حضارم اليوم /متابعات
في خطوة غير معهودة في اليمن، قررت جماعة الحوثي منع الاختلاط بين الطلاب والطالبات في جامعة صنعاء التي تعد أكبر جامعة في البلاد التي تشهد حربا منذ نحو تسع سنوات.
وتم اتخاذ هذا القرار مؤخرا في كلية الإعلام بجامعة صنعاء الخاضعة لسيطرة الحوثيين، حيث تقرر أن تكون الدراسة بالنسبة إلى الطلاب ثلاثة أيام في الأسبوع، ومثلها للطالبات، منعا للاختلاط بين الجنسين.
وقوبل أول قرار من نوعه في تاريخ جامعة صنعاء منذ تأسيسها قبل أكثر من نصف قرن، بانتقادات واسعة وغضب كبير من قبل يمنيين ويمنيات في صنعاء ومحافظات أخرى.
وجاءت هذه الخطوة من قبل الحوثيين عقب أخرى مماثلة حظرت اشتراك الطلاب مع الطالبات في مشاريع دراسية أو احتفالات التخرج، وسط موجة انتقادات من منظمات وشخصيات بارزة محلية ودولية.
وأعلن طلاب كلية الإعلام “الإضراب عن التعليم احتجاجا على قرار الفصل بين الطلاب والطالبات، وما ترتب عليه من اتهامات كيدية استهدفت بدرجة أساسية الطالبات وعرضهن وشرفهن”.
وأفاد بيان أصدره الطلاب بأن “قرار الفصل يعطي نظرة دونية تضيف المزيد من الافتراءات ضد الطالبات، لاسيما أن المرأة في اليمن تعيش في مجتمع محافظ يجرم هكذا افتراءات خطرة تعيق مسار الطالبات في إكمال مسيرتهن التعليمية”.
وطالب البيان إدارة الكلية بسرعة التراجع عن القرار وإعادة الدراسة كما كانت، دون أي نظرة سيئة تجاه الطالبات.
وقالت المحامية البارزة هدى الصراري رئيسة منظمة دفاع للحقوق والحريات، إن “قرار فصل الطلاب عن الطالبات جاء بناء على معتقدات دينية متشددة تجاه المرأة، سبقته ممارسات عديدة لتقويض وجود النساء في الحياة العامة ومشاركاتهن في شتى المجالات”.
وأضافت أن “قرارات جماعة الحوثي تبنى على نظرة دونية إلى فئات المجتمع من منطلق السيد والعبد”.
وأشارت إلى أن “هذه الممارسات الحوثية تستهدف العملية التعليمية في مناطق سيطرتها، وجاءت تباعا لتغيير المناهج والعبث بها وتحطيم الصورة الذهنية للمساواة بين الرجل والمرأة، والقيم التي نشأ عليها الطلاب والطالبات في ما يخص الحقوق والحريات، وقمع كل ما له صلة بهذه المفاهيم، تمهيدا لخلق جيل جديد بالتبعية، مليء بالقيم المتشددة والنزعة الطبقية، ومتشرب لتعاليم الجماعة الحوثية”.
وترى الصراري أن “هذه الممارسات تسعى لتحطيم كل المكتسبات الحقوقية التي انتزعتها المرأة في اليمن”.
وأوضحت “في زمن الحوثي، مورست بحق المرأة أبشع الانتهاكات والجرائم، وحرمت من العديد من حقوقها، ومنعت من السفر إلا بمحرم، ومن العمل في المنظمات الدولية، كما جرى منع وصولها إلى حقها في الصحة الإنجابية، ومن لبس الألوان في الشارع وممارسة النشاطات السياسية في الجامعات والأماكن العامة”. وأكدت “الآن، ستحرم المرأة شيئا فشيئا من التعليم، وهذه القرارات ما هي إلا البداية”.
ودعت الصراري إلى إلزام “جماعة الحوثي بكف يدها عن ممارسة الوصاية على المجتمع، والمرأة بشكل خاص، وإلزامها بالتقيد بالقوانين المحلية والدولية، والضغط عليها للتوقف عن هذه القرارات وتسليم سلاحها للدولة وتهديدها بعقوبات دولية ومحاصرتها مثلما يحصل مع الجماعات الإرهابية”.
كما دعت رئيسة منظمة دفاع للحقوق والحريات الدول الراعية لعملية السلام إلى فرض قيود اقتصادية على جماعة الحوثي “كون ذلك هو الحل الوحيد لتراجعها عن مثل هذه القرارات التي تستهدف التعليم في اليمن، والنساء بشكل خاص وحقوقهن وحرياتهن”.
ولطالما وجهت اتهامات للحوثيين بانتهاك حقوق الإنسان في مختلف المناطق الخاضعة لهم في شمال اليمن، بما يشمل فرض القيود ضد المرأة.
وتقول داليا محمد وهي ناشطة حقوقية إن “ما تمارسه جماعة الحوثي تمييز وعبث الهدف منه القضاء على ما تبقى من العملية التعليمية بالجامعات والمعاهد الخاضعة لسيطرتها، من فرض سياسات وقرارات وفصل للكوادر”.
الصراري تدعو إلى إلزام جماعة الحوثي بكف يدها عن ممارسة الوصاية على المجتمع، والمرأة بشكل خاص، وإلزامها بالتقيد بالقوانين المحلية والدولية
وأضافت “تعد هذه القرارات والممارسات انتهاكاً مباشراً لحقوق الطلاب والطالبات، ومخالفة للمعايير الدولية لحقوق الإنسان بما في ذلك المادة 26 من الإعلان العالمي التي تنص على أن التعليم يجب أن يكون متاحا ومناسبا بدون تمييز لأي شخص”.
وحذرت من أن هذه القرارات “تشكل تهديداً للجهود التي قطع اليمن من خلالها شوطاً لا بأس به من أجل تعزيز المساواة بين الجنسين في سوق العمل والحياة العامة مستقبلاً”.
وطالبت الناشطة الحقوقية المجتمع الدولي باتخاذ الإجراءات اللازمة “لإيقاف عبث جماعة الحوثي المستمرة في ارتكاب الجرائم والانتهاكات ضد الشعب اليمني”.
وقوبل قرار الحوثيين بمنع الاختلاط في الجامعات بغضب وانتقاد من قبل الكثير من السكان، وربما بسخط صامت من قبل كثيرين.
وأشار المواطن مهيب قاسم إلى أن معظم السكان يعارضون التوجهات الحوثية المتشددة ضد اليمنيين واليمنيات، إلا أن العديد منهم لا يظهرون ذلك خشية تعرضهم للبطش.
وأضاف أن “قرار الحوثي بشأن منع الاختلاط لا علاقة له بالقيم أو الأخلاق التي تدعي الجماعة أنها تحميها”. وتابع “يؤكد القرار اتجاه الحوثيين إلى زيادة التضييق على اليمنيين واليمنيات، وتقييد الحقوق والحريات، ضمن المساعي الرامية إلى التحكم في مصير السكان”.
ولفت إلى أن “الغضب اليمني أصبح غير مسموع من الجماعة التي لا تهمّها أي انتقادات، ولا تكترث إزاء تراجع سمعتها أو سلوكياتها أمام المجتمع المحلي والدولي”.