المكلا ( حضارم اليوم ) العين
كشف استطلاع حديث للرأي أن ما يقرب من نصف الشعب التركي يرى أن قرار تحويل وضعية “آيا صوفيا” من متحف إلى مسجد، له أبعاد سياسية يريد من ورائها النظام إشغال الرأي العام عن الإخفاقات الاقتصادية.
وبحسب الموقع الإلكتروني لصحيفة “سوزجو” المعارضة، السبت، أجرى الاستطلاع مؤسسة “ميتروبول” لاستطلاعات الرأي والدراسات، تحت عنوان “نبض تركيا – يونيو/حزيران.
ووفق نتائج الاستطلاع فإن 43.8% من المشاركين فيه يرون أن “الغرض من قرار فتح آيا صوفيا للعبادة بعد تحويله لمسجد هو إشغال الرأي العام عن الحديث عن الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي تتعرض لها البلاد منذ فترة”.
فيما رأى 29.5% منهم أن “القرار طبيعي معتبرين أن المبنى كان مسجدًا في الأساس وتم تحويله إلى متحف، ثم أعيد مرة أخرى إلى وضعه الطبيعي”.
أردوغان يتجاهل الانتقادات ويحول “آيا صوفيا” إلى مسجد
فيما قال 11.7% من المشاركين في استطلاع الرأي “إنه (القرار) حيلة يعتقد الحزب الحاكم أنه ستكون فعالة للاستخدام قبل الانتخابات المبكرة”، هذا فيما رفض 15% التعليق على الأمر.
وتعليقًا على تلك النتائج قال مدير المؤسسة المذكورة، أوزير سينجار: “ملف تحويل أيا صوفيا إلى مسجد كان حديث الإسلاميين الحالمين في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي”.
وتابع في تغريدة على حسابه الشخصي بموقع التواصل الاجتماعي “تويتر”: “ولكن اختفى الحديث عن الأمر عقب انقلاب الثمانينيات. وفي عام 2010 عندما كان حزب العدالة والتنمية قويًا، بدأت محاولات إعادة إحياء المشروع”.
والجمعة، قرر مجلس الدولة التركي أو المحكمة الإدارية العليا،، بشكل رسمي تحويل متحف “آيا صوفيا” إلى مسجد لأداء الصلوات فيه، ما يعني إلغاء قرار مؤسس الجمهورية الحديثة مصطفى كمال أتاتورك، بتحويله إلى متحف منذ 1934.
وقالت وسائل إعلام تركية إن المجلس ألغى قرار مجلس الوزراء المؤرخ في 24 نوفمبر/تشرين الثاني 1934 بتحويل “آيا صوفيا” من مسجد إلى متحف.
وأعلن أردوغان في خطاب للشعب التركي أنه نقل تبعية المكان من وزارة الثقافة والسياحة إلى رئاسة الشؤون الدينية.
وأضاف قائلا ” نخطط لافتتاح “آيا صوفيا” للعبادة في 24 يوليو/ تموز الجاري بإقامة صلاة الجمعة في ذلك اليوم، وسيتم إلغاء رسوم الدخول إلى المسجد عقب رفع وضعية المتحف عنه”.
فبعد فتح القسطنطينية في عام 1453 حول السلطان محمد الفاتح “آيا صوفيا” إلى مسجد، لكنه تحول إلى متحف في عام 1934 بقرار من أتاتورك.
يشار إلى أن “آيا صوفيا” صرح فني ومعماري موجود في منطقة السلطان أحمد، بمدينة إسطنبول.
وعقب صدور القرار تداولت وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة مقطع فيديو قديم للرئيس أردوغان، كان يلقي كلمة العام الماضي، أكد فيها أن ما يثار بشأن تحويل «آيا صوفيا» إلى جامع ما هو “مؤمراة لإشعال الأوضاع.”
الفيديو يعرض حوارًا لأردوغان على قناة “أولكه” التركية خلال مارس/آذار 2019 في أعقاب الهجوم الذي تعرض له أحد المساجد في نيوزلاندا.
وقال أردوغان فيه “البعض يطالبون بفتح آياصوفيا للعبادة. لكن لا معنى للانجرار وراء استفزاز هذا الإرهابي الخسيس من منطلقات عاطفية. يجب أن لا نقع في مثل هذه الألاعيب. هذا أيضًا عمل استفزازي. لقد اضطررت لقول هذه التصريحات حتى نفسد هذه الألاعيب، ولنهتم بمائدة طعامنا أولا”.
لكن أردوغان بعد هذه التصريحات بأيام، وخلال أحد مؤتمراته الجماهيرية التي نظمها قبل الانتخابات المحلية التي جرت في مارس/آذار 2019، أدلى بتصريحات مخالفة تمامًا.
وقال أردوغان: “هناك من يقف على بعد 16 ألفًا و500 كيلو متر ويريد الاستيلاء على آياصوفيا. لقد صبرنا كثيرًا، وقد قلت ذلك من قبل. كما تعرفون آياصوفيا تحولت من مسجد إلى متحف قبل مدة قصيرة. ولكن آن الأوان إن شاء الله بعد الانتخابات لنحول آياصوفيا من متحف إلى مسجد من حيث الاسم، لدينا العديد من الخطط في هذا الشأن. وسنبدأ في تطبيق هذه الخطط”.
وخلافًا لذلك أبدى أردوغان في عدة مناسبات مواقف لا تؤيد تحويل آيا صوفيا إلى مسجد.
وكان أردوغان شارك عام 2014 في احتفال إعادة فتح مسجد “أورتاكوي” بعد الترميم ورد على مطالبات الحاضرين بإعادة تحويل آيا صوفيا إلى مسجد قائلًا: “إخوتي، لنملأ أولا مسجد السلطان أحمد”.
وهذا التناقض في المواقف أمر دأب عليه الرئيس أردوغان الذي يعرف جيدًا كيف يستخدم الأوراق لتحقيق مكاسب سياسية، ولقد حرص على اتخاذ هذه الخطوة في هذا التوقيت بالذات لما يعانيه من تدهور كبير في شعبيته لدى المواطنين الأتراك على خلفية سياساته التي أدخلت البلاد في نفق مظلم بكافة القطاعات.
ولا يخجل الرجل في اللعب على وتر المشاعر الدينية لدى الأتراك، وهي عادة سيئة سبق وأن كشف عنها معارضون أتراك طالبوا الحزب الحاكم وأردوغان بالتوقف عنها.