(حضارم اليوم) متابعات
لم يكن كبير المراقبين الأمميين الجديد مايكل لوليسغارد أفضل حالا من سلفه باتريك كاميرت، فقد وجد نفسه غارقا في الجزئيات التي أراد له الحوثيون أن يغرق فيها حتى لا يطالبهم بتسريع تنفيذ اتفاق ستوكهولم.
وأكدت مصادر قريبة من اجتماعات لجنة تنسيق إعادة الانتشار في الحديدة التي اختتمت أعمالها، الجمعة، عدم إحراز أي نتائج ملموسة في ظل إصرار ممثلي الميليشيات الحوثية على إعادة جدولة الأولويات في الخطة التي تقدم بها رئيس بعثة المراقبين الأمميين السابق.
ونفت مصادر في الحكومة اليمنية صحة الأنباء التي ترددت عبر قنوات تابعة للأمم المتحدة أشارت إلى التوصل إلى اتفاق مبدئي، مؤكدة أن كبير المراقبين الأمميين المعين حديثا، ما زال يحاول الإمساك بزمام الملف، وأنه طلب مقترحات جديدة من الجانبين لتنفيذ خطة إعادة الانتشار.
ووفقا لمصادر “العرب” فقد تشبث الحوثيون بمطالبهم في البدء بتنفيذ انسحاب في محيط الحديدة لمسافة 15 كلم قبل الشروع في بحث خطط الانسحاب من موانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى، أو حتى التعاطي مع مقترحات أممية بفتح ممرات ذات طابع إنساني لتسهيل وصول المساعدات الإغاثية، وهو ما اعتبره الجانب الحكومي إخلالا باتفاق السويد وانتقائية تعزز من سياسة الأمر الواقع الحوثية.
وقال الباحث السياسي اليمني سياف الغرباني في تصريح لـ”العرب” من الحديدة، إن الاجتماعات العائمة للجنة الثلاثية المشتركة، انتهت من دون أي نتائج عملية يمكن أن تؤسس لخطوات تنفيذية لاتفاق الحديدة.
وأضاف الغرباني “كان يفترض أن تركز الأمم المتحدة والرئيس الجديد لبعثة المراقبين على وضع آلية لتنفيذ خطة إعادة الانتشار في المدينة والموانئ، بالتوازي مع تثبيت وقف إطلاق النار في المدينة، وفتح الطرقات، وإزالة الحواجز والألغام والعبوات، وتفكيك الحاويات والصهاريج المفخخة في أرجاء المدينة”.
لكن ما يحدث الآن هو إعادة تفسير لاتفاق ناجز، وهذا تكييف أممي يتماشى مع شروط الحوثيين الذين يرفضون الاتفاق أصلا، مع الإشارة إلى أن بقاء بعثة الرقابة في البحر الأحمر، تقويض بحد ذاته لمهمتها المتعلقة بيوميات الاحتكاك في نقاط التماس وخطوط المواجهة داخل المدينة.
وعلى ذات المنوال وبالرغم من التصريحات التي أدلى بها المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث حول سير اجتماعات لجنة الأسرى التي عقدت في العاصمة الأردنية عمان (بين 5 و8 نوفمبر) بشكل إيجابي، إلا أن أعمال اللجنة، وفقا لمصادر من داخلها، وصلت إلى طريق مسدود وأنهت أعمالها بالتوصل إلى اتفاق هزيل حول تبادل الجثامين بدلا من الأسرى.
وفي رد على الرؤية الحوثية التي تقترح تجزئة عملية تبادل الأسرى وعدم تنفيذها كحزمة واحدة، أكد وزير الإعلام في الحكومة اليمنية معمر الإرياني على حرص الشرعية على البدء “خلال الأيام القادمة في عملية تبادل وإطلاق جميع الأسرى والمعتقلين دون تجزئتها وعلى قاعدة ‘الكل مقابل الكل’ ودون قيد أو شرط بمن فيهم الأربعة الكبار المشمولون بقرار مجلس الأمن رقم 2216″.
واعتبر الباحث السياسي اليمني منصور صالح في تصريح لـ”العرب” أن تحويل الحوثيين ملف تبادل إطلاق الأسرى والمعتقلين إلى ملف لتبادل الجثامين، محاولة إضافية لإفشال اتفاقات السويد وإفراغها من محتواها وتحويلها إلى وسيلة لكسب الوقت.
وقال الباحث السياسي اليمني فارس البيل في تصريح لـ”العرب” إن كل المؤشرات القادمة من كواليس اللقاءات تؤكد فشل اتفاق السويد تماما في ملفيه الحديدة والأسرى، نتيجة انقلاب الميليشيا الحوثية على هذا الاتفاق، ووضع المزيد من العراقيل أمام الاتفاق وتجزئته وتطويله إلى ما لا نهاية.
وعلى وقع الفشل في المسار السياسي، أعلن التحالف العربي الداعم للشرعية، السبت، عن تنفيذ طائراته المقاتلة عملية عسكرية شمال صنعاء استهدفت “مواقع تخزين وتجهيز الطائرات من دون طيار وعربات الإطلاق في صنعاء”.
ولفت بيان للتحالف إلى أن العملية تتوافق مع القانون الدولي الإنساني وأنه تم اتخاذ إجراءات وقائية لحماية المدنيين.
وفي ذات السياق وتأكيدا على انحسار الخيارات السياسية والجمود الذي يسيطر على كافة ملفات اتفاق السويد المتعثر، ذكرت وكالة الأنباء اليمنية الرسمية أحدث إحصائية لانتهاكات الحوثيين لوقف إطلاق النار في الحديدة منذ سريان الهدنة في 18 ديسمبر الماضي.
وقالت الوكالة نقلا عن تقارير الرصد الميدانية الصادرة من الحكومة إن الانتهاكات الحوثية التي تجاوزت 1062 تسببت في مقتل 72 مدنيا وإصابة 469 آخرين.