عكست التغييرات المفاجئة التي أصدرها الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، الخميس، على مواقع مهمة في حكومته هيمنة تيار الإخوان داخل “الشرعية” والذي عمل خلال الفترة الماضية على التصعيد السياسي والإعلامي والعسكري بهدف إفشال الحوار الذي ترعاه الحكومة السعودية في مدينة جدة بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي.
وعين هادي، نائب وزير الخارجية الحالي محمد الحضرمي وزيرا للخارجية، ووزير المالية أحمد عبيد الفضلي الذي ينتمي إلى محافظته أبين، محافظا للبنك المركزي اليمني خلفا للقيادي في حزب المؤتمر حافظ معياد الذي قاد جهودا خلال الفترة الماضية ساهمت في وقف الانهيار الاقتصادي وتثبيت سعر صرف العملة اليمنية “الريال”، فيما خلف سالم بن بريك نائب وزير المالية، الفضلي في حقيبة المالية.
وأكدت مصادر مطلعة لـ “العرب” انزعاج السعودية من التغييرات التي أدخلها الرئيس هادي واعتبارها تصعيدا غير مقبول، في توقيت بالغ الحساسية تعمل فيه الرياض على إعادة ترميم البيت الداخلي في المعسكر اليمني المناوئ للانقلاب الحوثي.
وأشارت المصادر إلى أن الحكومة السعودية سلمت الرئيس هادي قبل أيام مسودة لاتفاق مقترح بين “الشرعية” والمجلس الانتقالي استلهمت بنودها من جلسات حوار غير مباشرة بين الطرفين في حوار جدة.
وقالت المصادر إن هادي وعد بالرد رسميا على مسودة الاتفاق الذي يتضمن تشكيل حكومة مصغرة من مختلف المكونات اليمنية بما فيها المجلس الانتقالي لمواجهة الحوثي وتوحيد الجهود السياسية والإعلامية والعسكرية باتجاه الانقلاب الحوثي، وإعادة تنظيم وهيكلة الجيش على أسس وطنية.
واعتبرت المصادر إصدار الرئيس هادي المفاجئ، لعدد من القرارات في الوقت الذي كان ينتظر منه دعم الجهود السعودية لتوحيد الصف اليمني، بمثابة إطلاق رصاصة الرحمة على حوار جدة ودفع الأمور باتجاه المواجهات العسكرية، وخصوصا أن القرارات عززت من حضور التيار المتطرف في “الشرعية”، وتمكين شخصيات ساهمت في توتير الأجواء وقادت الحملة الدبلوماسية المتطرفة ضد دولة الإمارات، كما هو الحال مع محمد الحضرمي في الخارجية.
وأرجعت مصادر “العرب” إقالة معياد من منصبه في البنك المركزي بالرغم من عدم مضي أكثر من ستة أشهر على تعيينه، بأنها نتيجة لرفضه توظيف البنك في الصراع السياسي والعسكري الذي شهدته عدن وعدد من محافظات جنوب اليمن الأيام الماضية وامتناعه عن تجميد عمل البنك في العاصمة المؤقتة، إضافة إلى اعتراضه على صرف مبالغ مالية بصورة غير شرعية لتعزيز سيطرة الشرعية والإخوان على محافظة شبوة.
وتوقعت مصادر اقتصادية أن ينعكس قرار إقالة محافظ البنك المركزي اليمني الذي وصفته بغير المسؤول بصورة كبيرة على الاقتصاد اليمني واستقرار العملة الوطنية، وخصوصا أن القرار جاء بعد أيام من تصريحات أدلى بها مساعد وزير الخزانة الأميركية لشؤون مكافحة الإرهاب أكد فيها التعاون الوثيق مع البنك والثقة في قيادة البنك وأدائه.
وقالت مصادر اقتصادية إن قرار تغيير محافظ البنك يتعارض مع الجهود التي قادتها الأمم لمتحدة والبنك الدولي في الفترة الماضية لتحييد البنك المركزي اليمني عن الصراعات السياسية.
وترافقت قرارات الرئيس اليمني المعلنة مع سلسلة من القرارات غير المعلنة التي وصفها مراقبون يمنيون بأنها تصب في اتجاه تعزيز هيمنة الإخوان، وترجح كفة الطرف الرافض لحوار جدة في الحكومة اليمنية والذي يدفع باتجاه صراع مسلح مع القوى الفاعلة في المعسكر المناوئ للانقلاب مثل المجلس الانتقالي وتيار ديسمبر في حزب المؤتمر الذي يمثل العميد طارق صالح جناحه العسكري.
وفي هذا السياق أكدت مصادر خاصة لـ”العرب” استمرار حزب الإصلاح في الحشد العسكري إلى محافظتي شبوة وأبين، بالترافق مع حملة شرسة ومتسارعة لإقالة المناهضين لهيمنة مشروع الإخوان السياسي في الجيش الوطني وتعيين قيادات موالية في مفاصل الجيش استباقا لأي اتفاق قد يفضي إلى إعادة هيكلة الجيش.
وتحدثت مصادر محلية لـ”العرب” من محافظة شبوة عن قرارات إقالة بالجملة في مؤسسات الجيش والأمن والسلطة المحلية وإحلال عناصر من حزب الإصلاح بدلا عنها، وتضمنت القرارات تعيين قيادات عسكرية في ألوية المشاة الجبلي وألوية المشاة البحرية، ومؤسسات التعليم والنفط والغاز والأجهزة الأمنية.
وشهد الخطاب السياسي والإعلامي في الشرعية اليمنية خلال الأيام الأخيرة تصاعدا ملموسا لخطاب التحريض ضد التحالف العربي بقيادة السعودية والتلويح بتحالف جديد من تركيا وقطر في حال أصر التحالف على إعادة التوازن لمؤسسات الشرعية ومنع هيمنة تيار واحد عليها بشكل كامل.