عندما تنظر إلى واقعنا في الجنوب حالياً وتقارنه بما يجري في بعض من البلدان العربية تجد أنه من الواضح أن ما يجري اليوم في بعض الأوطان العربية، لأسباب داخلية أو بتدخلات خارجية، من مواجهات سياسية ساخنة، وانقسامات وانشقاقات داخلية وطنية دامية، تحت لافتات مختلفة إصلاحية أحيانا وثورية أوحزبية أوسياسية.
بات يبعث على القلق ويتطلب أقصى درجات الوحدة والوعي والحذر، لأنه يشير في النهاية إلى أن امننا العربي بشكل عام قد أصبح في دائرة الاستهداف الأجنبي، من خلال استهداف وخلخلة الأمن الوطني العربي في اغلب بلداننا العربية.
فما يخص واقعنا اليوم في الجنوب خصوصاً فإننا نضع انفسنا أمام خيارين لاثالث لهما.
الأول وهو أن نفيق من غفلتنا ونكون اكثر وعياً في معرفة الاخطار والتحديات التي تواجه ارضنا وهويتنا وإدراك حجمها وذلك بأن ندع الخلافات السياسية والشخصية ونغلق باب المشاريع الوهمية الضيقة والماضية التي عفا عنها الزمن وندع باب المناطقية والأنانية وحب الذات..، ولنكون اكثر صلابة وقوة وتماسكاً وإتحاداً خلف قيادتنا الذين اقرهم الشعب وفوضهم…،وأن لاندع للإنشقاق مجالاً يشق بنا، فمن لديه رؤية وطنية وهدف مصيري يتوافق خطاه مع إرادة الشعب فليضع يده بجانب من فوضهم الشعب ويدع طريق التمرد والتخاذل والتشاحن إلى مجراها تدفن..؛ وليكون قرارنا حاسم نأخذه من صوت الشعب الواحد ونفرضه باليد الواحدة الموحدة.
أما بالنسبة للخيار الثاني فهو إما أن نضع مصالحنا الشخصية والسياسية فوق مصلحة الوطن وندخل في خطوط المهاترات السياسية والتخاصم والنفاق فيما بيننا البين ولنحارب بعضنا كلاً تحت مسما نضاله ووطنيته ومشروعه الخاص، ونسعى وراء استقطاب الممونين للنزاع والصراعات ونظل ندفن هويتنا ونحارب بعضنا وندمر ووطننا ونؤمن بقرار الغير ولو كان على هدم هويتنا ولننتظر لقرارات اسياد الغرب ولو كانت على دوس كرامتنا وضياع بلدنا..!.
لهذا فإن امن الجنوب اليوم أولاً هو في قوتنا ووحدتنا ولحمتنا ولأنه لا أمن لمواطن من دون أمن الوطن، ولا حرية لمواطن من دون حرية وطن، ولا كرامة لمواطن من دون كرامة وطن، ومن هنا تبقى قيمة هذا الوطن الغالي بالتضحيات الجسيمة وبموقعه وشعبه ورجاله لدى كل مواطن جنوبي حر أكبر من أي حزباً واعلى من اي مصلحة وأغلى من أي فرد، لسبب أساسي هو أنه أرض العيش المشترك لكل ابناء شعبه الواحد الموحد ولكل التيارات السياسية، ولكل المواطنين على اختلاف انتماءاتهم وتوجهاتهم وآرائهم، هو المهد والحياة واللحد.
وأمن وطنا اليوم وتحقيق غايته التي ننشدها تنبع من قوته، وقوة وطنا لا تنبع إلا من وحدة شعبنا بصوته وقراره، التي لا تتحقق إلا على تماسك جبهته الداخلية حول هدفه الوطني المشترك الذي صاغه عبر نضاله المشترك منذُ وهلة إحتلال الجنوب في حرب صيف ٩٤ إلى اليوم لتحقيق إرادته في إستعادة دولته الجنوبية ارضا وانساً وهويةً وسيادةً.