أكد السياسي المخضرم فارس الرباكي رئيس الهيئة الوطنية لإستقلال الجنوب في الحواشب محافظة لحج ان اسوأ لحظة تاريخية مرت عليه في حياته السياسية والنضالية والتي وصفها بالمحطة السوداء المظلمة من حياته وهي لحظة سقوط الجنوب إجبارياً بيد سلطات الإحتلال اليمني صيف 94م ذلك اليوم المشؤوم والاسود الذي وطأة فيه اقدام المحتلين ارض الجنوب في السابع من يوليو 1994م على أيدي مليشيات أحزاب العربية اليمنية التي تحالف مع نظام صالح لإجتياح الجنوب وشن العدوان على شعبه الأعزل، مشيراً في حوار خاص مع الصحيفة الى ان شعب الجنوب ومنذ تلك اللحظة والى اليوم ما يزال يدفع ضريبة ذلك العدوان الهمجي والبربري ثمناً باهضاً وتكلفة كبيرة، ويكابد كل صنوف القهر والمعاناة والتي قد تطول آثارها السلبية وتستمر لعقود قادمة من الدهر، عن ذلك وغيره من التفاصيل تابعونا في سياق الحوار التالي.
حاوره / محمد مرشد عقابي:
كيف تنظرون الى الوضع القائم حالياً في الجنوب وخاصة في عدن بعد عودة الحكومة؟
- أولاً شكراً على افساح هذه المساحة امامنا للحديث، والإجابة على سؤالك يجب ان تكون من منظور ما تقوم به حكومة الشرعية التي للأسف منذ مجيئها الى عدن لم نلمس منها اي توجهات حقيقية لإصلاح اوضاع الناس حتى من جوانب خدمية وتنموية، هذه الحكومة استلمت جميع الملفات ومن بينها الملف الأمني لكنها لم تحدث أي أثر إيجابي في هذا الجانب وقد يكون ذلك ناتج لعدم رغبتها في التعاطي الإيجابي مع إتفاق الرياض المبرم بينها وبين الأخوة في المجلس الإنتقالي الجنوبي، وعند النظر الى الوضع العام بالمحافظات الجنوبية بعد عودة الحكومة لا نلحظ هناك اي تقدم يذكر في مختلف الصعد والمستويات الخدمية، بل على العكس من ذلك فقد ازدادت معدلات الجريمة وتعطلت الخدمات ولا تزال هذه الحكومة تمتنع عن دفع معاشات الموظفين وهذا ناتج عن فشلها الذريع في إدارة المهام وتحمل المسؤليات.
لماذا تتلكئ حكومة الشرعية على حد وصفكم في تنفيذ بنود إتفاق الرياض رغم انها من الموقعين عليه؟
- يا اخي يجب ان يعرف الجميع بأن الشرعية اليمنية كانت ولا تزال من المعرقلين وهي بأفعالها تتنصل دوماً عن تنفيذ إلتزاماتها وتعهداتها التي قطعتها امام الأشقاء في المملكة العربية السعودية، هذه الشرعية هي في الأصل لم تكن راغبه اطلاقاً في توقيع الإتفاق منذ البداية وحينما كانت تجلس على طاولة تلك المفاوضات مع الأخوة قيادة المجلس الإنتقالي الجنوبي كانت تتستر تنفي عبر وسائل الإعلام صلتها بأي تفاوض مع الجنوبيين، وعندما اجبرت على التوقيع ادركت بأن فسادها وعبثها واستثمارها للحرب الذي كانت تقوم به لن يدوم في فترة مابعد تنفيذ الإتفاق لذلك لجأت لإختلاق العراقيل والمعوقات والتعطيل وإفتعال الأزمات، وابرز مخالفة ارتكبتها هذه الشرعية لشروط عودة رئيس الوزراء هي قيامها بتهريب وزراء آخرين وإدخالها الى عدن بطريقة مخالفة للإتفاق، كما انها ماتزال تحشد قواتها من مأرب وتدفع بهم للإعتداء على المواطنين في شبوة وابين وحضرموت بدلاً من التوجه لتحرير المناطق الواقعة في قبضة الحوثي، كما امتنعت هذه الشرعية عن تقديم مرشحيها للحكومة تنفيذ لمبادئ الإتفاق، فضلاً عن قيامها بتحريك العناصر المتطرفة لإستهداف شعب الجنوب وقيادته الثورية والنضالية وكوادره ورموزه السياسية والعسكرية والأمنية، كل تلك الخروقات والمخالفات هدفها في نهاية الأمر هو الإلتفاف على إتفاق الرياض والتملص عن تنفيذ مخرجاته والتهرب من استحقاقاته ومحاولة توظيفه لمصلحة بقاء الأوضاع في حالة تأزم وإحتقان.
ما هي خيارات شعب الجنوب وقيادته في حال استمر تقاعس الشرعية وعدم إلتزامها بتنفيذ بنود إتفاق الرياض؟
- شعب الجنوب وقيادته متمسكون دوماً بمضامين هذا الإتفاق والكل حريص كل الحرص على تنفيذ بنوده بحذافيرها باعتباره المنفذ الإيجابي الوحيد الذي يساعد الجميع للخروج من الأزمة الراهنة، ولدى شعب الجنوب وقيادته الثورية كل الخيارات المفتوحة للتعاطي مع الأحداث في حال استمر هذا التلكؤ والتقاعس من قبل الشرعية اليمنية وتهربها الدائم من تنفيذ بنود إتفاق الرياض، عموماً سوف يكون موقف شعبنا وقيادته إزاء هذا الحدث منسجماً مع مواقف الأشقاء في دول التحالف العربي الذين نسير معهم في خط تنسيق متوازين لتأمين وحماية المنطقة العربية من كل الخلايا والجماعات الإرهابية والمتطرفة، مع احتفاظنا بحقنا المكفول في الدساتير والتشريعات الدولية بالدفاع عن النفس وحماية ارضنا من اي عدوان، وطالما ونحن نملك الحق وفي موقف الحق فاننا جاهزون وقادرون للدفاع عن وطننا ومستعدون للتضحية في سبيله وستكون الشرعية اليمنية أول وأكبر الخاسرين جراء استمرارها في هذا التملص.
ما هي ابرز النجاحات التي تحققت للجنوب بعد سنوات 4 من التحرر؟
- نستطيع القول بإن القيادة الجنوبية وعلى رأسها الأخ الرئيس المناضل عيدروس الزبيدي القائد الأعلى للقوات المسلحة والأمن بذلت جهوداً كبيرة في سبيل استتباب الوضع الأمني وتطبيع كافة صور الحياة العامة خاصة في عدن وبقية المحافظات المجاورة وانهت كل الظواهر الشاذة التي كانت عبارة عن إرث متوالي من إنتاج حكومات نظام الإحتلال اليمني المتعاقبة واهمها ظاهرتا الفساد والإرهاب، حيث ركزت الجهود لتنشيط دور النقابات العمالية كجهات رقابية واشرافية بالإضافة الى إلتزام لزام بعض المؤسسات لتحصيل الضرائب وايداعها في الأوعية الإيرادية خاصة تلك التي كان يعفى منها التجار المتنفذين والتي تصل بحسب ما اوردته الأرقام الإحصائية مليارات الريالات شهرياً في ابشع جريمة فساد تتم بغطاء شرعي.
نداء تحب ان توجهه لحكومة الشرعية اليمنية؟
- اقول عليكم ان تعوا وتدركوا أن المرحلة قد تغيرت وتشكلت سياسياً وعسكرياً وامنياً وليس بإمكانكم فعل شيء يخالف إرادة شعب الجنوب الذي انتفض عن بكرة أبيه واعلنها ثورة لإجتثاث زمن القهر والعبودية وقد ضحى بالغالي والنفيس لنفض غبار عصر الهيمنة وازاح من على كاهله عهد الضم والإلحاق ولم يعد يستنشق في حياته غير عبير الحرية، فيا جماعة استفيقوا من سباتكم فشعب الجنوب قد نفذ صبره، فيكفي عبث ويكفي عنجهية ويكفي استهتار بهذا الشعب الذي ما يزال ملتزم الهدوء والصمت ومتمالك الأعصاب وفي حالة نفذ هذا الحلم سيتحول غضب هذا الشعب الحر الى بركان مزلزل يهد عروش الطغاة ويجتث وجودهم من على الأرض، فنقول افهموا واعوا واعقلوا واحترموا من يحترمكم ولا تكثروا بالتمادي والإستفزاز فالصبر له حدود.
حدثنا عن طبيعة تدخلات إيران في الأزمة التي تعانون منها؟
- إيران دولة أقليمية معروفة بتدخلاتها في الشؤون الداخلية للدول، وهذه الدولة لديها مطامعها في منطقتنا العربية وهذه المطامع تستهدف دول الخليج العربي وتحديداً السعودية، وقد زرعت هذه الدولة فصيلاً مسلحاً في منطقتنا وغذته بما يلزم لضرب أمن السعودية ودول الجوار هذا الذراع المسلح والمتمثل بجماعة الحوثي يقوم بتنفيذ المهمة لزعزعة أمن دول الخليج بهدف تحقيق مطامع إيران في السيطرة على ممرات التجارة الدولية في البحر الأحمر وخليج عدن وغيرها ولكن بتعاون الجميع سوف نقضي على هذا الخطر بصورة نهائية ان شاء الله.
لماذا لم تحقق قوات الشرعية اليمنية اي تقدم في الجبهات التي تديرها منذ بدء الحرب على الحوثي؟
يا اخي هناك الكثير من الشواهد التي تثبت خيانة وخذلان القوى اليمنية المندرجة ضمن الشرعية للأشقاء في التحالف العربي ومن بين تلك الشواهد هو تعطيل الجبهات الشمالية لأكثر من 5 اعوام، بل ان الكارثة الأعظم هي تسليم معظم جبهات تلك المناطق للحوثيين وفتح قنوات تواصل جهات دولية معروفة برعايتها للإرهاب، ضف الى ذلك توجيه الخطاب الإعلامي لمهاجمة التحالف والتشهير به والإساءة لجهوده وخاصة دولة الإمارات العربية المتحدة التي قدمت الكثير من التضحيات في هذه الحرب.
علماء العربية اليمنية يجددون فتواهم بشأن الجنوبيين كما فعلوها عام 94م كيف تردون على ذلك؟
- هذه الطينة من الخلق اعتدنا منها دوما وهذا ليس مفاجئ ان توظف الدين على هواها وخدمة لمصالحهم وأهدافهم السياسية، وليس بغريب عليهم ان يقوموا بتكفيرنا ويبيحوا هدر دماءنا، وهذا الشيء قد حصل منذ اول أيام الوحدة المغدورة مروراً بإجتياح الجنوب عسكرياً واحتلاله بالقوة صيف 94م وما يزالوا يمارسوا هذا النهج حتى هذه اللحظة وهو ما نعتبره شيئاً طبيعياً ومعتاداً وليس بغريب او عجيب على قوى توظف الدين لأجل الدنيا.
كيف تنظرون للقادم وهل هناك ملامح إنتصار للقضية الجنوبية؟
- القادم سوف يكون افضل واجمل وملامح إنتصار القضية الجنوبية تلوح بالأفق القريب، ويجب ان نزف هذه البشرى السارة ليعلم بها الجميع، ونؤكد بأن شعبنا على موعد مع النصر المبين وسيتحقق له ذلك بفضل تضحياته الجسيمة التي قدمها في هذا المضمار، وسينتصر شعب الجنوب رغم كل المؤامرات والتحديات، ولدى القيادة الجنوبية كل المسارات الآمنة والتوجهات الكفيلة بإنجاز المهمة وتحقيق ما يصبوا إليه ابناء شعبنا من هدف متمثل بإستعادة الدولة وبناء مؤسسات الجنوب الفيدرالي المستقل.
من واقع خبرتكم السياسية ما هو المخرج لحل أزمة الوحدة اليمنية؟
في الحقيقة لا يوجد معالجات مثالية وحلول للخروج من هذه الأزمة سوى بفك ارتباط وشراكة ما تسمى بالوحدة بين قطبي هذا التوحد دولة الجنوب العربي الجمهورية العربية اليمنية، فهذا هو الحل الوحيد للخروج من دائرة الأزمات وما دونه من حلول تدخل في خانة الفشل، فالوحدة التي قامت بين الدولتين في مايو 1990م انتهت بعد إعلان الحرب على الجنوب مرتين في 94م و 2015م، وانا انصح بذلك لكي يمضي كل واحد من شركاء هذه الوحدة المغدورة في سبيله، فابناء الجنوب سيتفرغون لبناء دولتهم واستعادة مقعدهم الشاغر في الأمم المتحدة والجامعة العربية وفي كل الهيئات والمنظمات الدولية، كما سينطلق اليمنيون في بناء دولتهم وتقييم علاقاتهم مع دول الجوار على أسس ومبادئ التآخي والسلام والمصالح المشتركة، وغير إتباع هذه الخطوات والحلول فأن الجميع سوف يغرق في مستنقع الفوضى ودوامة الأزمات التي لا خروج منها إطلاقاً.
كلمة اخيرة لك في ختام هذا الحوار؟
- اشكركم على حسن الإستضافة، متمنياً لكم دوام التوفيق والنجاح في مهامكم الإعلامية النبيلة.