المكلا ( حضارم اليوم ) العرب اللندنية
نفت مصادر سياسية مطلعة صحة الأنباء المتداولة عن عقد مشاورات سياسية بين الحكومة اليمنية والحوثيين في سويسرا برعاية أممية. وقالت إن الاجتماع، الذي من المفترض عقده خلال الأيام القادمة في إحدى المدن السويسرية، هو لقاء فني مجدول منذ ستة أشهر، استكمالا لثلاثة لقاءات استضافتها العاصمة الأردنية عمان حول ملف تبادل الأسرى، بإشراف مكتب المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث واللجنة الدولية للصليب الأحمر، وعقد آخرها في فبراير الماضي.
وأشارت المصادر إلى أن اللقاء المرتقب جاء بضغوط شديدة مارسها مارتن غريفيث في زيارته الأخيرة إلى الرياض، بهدف تمرير وثيقة “الإعلان المشترك” التي تستهدف فرض الأمر العسكري القائم في اليمن ومنح الحوثيين وضعا تفاوضيا مميزا.
ويسعى المبعوث الأممي إلى إنقاذ صورته أمام المجتمع الدولي والأمم المتحدة وإبراز أي نوع من التقدم في جهوده المتعثرة لتنفيذ اتفاقات السويد، وهو ما يفسر نقل الاجتماعات الفنية من الأردن إلى سويسرا بهدف إضفاء طابع سياسي عليها.
ووفقا لمصادر “العرب” فقد تم استدعاء أعضاء الفريق الفني لملف تبادل الأسرى في الحكومة اليمنية برئاسة هادي هيج إلى العاصمة السعودية الرياض، تمهيدا لسفرهم إلى سويسرا لعقد الاجتماع الرابع في سلسلة اللقاءات مع ممثلي الحوثي التي انبثقت عن اتفاقات ستوكهولم الموقعة بين الطرفين في أواخر عام 2018.
ولجأ غريفيث إلى تحريك ملف الأسرى، الذي يوصف بأنه أقل الملفات تعقيدا في الأزمة اليمنية، بهدف تحقيق اختراق من أي نوع، غير أن الاجتماعات التي عقدت في عمّان لم تفلح في تحقيق أي إنجاز يذكر، نتيجة انعدام الثقة بين الحكومة والحوثيين، في ظل سعي الطرف الحوثي للاتفاق على آلية تبادل الأسرى من خلال تسليم معتقلين مدنيين مقابل أسراه العسكريين.
وكشفت المصادر عن رفض الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي ونائبه لقاء غريفيث خلال زيارته القصيرة إلى الرياض التي اختتمت الأحد، وتوجيه وزير الخارجية محمد الحضرمي ومستشار الرئيس أحمد عبيد بن دغر باللقاء به، إلى جانب لقاء آخر جمعه برئيس مجلس النواب سلطان البركاني الذي جدد التعبير عن استياء “الشرعية” من فشل اتفاقات السويد واستمرار الحوثيين في خرق الهدنة في الحديدة.
وقال الحساب الرسمي لمكتب المبعوث الأممي إن الزيارة الرسمية التي أداها غريفيث إلى الرياض وتضمنت لقاء مسؤولين في “الشرعية” تمحورت حول مناقشة التعديلات الأخيرة على مسودة الإعلان المشترك التي يسوقها المبعوث باعتبارها مبادرة للحل النهائي للأزمة اليمنية.
وفي محاولة لامتصاص حالة الغضب والإحباط التي تواجهها جهوده لتمرير وثيقة “الإعلان المشترك” في ظل تصاعد الهجوم الحوثي على مأرب، أشار الحساب الرسمي لغريفيث على تويتر إلى أن مباحثات المبعوث في الرياض ركزت “على العواقب الإنسانية الوخيمة المترتبة على التصعيد العسكري في مأرب وما حولها، خاصة أن مأرب تمثل ملاذًا آمنًا لمئات الآلاف من النازحين اليمنيين”، وجدد المبعوث الأممي الخاص تشديده على ضرورة وقف الهجوم على المدينة.
واشتملت لقاءات غريفيث في العاصمة السعودية على لقاء مع نائب وزير الدفاع السعودي، الأمير خالد بن سلمان، والسفير السعودي لدى اليمن محمد آل جابر، وهي اللقاءات التي تطرقت إلى اتفاق الرياض الذي يعتبره غريفيث أحد أركان مبادرته للحل الشامل في اليمن إلى جانب اتفاقات السويد. وأكد الحساب الرسمي للمبعوث أن اللقاءات مع المسؤولين السعوديين ناقشت “طرق التحرّك نحو حلّ سياسي شامل في اليمن”.
ويراهن المبعوث الأممي إلى اليمن على استثمار الضغط العسكري على الحكومة الشرعية في مأرب للحصول على تنازلات تمكنه من تمرير رؤيته للحل الشامل في اليمن المقدمة تحت عنوان “الإعلان المشترك”، والتي أبدت الحكومة اليمنية تحفظات كبيرة حولها.
كما تؤكد مصادر “العرب” أن دولًا أعضاء في مجلس الأمن والاتحاد الأوروبي تمارس ضغوطا متزايدة على قيادات “الشرعية” للموافقة على النسخة الأخيرة من “الإعلان المشترك” القائمة على الاعتراف بسياسة الأمر الواقع التي فرضها الحوثيون على الأرض خلال ست سنوات من الحرب.
وتشير المصادر إلى أن بعض الدول باتت تلوح بفرض عقوبات واتهام بعض القيادات السياسية والعسكرية بالمشاركة في ارتكاب جرائم حرب، وهو ما ترمي إليه تقارير فريق الخبراء الأمميين حول حالة حقوق الإنسان في اليمن، الذي طالب في تقريره الأخير بإحالة ملف الانتهاكات في اليمن إلى محكمة الجنايات الدولية.
ووصف مراقبون التقرير الأخير بأنه شكل من أشكال الابتزاز السياسي التي تمارس على أطراف النزاع في اليمن، وخصوصا على “الشرعية”، للموافقة على صيغة التسوية المقدمة من قبل المبعوث الأممي إلى اليمن والتي تعكس حالة التوافق الدولي تجاه الأزمة اليمنية.
ويشهد الملف اليمني تطورات سياسية وعسكرية متسارعة، في ظل مؤشرات على تغيرات في طريقة تعاطي التحالف العربي بقيادة السعودية مع الملف في الفترة القادمة، وهو ما بدأت أولى ملامحه بعد إقالة قائد القوات المشتركة السابق فهد بن تركي، وتعيين رئيس أركان الجيش السعودي الفريق الركن مطلق بن سالم الأزيمع خلفا له.