ما تم الإعلان عنه ليلة أمس من اتفاق برعاية سعودية إماراتية بين المجلس الانتقالي الجنوبي وحكومة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي لتنفيذ اتفاق الرياض، الموقع في 5 نوفمبر من العام المنصرم، لا يحوي جديدا عدا بعض التفاصيل المتعلقة ببعض النقاط التي كانت هلامية في النص الأصلي، وهي أمور لم تكن تحتاج إلى إضاعة 7 أشهر من الزمن وإراقة دماء عزيزة وإزهاق أرواح غالية في مواجهات عبثية دبرها وأججها من لم يرق لهم تنفيذ الاتفاق.
ليس مهما ماذا تحوي الآلية المرفقة لتنفيذ الاتفاق من تفاصيل طالما كان الطرفان قد وقعا النص الأصلي منذ نحو سبعة أشهر، فالمهم هو إخلاص النوايا والذهاب نحو تفعيل وظيفة الحكومة وإعادة الخدمات المدمرة ووقف سياسات التجويع وتطبيع الأوضاع الأمنية وإعادة وظائف الجهاز القضائي والنيابي ورفع المعاناة عن الناس في محافظات الجنوب وإيقاف نزيف المواجهات العبثية التي يتلهف لها تجار السلاح ومصاصو دماء الشعوب.
المنزعجون من الاتفاق بحجة أنه يمنح المجلس الانتقالي اعترافا صريحا من قبل الحكومة لا يختلفون عمن ينكر وجود الشمس في ظهيرة نهارٍ صيفي، أو عمن يطالب بطرد نصف الفريق الرياضي فقط لأنهم لا يروقون له، فالمجلس الانتقالي هو الحاضر الأقوى على الساحة السياسية الجنوبية دون أن ينكر وجود آراء ومواقف ومنابر قريبة منه أو مختلفة معه.
والمنزعجون من الاتفاق بحجة أنه يلغي مطالب الشعب الجنوبي باستعادة دولته، يناقشون أموراً أخرى لا علاقة لها بالاتفاق ومضامينه، فالقضية الجنوبية ليست محل نقاش في هذا الاتفاق ولن تُحسَم من خلاله ولن تأتي بها المواجهات المسلحة، بل ستحسم بتمسك الشعب بحقه وفي إطار تسوية سياسية شاملة للأزمة اليمنية، أو ثنائية بين الشمال والجنوب وفي ظل ظروف طبيعية وآمنة.
المهم هو : هل سيتوقف مروجو المشروعين التركي والإيراني عن الترويج لمشاريعهم من داخل الاتفاق أو من خلال عرقلة تنفيذه؟ وهل سيفون بإلتزامهم بمضامين الاتفاق خصوصا وأن جزءً كبيراً منهم هم من عرقل تنفيذه ممنذ سبعة أشهر وما يزالون هم أصحاب النفوذٍ الأقوى داخل الحكومة الشرعية، ويتطلعون لتمثيلهم بقوة في المحاصصة التي تبنى عليها حكومات الشرعية المتعاقبة بما فيها الحكومة التي نص عليها الاتفاق.
د. عيدروس النقيب
سياسي جنوبي بارز