المكلا ( حضارم اليوم ) الشرق الاوسط
جددت الميليشيات الحوثية في صنعاء التلويح بقطع خدمات الاتصالات والإنترنت في سياق سعيها لاستخدام هذه الورقة أداة ضغط على الحكومة الشرعية على خلفية قيام الأخيرة بتعليق آلية استيراد الوقود إلى موانئ الحديدة، ردا على قيام الجماعة بنهب رسوم الشحنات من الحساب الخاص المتفق على إنشائه بإشراف أممي.
وفي بيان وصفه اليمنيون بـ«الابتزازي»، هددت وزارة الاتصالات الخاضعة لسلطة الانقلابيين الحوثيين في صنعاء بإيقاف خدمة شبكات الاتصالات والإنترنت والبريد في المدن اليمنية.
وبررت الجماعة التي لا تزال تتحكم في الاتصالات اليمنية مركزيا من صنعاء أسباب التوقف نتيجة ما قالت إنه منع دخول سفن الوقود التي يتم الاعتماد عليها في تشغيل أبراج ومحطات وسنترالات الاتصالات ومختلف التجهيزات الفنية في المواقع الرئيسية والطرفية والريفية لشبكة الاتصالات والإنترنت، بحسب زعمها.
وتأتي تبريرات الانقلابيين وتهديداتهم الأخيرة بإيقاف وشل الحركة الاقتصادية والتجارية والاجتماعية وغيرها بمناطق سيطرتها في وقت لا يزال فيه مواطنون وسكان محليون في صنعاء ومدن أخرى يوجهون أصابع الاتهام للميليشيات الحوثية بمواصلة إخفاء كميات كبيرة من المشتقات في مخابئ ومخازن سرية ووقوفها بشكل دائم وراء افتعال عديد من الأزمات بغية المضاربة بالوقود في السوق السوداء من قبل تجارها ونافذيها.
وفي سياق متصل، أفاد موظفون وعاملون بشركة النفط بصنعاء لـ«الشرق الأوسط»، بأن كميات الوقود المخزنة حاليا لدى الجماعة وإلى جانبها كميات أخرى ضخمة لا تزال موجودة في العاصمة ومدن أخرى تحت سيطرتها تكفي لتلبية احتياجات السوق المحلية لأسابيع إن لم تكن لأشهر.
وجاءت تهديدات الجماعة الحوثية رغم اعترافها مؤخرا بوصول سفينة إلى ميناء الحديدة تحمل 28.239 طنا من البنزين، وكذا وصول سفينة أخرى تحمل 12.761 طنا من الديزل إلى الميناء نفسه.
في غضون ذلك، كشف مصدر مطلع في المؤسسة العامة للاتصالات بصنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن أن الانقلابيين يسعون من خلال تلويحهم بإيقاف عدد من الخدمات الأساسية كالصحة والاتصالات والنظافة وغيرها من القطاعات الخدمية الأخرى، إلى الضغط على المجتمع الدولي من جهة واستعطاف المنظمات الأممية من جهة أخرى للسماح لها بنهب كميات الوقود المخزنة بناقلة صافر، وكذا إدخال السفن النفطية التي تعمل على الاستيلاء عليها والتحكم بعملية بيعها في السوق السوداء للتكسب من ورائها على حساب معاناة وحرمان اليمنيين. وعبر المصدر، الذي طلب عدم ذكر اسمه لاعتبارات تتعلق بسلامته، عن سخريته مما ورد في البيان الحوثي المتضمن التهديد بإيقاف خدمة الاتصالات والإنترنت والبريد في المناطق اليمنية، بحجة معاناتها من نقص حاد في المشتقات.
وطمأن المصدر جميع اليمنيين، قائلا إن «لدى الميليشيات كميات كبيرة من الوقود المخزنة والتي تكفي للاستمرار بتشغيل أبراج ومحطات وسنترالات الاتصالات ومختلف تجهيزاتها لفترة طويلة».
وقال: «تحت أي ظرف من الظروف لا يمكن إطلاقا أن تستغني الميليشيات عن قطاع حيوي ومورد مالي واقتصادي مهم كالاتصالات الذي يدر عليها سنويا مليارات الريالات لتواصل حربها الهمجية ضد اليمنيين».
إلى ذلك، قلل سكان في صنعاء من تهديد الجماعة الانقلابية بإيقاف قطاع الاتصالات، لكونها ستفقد عبرها مليارات الريالات تجنيها بصورة دائمة من عائدات الخدمة.
ويرى عدد من السكان الذين تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» أن المشتقات النفطية لا تزال تشكل هي الأخرى موردا أساسيا ومهما للجماعة الحوثية التي تعمل على حرمان اليمنيين منها والاتجار بها في السوق السوداء.
وتأتي تهديدات الميليشيات الأخيرة بإيقاف خدمات الاتصالات وغيرها من الخدمات بالتزامن مع هجوم حاد شنه قادتها ووسائل إعلامها على المبعوث الأممي مارتن غريفيث بسبب اتهامه الصريح للجماعة ولأول مرة بأنها نهبت الأموال التي تم جمعها في الحساب الخاص بإيرادات ميناء الحديدة بشكل مخالف لاتفاق السويد.
وفيما تحاول الجماعة المدعومة إيرانيا الضغط على الأمم المتحدة لإحراز مكاسب سياسية انطلاقا من متاجرتها بالملف الإنساني، كان المتحدث باسمها محمد عبد السلام فليتة اتهم غريفيث قبل أيام بـ«عدم الحياد» وبـ«المساهمة في إطالة أمد الحرب» حسب زعمه.
وزعم فليتة الذي يعد وزير خارجية الجماعة الفعلي وحلقة الوصل الأساسية مع طهران أن غريفيث بات منخرطا مع تحالف دعم الشرعية ومتبنيا أطروحاتهم، وفق قوله.
يشار إلى أن قطاع الاتصالات تحول خلال سنوات الانقلاب الحوثية إلى موارد مالية رئيسية، لتمويل حرب الجماعة ضد اليمنيين، إلى جانب تحويله إلى أداة فاعلة في تنفيذ مؤامراتها التي تستهدف بسط مزيدٍ من النفوذ على المناطق الخاضعة لها والتضييق على السكان وزيادة حدة المراقبة والتجسُس عليهم.
وكانت تقارير محلية ودولية وخبراء محليون مختصون بمجال الاتصالات وتقنية المعلومات حذروا في وقت سابق من استمرار سيطرة الانقلابيين على قطاع الاتصالات والإنترنت في اليمن ومخاطر ذلك على الجوانب السياسية والاقتصادية والأمنية والعسكرية كافة.
وتقدر مصادر في الحكومة الشرعية أن الجماعة الموالية لإيران تمكنت من جني قرابة 400 مليار ريال يمني من الضرائب والرسوم على شركات الاتصالات خلال السنوات الخمس الماضية (الدولار نحو 600 ريال).
وقبل أشهر قليلة ماضية، فرضت الجماعة أكثر من نصف مليار ريال على خمس شركات اتصالات في صنعاء كإتاوات تحت ذريعة دعم مكافحة فيروس كوفيد – 19.