(حضارم اليوم) العرب
تشهد عدد من العواصم العربية ذات العلاقة بالملف اليمني حراكا نشطا لتوحيد قيادات حزب المؤتمر الشعبي العام وخصوصا تلك المتواجدة في كل من الرياض وأبوظبي والقاهرة ومسقط.
وكشفت مصادر يمنية لـ”العرب” عن رعاية أوروبية لاجتماع لقيادات حزب المؤتمر من مختلف تياراته وفصائله تستضيفه قبرص في السابع والعشرين من يوليو الجاري بمشاركة أربعين من قيادات المؤتمر.
وحول أهداف وأجندة الاجتماع، أشارت المصادر إلى أنه يأتي في سياق الاهتمام الغربي المتصاعد بحزب الرئيس الراحل علي عبدالله صالح باعتباره حزبا وسطيا لا يزال يجمع حوله قطاعا كبيرا من اليمنيين بمختلف شرائحهم.
ووفقا للمصادر سيكون الاجتماع بمثابة حوار داخلي يهدف إلى لم شتات أحد أكبر الأحزاب اليمنية، في إطار توجهات أوروبية ودولية لتجسير الهوة بين المكونات والقوى السياسية اليمنية وتفكيك تعقيدات المشهد اليمني.
ويأتي الاجتماع المزمع في الوقت الذي تجري فيه الاستعدادات لعقد اجتماع موسع في مدينة جدة السعودية يضم عشرين من قيادات الحزب برعاية سعودية، وتضم قائمة الأسماء التي من المفترض أن تشارك في الاجتماع عشرة من قيادات المؤتمر (جناح الشرعية) وعشرة من القيادات التي ظلت مع الرئيس السابق علي عبدالله صالح قبل أن تغادر مناطق سيطرة الحوثيين بعد أحداث ديسمبر 2017 التي قتل فيها صالح، والتي شكلت لاحقا ما يعرف بجناح القاهرة –أبوظبي.
وإلى جانب التيارين اللذين أعلنا عن وقوفهما ضد الميليشيات الحوثية، تبرز أجنحة أخرى في حزب المؤتمر ظهرت بعد مقتل مؤسس الحزب، وفي مقدمتها تيار صنعاء الذي يتزعمه صادق حسين أمين أبوراس ويحيى الراعي، والتي قررت البقاء في صنعاء واستمرار تحالفها مع الحوثيين والتمسك بالخطاب المعادي للرئيس اليمني عبدربه منصور هادي وحزب الإصلاح والتحالف العربي لدعم الشرعية.
ويشير مراقبون يمنيون إلى أن أحمد علي عبدالله صالح، نجل الرئيس الراحل المقيم في الإمارات وبالرغم من التزامه الصمت على الصعيد الرسمي، إلا أنه بات في الآونة الأخيرة أقرب لمؤتمر صنعاء الذي عينه نائبا لرئيس الحزب، حيث بعث أحمد علي برسائل تؤكد موافقته ضمنا على هذا الإجراء الذي أفشل محاولات التقريب بين فصائل المؤتمر التي تجاهر بعدائها للميليشيات الحوثية.
وعزت مصادر سياسية لـ”العرب” موقف السفير السابق أحمد علي عبدالله إلى اتهامه للشرعية بالوقوف ضد مساعي رفع اسمه من قائمة العقوبات الدولية التي فرضها عليه مجلس الأمن الدولي عقب الانقلاب الحوثي، إضافة إلى امتنانه للجهود التي بذلتها قيادات مؤتمر صنعاء المتحالفة مع الحوثيين والتي نجحت في عقد صفقة بمشاركة عمانية أفضت إلى إطلاق سراح أشقائه المعتقلين في أحداث ديسمبر 2017 التي قتل فيها والده.
وأكدت المصادر فشل جهود سابقة للتقريب بين الرئيس هادي وقيادات حزب المؤتمر بالرياض من جهة وأحمد علي عبدالله وقيادات المؤتمر الموالية له من جهة أخرى، حيث اصطدمت تلك الجهود الحثيثة التي شاركت في بعضها دول التحالف العربي باشتراط نجل الرئيس السابق رفع العقوبات المفروضة عليه أولا، بينما تمسكت الشرعية بضرورة إعلانه عن موقف صريح من الرئيس هادي والشرعية قبل الإقدام على أي خطوة باتجاه التطبيع معه ومطالبة مجلس الأمن الدولي برفع اسمه من قائمة العقوبات.
ولا تخفي قيادات في حزب المؤتمر قلقها من مساع لتطويع الحزب لصالح أحزاب أخرى نافذة في منظومة الشرعية مثل حزب الإصلاح، الذي تتهمه بعض قيادات المؤتمر بمحاولات الزج بعناصر أو قيادات سياسية استقالت من المؤتمر وانضمت إلى الاحتجاجات التي شهدها اليمن مطلع العام 2011 وانتهت بالإطاحة بالرئيس صالح، وتوقيع المبادرة الخليجية، وتعتقد تلك القيادات المؤتمرية أن هذه العناصر المستقيلة تنتمي فكريا إلى جماعة الإخوان وأنها كانت تقوم بدور مرسوم لإضعاف الحزب من الداخل قبل أن تعلن عن الاستقالة منه في 2011 وتنضم إلى الاحتجاجات.
وفي هذا السياق قالت مصادر في حزب المؤتمر لـ”العرب” إن نائب الرئيس اليمني علي محسن الأحمر أجرى اتصالات خلال الفترة الماضية بقيادات في حزب المؤتمر بهدف إقناعها بتنصيبه نائبا لرئيس الحزب، لكن مساعيه قوبلت برفض قطاعات عريضة في الحزب بما فيها تلك المحسوبة على الشرعية والتي تنظر إلى الأحمر باعتباره إحدى ركائز الحركة الإسلامية وجماعة الإخوان في اليمن.
ويعتقد مراقبون للشأن اليمني أن حالة التشظي التي يعيشها حزب المؤتمر والتي اتسعت بعد مقتل الرئيس علي عبدالله صالح في 4 ديسمبر 2017 انعكاس لحالة التشظي في المشهد اليمني وافتراق المصالح ووجهات النظر والأجندات حيال التطورات المتسارعة في الساحة اليمنية، إضافة إلى عدم وجود شخصية قيادية جامعة في الحزب قادرة على جمع مختلف الأطياف والتيارات حولها كما كان يفعل صالح خلال قيادته للدولة والحزب معا.
وقال الكاتب اللبناني خيرالله خيرالله إن المعلومات عن رعاية أوروبية لاجتماع تعقده قيادات المؤتمر الشعبي العام قد لا تكون دقيقة، لكنّ الحاجة في الوقت الحاضر، أكثر من أي وقت، إلى إعادة الحياة إلى هذا الحزب الذي أسسه علي عبدالله صالح في العام 1982 نظرا إلى غياب “الشرعية” اليمنية القادرة على مواجهة الحوثيين الذين يسمّون أنفسهم أنصار الله.
واعتبر خيرالله المهتم بالشؤون اليمنية أن أي نجاح في إعادة الحياة إلى المؤتمر الشعبي العام سيسدّ فراغا سياسيا كبيرا موجودا الآن في ضوء انتفاء أي قدرة للرئيس الانتقالي عبدربّه منصور هادي على إيجاد وزن سياسي ما لنفسه ولحكومته.
ورأى أن كثيرا من الأمور ستتوقف في نهاية المطاف على ما إذا كان المؤتمر الشعبي العام قادرا على لعب دور سياسي في غياب علي عبدالله صالح الذي جعل من “المؤتمر” إحدى الأدوات التي كان يستخدمها في حماية النظام الذي حكم اليمن عبره طوال ثلاثة وثلاثين عاما، بين 1978 و2011.