من يتابع الاعلام في اليمن بشكل عام جنوبا وشمالاً ويتنقل بين مواقع الأخبار أو حسابات الكتاب والمحلللين السياسيين او صنّاع الرأي والمؤثرين بشكل عام ستجد أن نسبة الأخبار والتحليلات والمقالات والعواجل ،، جميعها وفي مجملها تسير في اتجاه واحد ،، وهو اتجاه ( الجنوب ) ،،
بينما قلما تجد بل من النادر أن تجد مقال سياسي يتابع او يستقرأ او يستنبط ما الذي يحدث شمالاً وما الذي يرتب له هناك ويتم العمل عليه منذ قرابة عام ونصف بهدوء ،،
وقلة قليلة من المهتمين بعمق التحليل وقرأة المشهد القادم كانوا يتابعون تلك الأمور خاصة بعدما حلت لديهم عقدة الغطاء السياسي الذي كان يمنع استكمال استباطاتهم ويفشلها ،،
إلى أن تم حل تلك العقدة بأن تم التوافق على تعيين رئيس الكتلة البرلمانية لحزب المؤتمر الشعبي العام سلطان البركاني ليكون رئيساً ( للبرلمان اليمني ) مما ينقل اليه صلاحيات كبرى نص عليها الدستور في ظروف معينه قد تجعله في يوم من الأيام يمتلك الشرعية ومفاصلها في يديه اعمالاً بالدستور ،،
البركاني شخصية مقربة جداً من دولة الإمارات الشقيقة وبعيده عن الرئيس هادي وهو يتمتع بعلاقات طيبة مع حكامها ( اولاد زايد ) ومقرب كذلك من احمد علي عبدالله صالح ومن طارق صالح ،،
اي كاتب سياسي مولع بقرأة المشاهد والأحداث من منظور سياسي بحت تجده قد توقف عن قرأة المشهد الخاص ب طارق صالح وقواته المدعومة من التحالف وبالأخص من دولة الإمارات الشقيقة .
فمهما بلغت حجم القوة البشرية التي استجمعها طارق صالح من بقايا قواته ،، ومهما بلغت قوة الدعم اللوجيستي والمادي المقدم له على الأرض فأن ذلك لا يعني للكاتب السياسي اي شيء سوى أنها قوة عسكرية مجردة من اي إطار سياسي يكون مرادفاً لها ومعبراً عن ترجمة إيقاعها على الأرض،،
وبالتالي فأنه من الصعب بمكان توقع ماسيكون برغم توفر كل قطع الاحجية لأنه ككاتب كان يفقد اهم قطعة من قطع الاحجية وهي قطعة (( الغطاء السياسي ))
ومرت اشهر واهمل قراءة هذا الملف ، ولم يتم تتبع تفاصيله بسبب عدم اكتمال قطع الاحجية ،،
لذلك تجد ان كل الضخ الاعلامي يتوجه جنوباً ،، مع أن الشمال هو الأكثر تعقيداً والأكثر إشكالاً والاكثر انقساماً ،، وهو المقبل على سنوات حرب طويلة او الى تقسيم طائفي في افضل حالات الحلول السياسية التي ستقبل بها اطراف الصراع هناك بعد جولة حروب ومناوشات شمالية شمالية ( الحوثيين واصلاح والمؤتمر ) لن ينتصر فيها احد مما سيجعل التقسيم بين أطراف النزاع أمرا واقعاً بل وامراً مقبولاُ لجميع من كابر وعاند وظن انه يستطيع وحده حكم الشمال ،،
سيسأل سائل،، ما الفائدة من احداث هكذا أختراق نوعي في خارطة الصراع العسكري والسياسي والحزبي في الشمال ،،
الفائدة (عسكرياً )
ستقضم مساحات جغرافية كبيرة من تحت أقدام الحوثي لينحسر مدهم وتمددهم الجغرافي ليعودوا على الأقل إلى جغرافيتهم التاريخية والمعروفة بمصطلح ( كرسي الزيدية ) وهو يبدأ من ذمار وصولاً الى صعدة ،، مما سيحد كثيرا من تمدد هذه الجماعة السلالية ،، وبالتالي تقليص حجم نفوذ إيران ومشروعها الخرب واضعاف دورهم وتواجدهم في خارطة الشمال .
الفائدة ( سياسيآ )
إن حدث واستطاع التحالف العربي أن يمضي بهذا الاتجاه واتخذ القرار فيه واستطاعت قوات طارق وكل من سيتحالف معها في الداخل أن يسيطر على سبيل المثال على كامل ( الحديدة ) في اي معركة قادمة خاصة ان الحرب هناك توقفت لكنها لم تنتهي ،، وكذلك اتفاق استوكهلم لم يطبق بكامل نقاطه والمعركة مؤجلة فقط .
بالتالي يكون التحالف قد ضمن وجود قوة يمنية على الأرض شمالاً موالية للتحالف واهدافه ومن خارج منظومة حزب الاصلاح عبر دعمها لهم والذي سيحقق انحسار كبير لتمدد تلك الجماعة مما يصب ولو جزئياً في خانة أهداف التحالف العربي .
كل ذلك يتم التجهيز له منذ فترة ،، انما وضوح الصورة كانت بدايته بعد أن توفر الغطاء الشرعي المستقبلي لقوات طارق ،، بوجود البركاني وتجلى واتضح المشهد أكثر فأكثر ليلة الأمس حينما انتشرت وبتعمد صور اجتماع احمد علي مع الشيخ طحنون في ابوظبي .
وبالتالي فإن اي كاتب سياسي حينما يجمع قطع الاحجية ستتبلور امامه مشهد واضح عما سيكون في الشمال بالأشهر المقبلة وبظهور احمد علي تكون الصورة قد تمت بروزتها بالبرواز السياسي.
الآن استطيع أن اجزم ككاتب مهتم بتفاصيل التفاصيل أن قوات طارق بعدها وعتادها باتت تملك غطاء شرعي جاهز للأستخدام في حينه وبات يملك برواز سياسي تم إظهاره بتعمد بالأمس فجن جنون الحوثيين في وسائل التواصل الاجتماعي ،، أما خرفان ونعاج الإصلاح فهم مشغولون بالجنوب حتى انهم لن يلقوا شمالا .