(حضارم اليوم) فرج عوض طاحس
شهد وادي حضرموت في فترات سابقة وقفات إحتجاجية أمام إدارة الوكيل للوادي والصحراء نظمها المجلس الإنتقالي بمديرية سيؤن بالتعاون والتنسيق مع المجالس الإتتقالية بمديريات الوادي ، إحتجاجاً على ظاهرة الفلتان الأمني الذي يشهدها وادي حضرموت منذ فترة طويلة والتي انعكست بشكل ملحوظ في أعمال القتل والتقطع والإختطافات والإغتيالات لشخصيات أمنية وعسكرية ومواطنين ، وسرقة ممتلكات ، وفشل الأجهزة الأمنية والعسكرية في الوادي بضبط الجناة وتحقيق الأمن والاستقرار، وقد أوجدت هذه الظاهرة حالة من الاستياء والغضب في صفوف المواطنين ، واشعلت مواقع التواصل الإجتماعي ، ومطالبات المواطنين المتواصلة بتوحيد حضرموت تحت سلطة أمنية وعسكرية واحدة ، وأن يتولى هذا الملف أبناؤها من قوات النخبة الحضرمية وقوات المنطقة العسكرية الثانية التي نجحت بشكل كبير في توفير الأمن والاستقرار في مدن وقرى الشريط الساحلي والحد من الجريمة ، بدلا عن قوات المنطقة العسكرية الأولى ، والقوات الأمنية الأخرى التي أظهرت فشلاً واضحاً في ضبط الأمن وتحقيق الاستقرار في هذا الوادي الذي أضحى مرتعاً خصبا للجريمة بكل أشكالها ، بسبب الفلتان الأمني الذي يعيشه ، وغياب الدولة .
وقد قوبلت طلبات مواطني الوادي بنشرقوات النخبة الحضرمية في الوادي برفض واستهجان من قبل القيادات العسكرية للمنطقة العسكرية الأولى والأمنية وقوات التحالف العربي ، السعوديين المسؤولين عن الملف الأمني والعسكري ، معتبرين ذلك تدخلاً مرفوضاً في صلب مهامهم ، في الوقت الذي هناك العشرات من أبناء الوادي تم تدريبهم من قبل التحالف يقبعون في بيوتهم دون أن تسند لهم مهام عسكرية ، ومن إجل امتصاص نقمة المواطنين واسكات الإصوات المطالبة بقوات النخبة الحضرمية ، كُوِّنَتْ كتيبة أُطلق عليها كتيبة الحضارم تابعة للمنطقة العسكرية الأولى ، تقوم ببعض الدوريات داخل مدينة سيؤن والتمركز في بعض المواقع ، لكن ذلك لم يغيرشيئاً في الوضع الأمني في الوادي ، لازالت الفوضى الأمنية ، هي المتحكمة في المشهد العام في هذا الوادي ، فالقتل والإغتيالات والسرقات والإختطافات ، والبلطجة ، هي من أبرز ملامح هذا المشهد الدموي المؤلم جداً حتى اليوم ، فالملف الأمني والعسكري لازال يتحكم فيه غير أبناء هذا الوادي وغير أبناء حضرموت بشكل عام ، ويجب أن يظل الضغط الشعبي قائماً من أجل نشر قوات النخبة الحضرمية في الوادي وتوحيد حضرموت في إطار سلطة أمنية وعسكرية وإدارية واحدة ، وإلغاء الإزدوجية القائمة .
ماتعرف بكتيبة الحضارم في المنطقة العسكرية الأولى ، على الرغم من محدودية المهام التي تقوم بها ، فهي على مايبدو أنها باتت هدفاً واضحاً ومركَّزاً للإرهاب ، فقد قتل بالرصاص جنديان شابان من منتسبي هذه القوة من أبناء مدينة تريم ، بالقرب من منطقة تاربة ، وهما في طريقهما على دراجة نارية إلى مدينتهما تريم ، على أيدي مسلحين مجهولين يقلُّون سيارة هايلكس قبل عدة شهور ، الثلاثاء الموافق السادس والعشرين من فبراير ٢٠١٩ م ، يسقط الضحية الثالثة لهذه القوة منذ تشكيلها ، وهذا الإغتيال لهؤلاء الشباب الثلاثة لهذه القوة الحضرمية الناشئة ، الذين دفعتهم ظروف الحياة وإنغلاق مصادر الرزق أمامهما إلى الإلتحاق بهذه المهنة لإطعام أسرهم وتأمين مستقبلهم ، دون أن يدركوا أنَّ الموت في انتظارهم ، عبارة عن رسالة سياسية وعسكرية قوية ، أراد منفذو هذا العمل ومن يقف وراءه إيصالها إلى المطالبين بقوات النخبة الخضرمية وإلى المجلس الإنتقالي بالوادي ، أن الوادي خط أحمر لايمكن التفريط فيه ، أو أن يكون تابعاً عسكريا للمنطقة العسكرية الثانية ، فالوادي بكل إمتداداته ومنافذه البرية إلى دول الجوار ، وخاصة منفذ الوديعة الذي لايخضع لسلطة المحافظة ، سيكون محور صراع قادم مع القوى المتنفذة السياسية والعسكرية التي تتحكم في الشرعية ، وظلت طوال الفترة الماضية ولازالت تنهب خيرات حضرموت والجنوب ، ومن مصلحتها أن تظل الأوضاع متوترة وأن تظل الفوضى الأمنية ، هي المتحكمة في المشهد العام للوادي ، لتتمكن من تنفيذ مخططها الإجرامي الهادف إلى سلخ الوادي عن حضرموت على طريقة ماجرى في شبوة بضم بيحان مع مأرب في إطار محور عسكري واحد .
إن مسلسل استهداف منتسبي المؤسسات الأمنية والعسكرية من أبناء حضرموت والجنوب الذي بدأت أولى حلقاته مابعد ١٩٩٠ م ، وهو مستمر حتى اليوم من قبل تلك القوى الظلامية والمتنفدة التي نهبت خيرات الجنوب والشمال والتي لاترى في خضرموت والجنوب إلاَّ تلك البقرة الحلوب ، يهدف إلى إفراغ الجنوب من أية قوة دفاعية ، حتى يسهل لهم ابتلاعه ، لكن ذلك لن يكون سهلا ولاسيما بعد ٢٠١٥ م ، حيث صار للجنوب رجاله وقواته التي ستتصدى لأية مغامرة قادمة لهذه القوى الظلامية .