(حضارم اليوم) العرب
يتّجه المجلس الانتقالي إلى ترجمة مكاسبه الميدانية التي حقّقها بالجنوب على حساب القوات المحسوبة على الرئيس الانتقالي عبدربّه منصور هادي وشريكه في السلطة حزب الإصلاح التابع لتنظيم الإخوان المسلمين، إلى نصر سياسي وذلك بفعل ما أظهره المجلس من مرونة وإيجابية تجاه جهود التهدئة التي تقودها السعودية الدولة القائدة للتحالف العربي، في مقابل التخبّط والارتباك الكبيرين في الأداء الحكومي بمواجهة الأزمة، وتشدّد الدائرة المحيطة بهادي وهجومها على التحالف الذي مثّل ديدن وجود لها، ومحاولتها ابتزازه بطرحها شروطا تعجيزية كمقابل لاستجابتها لجهود التهدئة.
ووصل وفد المجلس الانتقالي الجنوبي برئاسة رئيس المجلس عيدروس الزبيدي إلى مدينة جدة غربي السعودية استجابة لدعوة الحوار التي وجهتها الرياض.
وفي المقابل لم تظهر حكومة هادي أي بوادر للاستجابة لدعوة الحوار وواصلت الترويج لخطاب تصعيدي من خلال كيلها الاتهامات لدولة الإمارات العربية المتحدة الشريك الأوّل للسعودية في التحالف. وتطرح الحكومة انسحاب قوات المجلس الانتقالي الجنوبي من المواقع التي سيطرت عليها مؤخّرا في عدن كشرط للمشاركة في الحوار الذي دعت إليه الرياض لحلّ الأزمة.
وقال محمد الحضرمي، نائب وزير الخارجية في الحكومة اليمنية، الأربعاء، إنّ “موقف الحكومة واضح وصريح بشأن المشاركة في أي حوار مع المجلس الانتقالي” وإنّها “لن تشارك في الحوار إلا بعد امتثال المجلس الانتقالي لما ورد في بيان التحالف بهذا الشأن”.
ويصف متابعون للشأن اليمني شروط حكومة هادي للمشاركة في الحوار بغير الواقعية، معتبرين أن عودة الأمور في عدن إلى ما قبل أحداث الأسبوع الماضي أمر مستحيل، ومنبّهين إلى أنّ من مصلحة الرئيس هادي اتباع نهج المرونة كونه لم يعد يمتلك أي أوراق يمكنه عن طريقها فرض شروطه، قياسا بالمجلس الانتقالي الذي يذهب إلى جدّة للتفاوض من موقع قوّة، ومن المستبعد أن يكون بوارد تكرار تجربة 2018 حين تخلّى عن مكاسبه الميدانية من منطلق الوثوق بحسن نيّة الحكومة.
كذلك ينبّه هؤلاء إلى النتائج العكسية التي ستجنيها حكومة هادي من هجومها على التحالف ومن إساءتها لدوله. ويشير المراقبون بذلك إلى الهجمة الشرسة من عدد من وزراء هادي ومستشاريه على دولة الإمارات.
واتهمت الحكومة اليمنية الإمارات على لسان ممثل اليمن في الأمم المتحدة عبدالله السعدي بتقديم “الدعم الكامل” لما تسميه “تمرّد” الانتقالي. فيما رفضت الإمارات تلك الاتهامات مؤكّدة على التزامها تجاه التحالف، ومشيرة على لسان سعود حمد الشامسي نائب المندوبة الإماراتية الدائمة لدى الأمم المتحدة إلى “عجز الحكومة الشرعية في اليمن عن إدارة شؤونها الداخلية وضعف أدائها” وإلى عدم قدرتها على “إدارة الانقسام بالحوار البناء والتواصل مع المكونات اليمنية كافة”، ومعتبرة من غير اللائق “أن تعلّق الحكومة اليمنية شماعة فشلها السياسي والإداري على دولة الإمارات”.
ويقول مقرّبون من المجلس الانتقالي إنّ حكومة الرئيس عبدربه منصور هادي واقعة تحت تأثير جماعة الإخوان المسلمين ممثلة بنائب الرئيس علي محسن الأحمر، الأمر الذي أضعف أداءها في إدارة الشأن العام، وأربك الجهود العسكرية في مواجهة جماعة الحوثي المدعومة من إيران، إذ صرف الأحمر جهودَ القوات التابعة له والمحسوبة على حزب الإصلاح إلى معارك فرعية ضدّ أطراف أساسية مشاركة في الحرب ضدّ الحوثيين.
وبحسب متابعين للشأن اليمني فإنّ المجلس الانتقالي الجنوبي بصدد الاستفادة من سلسلة الأخطاء التي ارتكبتها الحكومة في معالجة الأزمة، وفي مقدّمتها إعلانها عن وقف عمل وزاراتها في عدن الأمر الذي كرّس غيابها عن الواقع الميداني وأعطى مصداقية إضافية للمجلس الانتقالي، خصوصا بعد شروعه في تطبيع الأوضاع وتحسين مستوى الخدمات.
وعمليا فقدت حكومة الرئيس اليمني جماهيريتها وأصبح الفرق بينها وبين المجلس الانتقالي الجنوبي لدى الغالبية العظمى من سكان المناطق المحرّرة، هو الفرق بين من يعمل على أرض الواقع، ومن يكتفي بالكلام في الكواليس وعبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي.
وبدأت قوات المجلس في شنّ حملة واسعة لضبط فوضى السلاح ومصادرة الأسلحة غير المرخّصة، فيما شرعت السلطات المختصة في تزويد محطّات توليد الطاقة الكهربائية بشحنات وقود وصلت في وقت سابق إلى ميناء عدن وينتظر أن تسدّ الحاجة إلى الطاقة الكهربائية لمدّة شهر بعد أن عانت عدن من الانقطاعات المتكررة للكهرباء.