتمّ خلالها تلغيم عقول الناشئة بأفكار الجماعة الدينية والطائفية وشعاراتها التي عفا عليها الزمن.

وتعكس رؤية الحوثيين للعملية التعليمية وطريقتهم في إدارتها بمناطق سيطرتهم ضيق أفق حركتهم وغياب أي نوع من أنواع التفكير المستقبلي لديهم، على غرار مختلف الأجسام السياسية الدينية والطائفية التي توالدت خلال العشريات الأخيرة في عدد من البلدان العربية على شكل جماعات مسلّحة منخرطة في القتال على الأرض وفرض وجودها بقوّة السلاح، بالتوازي مع انخراطها في السياسة حتى غدت مُشاركة في الحكم، كما هو الحال في العراق ولبنان.

ويدرك الحوثيون استحالة مواصلة فرض سيطرة دائمة بالحديد والنار على الجزء الكبير الذي يحتلونه من اليمن، ولذلك يعملون على غزو عقول الناشئة بهدف تخريج جيل جديد مؤمن بأفكارهم السطحية التي لا تشكّل في حقيقة الأمر منظومة فكرية متماسكة تستطيع أن تكون أرضية لتجربة سياسية صالحة لحكم البلدان وإدارة شؤونها ومقدّراتها المادية والبشرية.

عداوة للتعليم
أظهر الحوثيون منذ سيطرتهم على العاصمة اليمنية صنعاء وباقي المناطق عدم اكتراث بالعملية التعليمية التي لم تكن أصلا في أحسن أحوالها، وراحوا يصرفون ما استولوا عليه من مقدّرات الدولة بشكل أساسي نحو تدعيم مجهودهم الحربي. بل إنّهم لم يتوانوا في الكثير من الأحيان عن إظهار عداوتهم لأسرة التعليم وارتيابهم من أغلب أعضائها باعتبارهم معارضين محتملين لأفكار الجماعة التي تعلم مسبقا أنّها لا تروق للأوساط العلمية والثقافية.

وحين يلتفت الحوثيون للتعليم، فإن ذلك يكون لهدف مباشر وهو توجيهه لخدمة مشروعهم المرتبط عضويا بالمشروع الإيراني في المنطقة ولترويج أفكارهم وأيديولوجيتهم لدى أوسع شريحة ممكنة من المجتمع. ويتّهم وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني جماعة الحوثي “بمحاولة تجهيل المجتمع واستلاب إرادته” عبر تدريس مناهج تعليمية محرفة في المدارس بمناطق سيطرتها، تخدم “الأجندة الإيرانية التخريبية”.

ووضعت الحرب التي بدأها الحوثيون في 2014 الملايين من اليمنيين على حافة المجاعة وبات 80 في المئة من السكان يعتمدون على المساعدات الإنسانية، كما تسببت في تدهور العملية التعليمية جراء التدمير الهائل الذي طال عددا كبيرا من المدارس بعموم المحافظات.

ويقول الإعلامي والناشط الحقوقي اليمني همدان العليي، إنّ ميليشيات الحوثي تختطف التعليم وتستغله لتحقيق أهداف سياسية وعسكرية وطائفية من خلال جملة من الأنشطة والإجراءات والممارسات التي أدت في نهاية المطاف إلى انهيار العملية التعليمية في المناطق الخاضعة لسيطرة جماعة الحوثي.

وتظهر إحصائيات نشرتها نقابة المعلمين اليمنيين في وقت سابق أن الحوثيين قاموا منذ سيطرتهم على المناطق اليمنية بقتل 98 معلّما خارج نطاق القانون سبعة منهم قتلوا تحت التعذيب، وأنّ قرابة 2500 إطار تعليمي تعرّضوا لاعتداء جسدي من قبل الميليشيا، فيما صدرت عشرة أحكام بالإعدام على خلفيات سياسية لمدراء مدارس ومدرّسين وطلاب.

كما ورد في نفس الإحصائيات أنّ الحوثيين نفّذوا أكثر من 1200 عملية اختطاف شملت مدراء مدارس ومعلمين وطلبة، وقرابة 150 حالة إخفاء قسري لمعلمين وطلاب، وأنّهم قاموا بتعذيب مدّرسين وطلبة من مختلف المستويات والاختصاصات بتهم كيدية تحوم عامّة حول عدم ولائهم للجماعة أو اعتراضهم على أفكارها وسياساتها.

أمّا ما تمّ تدميره من مدارس ومرافق تعليمية، إما بشكل مباشر من قبل الحوثيين وإما بسبب الحرب التي أشعلوها وبسبب احتمائهم بالمنشآت التعليمية، فتجاوز 1700 مدرسة ومؤسسة، بينما قام الحوثيون بإغلاق أكثر من 3500 منشأة تعليمية وتحويل البعض منها إلى ثكنات عسكرية ومخازن للسلاح.

ويطالب العليي الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا بالقيام بواجبها والعمل على حماية طلاب اليمن والعاملين في المجال التربوي والتعليمي، بالإضافة إلى ضرورة تسليم مرتبات المعلمين في كافة الأراضي اليمنية، مشدّدا على ضرورة أن تكون عملية تسليم أي معونات مخصصة للتعليم والمعلمين عبر الحكومة الشرعية وليس عبر الجماعات المسلحة التي تستغل تلك المساعدات لنشر أفكارها المتطرفة.

استخفاف بالمستقبل
يظهر الحوثيون استخفافا واستهانة كبيرين بمصير الأجيال الصاعدة وتخلو تعاليمهم من قيم احترام الطفل والحفاظ على حقوقه. ولم يتردّد حسن زيد “وزير الشباب والرياضة” في حكومة صنعاء الموازية، في الدعوة إلى تعليق الدراسة لمدة عام وإرسال الطلاب والأساتذة إلى جبهات القتال من أجل “حسم المعركة” التي تخوضها ضدّ القوات الحكومية المدعومة من التحالف العسكري الذي تقوده السعودية.

وكتب زيد على صفحته في موقع فيسبوك “ماذا لو توقفت الدراسة لعام وتوجّه الشباب كلهم ومعهم أساتذتهم للتجنيد.. ألن نتمكن من رفد الجبهات بمئات الآلاف ونحسم المعركة”. وردت جهات حقوقية وإعلامية يمنية بعنف على المسؤول الحوثي معتبرة أن دعوته جادّة بالنظر إلى أزمة إمداد الجبهات بالمقاتلين التي يواجهها الحوثيون لتعويض خسائرهم البشرية الكبيرة.

وكان زيد تقدمّ بمقترحه الغريب ردّا على إضراب شنّه المدرّسون المطالبون بحدّ أدنى من حقوقهم، بما في ذلك مرتّباتهم المتوقّفة. وقال ردّا على تعليقات ناقدة ومستهزئة من اقتراحه “ها أنتم تغلقون المدارس بمبرّر الإضراب، وعندما نفكر في كيفية الاستفادة من الظروف القاهرة تتنابحون”.

وعكس هذا السجال الأزمة الأخلاقية التي وقع فيها الحوثيون بسبب اعتداءاتهم على المدارس واقتحامهم للجامعات لملاحقة قيادات طلابية يتهمونها بالتحرّك ضدّهم. وتقول ندوى الدوسري الخبيرة والباحثة في شؤون القبائل اليمنية، إنّ الوضع في مناطق سيطرة المتمردين “يزداد تشدداّ”.

وبحسب الباحث اليمني عادل الأحمدي، فإنّ جماعة الحوثي “حركة قائمة على منظومة من المفاهيم والعقائد الدينية.. انتقلت من مربع المظلوم إلى موقع المسيطر على مقاليد الحكم”.

وطوال سنوات الحرب، أثبت الحوثيون قوّتهم القتالية لكنّهم أظهروا كذلك تماسكا تنظيميا كبيرا وقدرة على الإمساك بمفاتيح المجتمع بقبضة من حديد. ويلاحظ متابعون للشأن اليمني، أنّ الحوثيين يزدادون صرامة في فرض تعاليمهم على المجتمع بالتوازي مع تمكّنهم من فرض سلطتهم السياسية وقبضتهم الأمنية على المناطق التي يحتلّونها.

وبحسب سكان في صنعاء، فإنهم لاحظوا منذ نهاية 2019 في أعقاب فترة من الانتصارات العسكرية حققتها الجماعة تشدّدا اجتماعيا أكبر من قبل الحوثيين وشراسة في فرض رؤاهم السياسية والدينية بالقوّة على الأهالي.

ويستخدم الحوثيون قوّة السلاح لفرض عقائدهم في مناطق لا ينتمي سكانها لحركتهم ولا يتبنون مذهبها، كما يستخدمون في ذلك المؤسسات التي استولوا عليها، وعلى رأسها مؤسسة القضاء التي أصدرت منذ سيطرة الحوثيين على صنعاء قبل نحو ستّ سنوات عددا كبيرا من أحكام الإعدام أو السجن لمدد طويلة بتهم تتصل مباشرة بالعقائد على غرار تلك الأحكام التي أصدروها ضدّ عدد من أفراد ورموز الطائفة البهائية.

وتتواتر منذ سنوات التقارير الحقوقية، عن أوضاع العدالة في مناطق سيطرة الحوثيين، متضمنة معلومات كثيرة عن محاكمات سريعة دون أي ضمانات تستهدف بشكل خاص المعارضين للجماعة، وحتى المشكوك في ولائهم لها.

وتتحدّث ذات التقارير عن أحكام بالغة القسوة تصل حتّى الإعدام. كما تُظهر أوضاعا مزرية داخل السجون التي يديرها الحوثيون حيث تنعدم أدنى الحقوق وتُنتهك الحرمة الجسدية والنفسية للسجناء.

وقود لحرب عبثية
وفي أواخر 2018 وقّع اليمن ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة اليونيسيف اتفاقية خارطة طريق لحماية الأطفال في مختلف أنحاء اليمن والحيلولة دون تجنيدهم. ومنتصف يونيو من العام الجاري صنّف تقرير للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش اليمن في قائمة الدول الأكثر دموية للأطفال إلى جانب أفغانستان وسوريا.

ولا تزال جهود بعض المنظمات تساهم في كشف النقاب عن جرائم يرتكبها الحوثيون في اليمن. واتهمت منظمة العفو الدولية في تقرير سابق الجماعة المتمرّدة بتجنيد الأطفال واستخدامهم في الخطوط الأمامية في الصراع الدائر بالبلد.

وقالت المنظمة في تقريرها إنّ “هناك أدلة بخصوص تجنيد جماعة الحوثي للأطفال الذين لا تتجاوز أعمارهم 15 عاما للقتال كجنود في الخطوط الأمامية في اليمن”. وأوضحت أنها تحدثت إلى عائلات تم تجنيد أطفالها من قبل الحوثيين، واصفة ذلك التجنيد بأنه “ينتهك القانون الدولي”. وقال التقرير إن “أسر الأطفال المجنّدين تلقت أنباء تفيد بأن أطفالها موجودون على الحدود اليمنية السعودية”.

وتابع التقرير “من المروّع أن قوات الحوثيين تأخذ الأطفال بعيدا عن آبائهم ومنازلهم وتجرّدهم من طفولتهم لوضعهم على خط النار، ما قد يعرضهم للوفاة”.

ووصف التقرير تجنيد الحوثيين للأطفال بأنه “انتهاك مخز ومشين” للقانون الدولي، مشددا على وجوب الإنهاء الفوري لجميع أشكال تجنيد الأطفال دون سن 18 عاما من قبل الحوثيين، وإطلاق سراح جميع الأطفال في صفوفهم. ونقل التقرير عن مواطنين يمنيين قولهم إنّ هناك زيادة لتجنيد الأطفال من قبل الحوثيين في أحيائهم تم تسجيلها من خلال عدم حضورهم للدراسة في مدارسهم.

ويربط مراقبون تفاقم ظاهرة تجنيد المتمرّدين الحوثيين للأطفال، بحسب مصادر يمنية، بكثرة خسائرهم البشرية في الحرب، في مقابل مواجهتهم عزوفا من طرف القبائل التي كانت تمثّل خزانهم البشري عن إرسال أبنائها للقتال في صفوف التمرّد لاقتناعها بعبثية الحرب وبعدم إمكانية تحقيق أي انتصار فيها.

وترصد المصادر ذاتها لجوءا متزايدا من قبل ميليشيا الحوثي إلى تجنيد الأطفال والنزول بسنّ المجندين في أحيان كثيرة إلى عمر العشر سنوات وحتى أقل من ذلك حين تسمح البنية الجسدية لبعض الأطفال بحمل السلاح.

شارك الخبر

شاهد أيضاً

فريق التواصل وتعزيز الوعي السياسي بالمجلس الانتقالي يزور مركز سقطرى للإبداع

سقطرى (حضارم اليوم) خاص قام فريق التواصل وتعزيز الوعي السياسي في المجلس الانتقالي الجنوبي، برئاسة …