المكلا ( حضارم اليوم ) متابعات
دبلوماسية السلام والإخاء هو الوصف الذي ينطبق بشكل كامل على السياسة الخارجية لدولة الإمارات، في ظل ما تتميز به هذه السياسة من حرص على نشر قيم التعاون والتواصل والتكامل بين دول العالم وشعوبه، ومن سعي حثيث إلى مد جسور التلاقي بين الحضارات والأديان ونبذ لكل ما من شأنه التفرقة بين البشر على أي ساس ولأي أسباب، انطلاقاً من إيمان راسخ بأن الأساس في العلاقات بين الناس على اختلاف ألوانهم وأعراقهم ولغاتهم ومعتقداتهم هو التفاهم والعيش المشترك.
فدولة الإمارات العربية المتحدة اتخذت لنفسها منذ تأسيسها قبل نحو خمسة عقود مساراً له خصوصيته، ونهجاً له تفرده ولم تحفل كثيراً بالشعارات الرنانة، ولم تأبه بأطروحات العنصرية البغيضة والتفرقة المقيتة، ولم تسع إلى تسجيل المواقف الجوفاء التي لم تحقق لأصحابها سوى المزيد من العزلة والتقوقع والانكفاء؛ بل انشغلت بكل ما يعود عليها وعلى الإنسان بالخير وأولت جلّ اهتمامها لجلب المنافع ودرء المفاسد متخذة من الآية الكريمة «فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض» منطلقاً لكل ما يصدر عنها من قول أو فعل، حتى صارت أيقونة عالمية للعطاء، ومثالاً يحتذى به في الانفتاح والتحضر.
انطلقت الإمارات نحو العالمية من انتمائها العربي الذي حرصت على تعزيزه ومن عمقها الإسلامي الذي تمسكت به من غير تعصب ولا تطرف، وعملت على نسج شبكة من العلاقات الطيبة مع أمم العالم وشعوبه تقوم على الاحترام المتبادل وعدم التدخل في شؤون الآخرين والسعي إلى إفشاء السلام وتعظيم أسباب التوافق وتحجيم وتقزيم أسباب الاختلاف، باعتبار أن مهمة الإنسان على هذه الأرض هي عمارتها وتقاسم ما أوجده الله تعالى فيها من خيرات بشكل يساعد على تحقيق العيش الكريم والحياة الأفضل لكل من يعيش عليها، وسخّرت ثرواتها لتحقيق النهضة والتنمية وخاضت سباقات التميز في كل ما هو نافع ومفيد لها وللبشرية جمعاء، ومدّت يدها بالغوث والمساعدة لكل محتاج وسارعت دائماً إلى نجدة الملهوف والمنكوب، ووقفت في كل مناسبة ومحفل إلى جانب الحق والعدل، غير باحثة عن شكر أو إطراء، فنالت احترام العالم وتقديره وإعجابه وحرص دوله من كل أصقاع المعمورة على بناء وتعزيز وتوثيق علاقاتها معها.
وعندما عانى العالم ويلات التطرف والإرهاب ونزعات العنصرية والكراهية، برزت الإمارات كالكوكب الدّري فعززت نهج التسامح وقبول الآخر برغم الاختلافات، وسعت نحو مزيد من الانفتاح على الأمم والشعوب والثقافات، وأطلقت مبادرات لتعزيز روابط الأخوة الإنسانية وفتحت ذراعيها لاحتضان المزيد من الباحثين عن الطمأنينة والحياة المستقرة والعيش الكريم، والطامحين إلى تحقيق أحلامهم والساعين إلى الإبداع والابتكار؛ وهي اليوم تحتضن جاليات من أكثر 200 جنسية تعيش مع بعضها في تآلف وانسجام ووئام، يقوم الكل بواجبه ويأخذ حقوقه، لا مكان بينهم لحاقد أو مشحون أو موتور، ينعمون جميعاً بالعدالة والرعاية والمودة والاحترام.
وخلال تقبله أوراق اعتماد عدد من سفراء الدول الصديقة الجدد المعينين لدى الدولة غير المقيمين، يوم الأربعاء الماضي، جدد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، تأكيد نهج دولة الإمارات ومقاربتها في مجال العلاقات الدولية، حين أعرب عن ثقته بأن المستقبل سيكون لصالح السلام وتعزيز العلاقات الإنسانية بين الشعوب، وأن العالم لن يكون بعد جائحة «كورونا» كما كان قبلها، وتمنى للسفراء النجاح في مهامهم وخدمة مصالح دولهم وشعوبهم مع مراعاة المصالح الوطنية العليا لشعبنا ودولتنا، وهو نهج تجلّى بأبهى صوره عندما كانت الدولة سبّاقة في دعم جهود نحو 60 دولة حول العالم لمواجهة وباء «كوفيد-19» عبر جسر جوي مفتوح لا يزال خيره ممتداً نحو جهات العالم الأربع.
دبلوماسية السلام هي ركيزة استراتيجية القوة الناعمة لدولة الإمارات التي أطلقتها عام 2017، والتي تهدف إلى إبراز صورتها الحضارية وإرثها وهويتها وثقافتها المميزة، وهي دبلوماسية أبلغ وأقدر على تحقيق الأهداف النبيلة وستظل خالدة على مرّ التاريخ.