( حضارم اليوم ) بقلم: سعيد أحمد بن إسحاق
اخي.. ماذا نشاهد؟ إننا نشاهد الكثير ونسمع عن كثير ولكننا لم نشاهد ما بأنفسنا ولم نستدرك ما حل بنا،وما وصلنا إليه؛ نتألم ما نشعر به ونحس وقد نبكي من خبر أو ذكرى وربما نفكر كثيرا عند سكون الليل حين قطع الكهرباء عنا فقد قطعت علينا كل السبل؛ وربما يفكر البعض اثناء الصلاة؛فقد زادت الشياطين وفاق الجن أعداد البشر… ويسمح للبعوض الهجوم للتغذي من دمك الذي ضعف، وتظل عاجزا أمامه فتفشل بإيقافه،فمن أوصلنا الى كل هذا؟! فلماذا نحن اقوام لا تعرف الاتقان إلا فقط في ثرثرة وملام ممل،وشكاو تتكرر حين يبزغ كل يوم جديد وتفشل عن علاج الداء الذي قد حل، ألا ندرك من نحن بعد؟ نعجز عن فهم مايدور و لم نعي ما يلوح،لدغ البعوض وقت الظلام مؤلم ونظل نضرب انفسنا ونضرب كفا على كف، ولكن لم نحقق الغاية بل البعوض الذي اخذ وحقق غايته؛ فهل أصبحنا أقل منه؟! فلماذا لا نتعلم منه إذن؟! فهو الأقرب لنا منه نتألم؟ ليس عيبا ان نتعلم من احقر المخلوقات يشاركنا الظلام مادمنا نهدر الوقت في ثرثرة بدون فائدة ترتجى، ألم تفكر قليلا فيما نفعله ولاجل من؟ أليست الوحدة قد أمتصت كل شئ؟ حتى التفكير قد شل واصبح الكثير منا يتحدث مع نفسه،فاتح العينين ولكنه لا يرى، فلماذا لا ندافع ذاتنا؟ نصدق كل شئ حتى ولو كانت تافهة وغير معقولة الطرح ، فهل فقدنا البصيرة حتى أصبحنا للشائعات رهينة؟ صرنا منشغلين لمحكمة الجن بشبوة، ومتابعين لجلساتها ومنغمسين بظلام الجهل في محكمة كهنوتية إمامية هزيلة.. ولم ندرك ما الغاية منها؟ فكيف بالله لا تدرك الحرب الدائرة حولك؟ماالذي جعلك قاصرا أمام حشود تتجمع وافرادا تتضامن مع بني جنسها وتعلن غزوها للجنوب؟ ألم تسمع بالتصريحات الحوثية منذ شهور خلت، بأنهم في شهر رمضان بعدن تفطر؟ لماذا لم تدرك الانخراط للمحسوبين في صفوف الحوثيين؟ لماذا لم تعي شعار الوحدة أو الموت معناه ومفهومه وغايته؟ لماذا لا تدرك للنزوح والزحف للجنوب؟ لماذا لم تستذكر بتدفق المتسولين والمجانين في 1994 قبل الحرب وبعده؟ ألم تلاحظ ماأمامك اليوم الشبيه بأيام 1994؟فلماذا لا نريد أن نتعلم؟ لندرك الاحداث ومجرياتها؛ لنحمي انفسنا وأهلنا من شر مستطير من عدو فيه من الدهاء والمكر والخبث الكثير فوق ماتتصور؛ ويجب ان تأخذ الحذر والحرص منه، وما تلك المحكمة إلا من صنع الجني الأزرق.. ابداع منه لابتلاع الجنوب كله…. يستحق اكرام من قام بالادوار واتقنها، فتعلموا منهم لمعرفة كيفية الاحتراف.. قبل الاستئناف نتابع المحكمة بإهتمام بالغ في سذاجة مفرطة الاركان، فأفلسنا في غاياتها ومبالغاتها، كيف مرت على عقولنا محكمة الجن ولم يمر رمضانهم في عدن؟ لقد درس قوى الاحتلال عواطفكم جيدا بعدما جمع البيانات منكم، فأنتم المبحوثين صرتم والعدو الباحث عنكم له مكشوفين فتفرقتم بإختراقه للصفوف ماهكذا تكون الأوطان وما هكذا نكون له.. فالوطن لمن يحميه ويصونه بتكاتفه وثباته واصراره وعزمه لاستعادة دولته، لا بمكونات كم تعطي ونأخذ.. فكم من شعوب ضاعت وتشتت بسبب مكوناتها الطائفية ومذهبياتها المتعددة وأفكارها المستوردة وقبليتها المزخرفة المزينة بالثأرات والعصبية المتخلفة لا تأخذ قوتها إلا ما يعطى لها في مقابل التضييع و التمزق واملاءات الطامعين بالوطن ولثرواته، لتشريد شعب بالشتات واهانته بالامصار فلماذا لم ندرك ماجرى للشعوب العراقية والسورية واللبنانية والليبية؟ فقدوا الامن عندما جعلوا الاشاعة مرجعا وللمكون دولة وللطائفية دستورا.
إن على الجنوبيين حماية وطنهم بترك الجمود الفكري والتخلف العقلي والهيمنة الخرافية ورفض الآخر والنظرة الدونية للعمل والتعالي الطبقي والقبلي والحزبية الضيقة والفكر المنغلق والتشدد المذهبي والتي اصبحت ظواهر خراب للثقافة والمجتمع.
ان استعادة الدولة مسئوليّة الجميع حتى نستطيع ان نقدم وجها جديدا للدولة التي ننشدها.. فنحن جميعنا بنفس السفينة التي تحاول ان تجتاز البحر، فإن لم نتكاتف معا ونوحد صفوفنا وننظف ذواتنا واصواتنا سوف نكون لقمة سائغة لقوى الاحتلال، وان عودة هيمنة القيم القبلية والعشائرية وللطائفية والمذهبية على حساب القيم الوطنية كما نراها اليوم إلا ظواهر ما أصابنا من معاناة من تدهور للحياة المعيشية وخراب في المعاملة والسلوك وتصديق للاشاعات ولو بحجم محكمة الجن مع الصبيحي فهل سألت نفسك لماذا جند العمالقة دون غيرها؟ لماذا لم نضع يدنا على أصل الداء ليتسنى لنا وصف الدواء؟ لكننا للاسف الشديد نخاف الوصفة ولا يحق لنا إقتنائها أو حتى مجرد الحديث عنها.. فكان الداء سرطانا عمق من تأخر استعادة الدولة وعمق من الخلايا الاستيطانيّة تحت ذريعة النازحين واستقطاب الافارقة بنسبة عالية مما يوحي لنا المشهد ان الجنوب يواجه الزحف لاستقبال حدث اكبر من 1994 و2015، وان الوعود والمطلوب ماهو إلا لمصادرة الدولة وهذا ما يتراءى لنا المشهد من أوله.
إن ما يحدث من نزاعات وطائفية ودينية عمت المنطقة العربية ونحن منها، لست انت من صنعه وإنما من خلال أدوات نفذتها وانت تجهلها وآثرت العزلة والانطواء بدلا من البحث عنها، فلو أطلعت على خطة الشرق الاوسط من قبل برنارد لويس وموافقة الكونجرس الامريكي والمصادقة عليها في عام 1983 وتطبيقها في العراق وسوريا وليبيا لأدركت الاحداث الجارية ومدى التقصير؛ فكانت الهوة التي وقعت على الرؤوس.
إننا ندعو لوقفة من التأمل لنتحاشى الخطر لإنقاذ وطن وجيل ونبذ الخلافات بتكاتفنا لحمايته باستعادة الدولة أولا لنبنيه لتكون ناهضة و فاعلة في محيطها الأقليمي والدولي، لا ان تكون عامل تهديد وإنقسام.
ان الوطن أحوج الى التسامح والاستقلال الذاتي والمسئولية والانتاج، فالحلول لا تأتي من ذاك الجني الذي يتراءى لك بتحويل الليل الى نهار. فعلام السخط والهجوم من هنا وهناك؟ أليس من المضحك أن تريد الوزارة قبل الدولة؟! ومن اراد السلطة عند استعادة الدولة فذاك الميدان ياحميدان وعبر الصناديق يكشف المستور …. وبالطبع يعرف كل من يعيش تحت الشمس أن للعصا حين يلوح بها في الهواء ظلالا أكيدة على الارض.. وحين يصدر الحكم من محكمة الجن الابتدائية في شبوة.. فربما يستأنف والد الجني المقتول في حضرموت أو عدن، فترقبوا الحدث اين تكون إذن.
لأجلك ياوطني نبكي.