المكلا ( حضارم اليوم ) وكالات
تسير مملكة البحرين على خطى دولة الإمارات نحو تحقيق سلام استثنائي مع إسرائيل، يهدف إلى إخراج المنطقة من ركودها وإحلال الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط.
ووفقاً لصحف عربية صادرة اليوم السبت، يكمن الهدف الرئيسي من الاتفاق في نشر السلام والدفاع عن قضايا ومصالح الشعب الفلسطيني، فيما كشفت مصادر إلى وجود محاولات للاتفاق مع دول عربية أخرى في غضون أشهر.
استثمار في السلام
أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن توصّل مملكة البحرين إلى اتّفاق مع إسرائيل على تطبيع العلاقات بينهما، وسط ترحيب إسرائيلي عبّر عنه رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو بالقول “لقد استثمرنا في السلام على مدار سنوات طويلة والآن يستثمر السلام فينا، وسيجلب استثمارات كبيرة حقاً إلى اقتصاد إسرائيل، وهذا مهم للغاية”.
وحسب صحيفة العربية اللندنية، ينهي الإعلان الأمريكي التساؤلات التي راجت بقوة خلال الفترة الأخيرة بشأن الدولة الخليجية الثانية التي ستطبّع علاقاتها مع إسرائيل، بعد أنّ حولت تصريحات الرئيس ترامب، وقبل ذلك صهره ومستشاره جاريد كوشنر الأمر إلى يقين.
وأوضحت الصحيفة أن البحرين حرصت في البداية على أن تلتزم بالموقف الذي أعلنته جارتها الكبرى السعودية من مسألة التطبيع، ويتمثّل في ربط إقامة علاقات طبيعية مع إسرائيل بتحقيق تقدّم في عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وفق مقتضيات مبادرة السلام العربية التي كانت السعودية نفسها وراء إعلانها مطلع القرن الحالي.
وحين وافقت السعودية على فتح مجالها الجوّي أمام الطيران المدني الإسرائيلي لتأمين رحلات مباشرة بين إسرائيل والإمارات، لم تتردّد البحرين في اتّخاذ نفس القرار.
وعبر كوشنر سابقاً عن قناعته بانضمام دول عربية أخرى إلى مسار تطبيع العلاقات مع إسرائيل، مشيراً إلى أنّه من الممكن والمنطقي أن تقيم جميع الدول العربية الـ22 اتفاقيات سلام مع إسرائيل في يوم من الأيام، كما كشف عن قرب توقيع اتفاقية سلام بين دولة عربية أخرى -لم يسمها- وإسرائيل، وذلك في غضون أشهر من الآن.
مملكة السلام
ومن جهتها، قالت صحيفة الوطن البحرينية في افتتاحيتها “لطالما وصفت البحرين دوماً بأنها مملكة السلام”، داعية إلى “التعايش السلمي والتسامح، مستندة في ذلك إلى تاريخ وحضارة تمتد عبر آلاف السنين”.
وأضافت “تؤكد البحرين دوماً، قيادة وحكومة وشعباً، تمسكها بسيادتها التي تعتبرها خطاً أحمر لا يقبل المساومة، لأن قراراتها نابعة من ثوابت وطنية وعربية ومصالح أمنية عليا”.
وأوضحت أن “القاصي والداني يدرك تماماً أن خطوة إقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل تتماشى مع ثوابت المملكة، لإيمانها القوي بأن السلام هو الخيار الاستراتيجي الأمثل لإنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وفي نفس الوقت يتذكر العالم أجمع كيف أن البحرين على مدار عقود وهي تأخذ على عاتقها دعمها للشعب الفلسطيني وحقوقه لأنها تعتبرها ثوابت عربية لا يمكن الحياد عنها”.
وِأشارت الصحيفة إلى أن خيار البحرين للسلام يدفعها إلى التمسك بنشر الأمن والأمان في المنطقة، لأن المملكة تدرك تماماً أن إعلان تأييد السلام مع إسرائيل لا يتعارض مع مبادرة السلام العربية وقرارات الشرعية الدولية، بل إنه يخلق فرصاً أفضل للشعب الفلسطيني في إقامة دولة مزدهرة ومستقرة.
وتابعت “لقد حان الوقت لنبذ أية دعوات أو شعارات تقوض جهود السلام، وأن يستمع العالم إلى رسالة البحرين للسلام باعثة بنداءات وتسابيح المودة والحب والتسامح، نحو البناء والإعمار، ووضع نهاية حتمية للآلام والدمار والخراب في منطقة غرقت في الدماء على مدى عقود مضت، لأن البحرين كانت وستبقى دوماً مملكة السلام”.
طريق مفتوح
وجاء في صحيفة الاتحاد الإماراتية، خلال كلمتها الافتتاحية “من الإمارات العربية المتحدة، إلى مملكة البحرين، تتجذر خطى السلام مع إسرائيل، من خريطة طريق، إلى طريق مفتوح أمام كل من يمتلك شجاعة التغيير، والمضي إلى الأمام، بفكر شعاره أمل المستقبل، لا كراهية الماضي”.
وأضافت أن “قيادة شجاعة ملهمة قررت في 13 أغسطس(آب) الماضي، أن الوقت قد حان لإخراج المنطقة من ركودها، ورؤية ثاقبة اختارت في 11 سبتمبر(أيلول) الجاري الانضمام إلى بناء السلام بأفعال السلام”.
وأوضحت أن ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، صاحب القيادة القدوة لبلاد الأخوة الإنسانية التي وضعت حجر الأساس لسلام يدفع المنطقة إلى التنمية والازدهار، والعاهل البحريني الملك حمد بن عيسى آل خليفة، القائد الاستثنائي لرؤية تؤمن بأن الحوار والعلاقات المباشرة، من شأنهما بناء التحول الإيجابي وتحقيق الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط.
وأِشارت الصحيفة إلى أن دولة الإمارات في ترحيبها بقرار البحرين مباشرة العلاقات مع إسرائيل، تأمل في أن يكون لهذه الخطوة المهمة أثر إيجابي على مناخ السلام والتعاون الاقتصادي والثقافي والعلمي والدبلوماسي إقليمياً ودولياً.
وذكرت أن الإمارات والبحرين على موقف واحد بأن السلام إنما يشكل خياراً استراتيجياً، دعماً لحل الدولتين، وتوجيه رسالة إيجابية إلى شعب إسرائيل، بأن السلام العادل والشامل مع الشعب الفلسطيني هو الطريق الأفضل لمستقبله وشعوب المنطقة.
فوائد استراتيجية
وبدورهم، علق خبراء في تقرير لصحيفة الوطن المصرية على اتفاق السلام الذي أبرمته مملكة البحرين مع إسرائيل، الذي جاء خلال أقل من شهر من اتفاق مماثل أبرمته دولة الإمارات، بالتأكيد أن هناك 3 فوائد استراتيجية للسلام مع إسرائيل.
واعتبر الأكاديمي والباحث السياسي البحريني محمد مبارك جمعة، أن الاتفاقيتين اللتين أبرمتهما الإمارات والبحرين مع إسرائيل، مختلفتان لأن الدولتين اللتين أبرمتهما لا تربطهما أية حدود جغرافية مع إسرائيل، وليستا على اتصال مباشر بما يجري في القضية الفلسطينية.
وأشار إلى أن الاتفاقيتين الجديدتين أبرمتا في ظروف أمنية ليست سهلة، لكنها ليست مع إسرائيل وإنما مع أطراف إقليمية أخرى مثل النظام الإيراني، الذي يهدد بشكل مستمر دول المنطقة، ومن بينها البحرين.
وأكد أن هذه المعاهدات تتمتع بطابع خاص، مشيراً إلى أهمية الاتفاقين الجديدين بالنسبة للقضية الفلسطينية، وتابع أنه “بمجرد إبرام الإمارات الاتفاق مع إسرائيل، تمكنت من إقناع إسرائيل بالعدول عن ضم أراض فلسطينية مليئة بالموارد المائية، وهو إجراء مهم جداً على مستوى المحادثات الثنائية”.
وقال كبير الباحثين بمعهد واشنطن، ديفيد بولوك إنه “يوجد أعداء مشتركون وأصدقاء مشتركون أيضاً بين دول الخليج وبعض الدول العربية، من جهة، وإسرائيل من جهة أخرى”.
وأكد أن الأعداء المشتركين يتمثلون “بالنظام الإيراني والتطرف الديني والإرهاب”، فيما يتمثل الأصدقاء المشتركون بـ”الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية ودول أخرى حول العالم تسعى للسلام والتنمية الاقتصادية”، مؤكداً أهمية تكاتف تلك الدول في التصدي للتهديدات التي تواجه أمنها.
وأما المسؤول السابق بالاستخبارات الأمريكية، نورمان رول، فرأى أن مثل هذه الاتفاقات مهمة للتنسيق بين الدول للعمل ضد الإرهاب والأعداء المشتركين مثل إيران، معتبراً أن الأخيرة هي البديل للجماعات الإرهابية مثل داعش والقاعدة.