الرئيسية / تقارير واخبار / السفينة العائمة وكارثة الديزل .. الكهرباء كأزمة فساد حكومية

السفينة العائمة وكارثة الديزل .. الكهرباء كأزمة فساد حكومية

حضارم اليوم /متابعات

مع صيف كل عام، تتجدد أزمة الكهرباء بالمناطق المحررة جراء استمرار العجز الحكومي في مواجهة هذا الملف منذ 8 سنوات وبخاصة في العاصمة عدن، التي كانت مسرحاً خلال الأسابيع الماضية لسجال رسمي لافت بين محافظها ورئيس الحكومة. 

وكعادتها طيلة السنوات الماضية، تكرر حكومات الشرعية سرد مبرراتها لهذا العجز والفشل في مواجهة ملف الكهرباء بالقول بأن ذلك يطلب استثمارات هائلة ومشاريع لبناء محطات توليد وتصريف بمليارات الدولارات وهو ما يفوق قدرتها حالياً. 

وتحت هذه الذريعة، أقدمت الحكومة خلال السنوات الماضية على توقيع عقود للطاقة المشتراة مع عدد من الشركات في المناطق المحررة كعدن وحضرموت ومأرب كحل مؤقت لأزمة الكهرباء إلا أنها تحولت بمرور الأيام إلى أزمة بحد ذاتها وبخاصة بالعاصمة عدن نتيجة التكلفة الباهظة لوقود الديزل الذي تعمل به محطات هذه الشركات. 

وفي بيانها الذي ردت فيه على اتهامات محافظ عدن خلال الأزمة الأخير، أقرت الحكومة أن الإنفاق اليومي لوقود توليد الكهرباء ليوم واحد في وضعها الحالي في عدن لثماني ساعات يبلغ قرابة 1,8 مليون دولار، وهو رقم ضخم مقارنة بحجم التوليد المتواضع الذي لا يتجاوز 300 ميجا وات، ما يعني أن كلفة الكيلووات الواحد تصل إلى 0.75 دولاراً، (أي نحو 975 ريالاً بحسب سعر الصرف الحالي). 

اللافت أنه في خضم هذا السجال بين الحكومة والمحافظ، نشرت شركة محلية -مقرها في الحديدة الخاضعة لسيطرة جماعة الحوثي- صوراً لخطابات صادرة عنها موجهة إلى قيادة الجماعة تتضمن عرضاً بتوفير طاقة كهربائية عبر محطة عائمة (طاقة مشتراة) يمكن أن تصل إلى 2000 ميجاوات وبأقل من نصف سعر الكيلو وات المباع حالياً للمواطنين في مناطق سيطرة الجماعة من قبل ملاك المولدات الخاصة. 

الشركة التي أشارت في خطابها إلى زعيم الجماعة لمماطلة وزارة الكهرباء التابعة للجماعة بقبول العرض، قالت إن تكلفة الكيلووات الواحد من السفينة العائمة يتراوح ما بين 0.16 – 0.12 دولار أمريكي فقط شاملا للوقود، تسلم نهاية كل شهر إلى “الشركة الأجنبية”، حسب قولها. 

وفي حين لم تفضح الشركة المحلية عن هوية هذه “الشركة الأجنبية”، إلا أن تفاصيل العرض تتطابق مع العروض المقدمة من قبل شركة “كارباورشيب” التركية التي تعد إحدى أبرز الشركات التي تقدم خدمات “الطاقة المشتراة” إلى العديد من الدول عبر محطات توليد كهرباء مصممة على متن سفن عائمة وتعمل بوقود الغاز الطبيعي.  

ورغم شبهات الفساد والانتقادات التي وجهت للشركة التركية في عقودها وخدمتها المقدمة لعدد من الدول على رأسهم لبنان وليبيا، إلا أن الأمر يعد حلاً لأزمة الكهرباء بالمناطق المحررة أقل ضرراً وتكلفة مقارنة بكارثة مولدات الطاقة المشتراة التي تعمل بوقود الديزل وكذلك المحطات الحكومية العاملة بوقود المازوت والنفط الخام.

 فتكلفة وقود هذه المحطات في العاصمة عدن –بحسب اعتراف الحكومة الأخير- يبلغ قرابة 1,8 مليون دولار مقابل توليد 300 ميجا وات ولثماني ساعات فقط، في حين أن تكلفة توليد هذا الرقم وفق عروض الشركة التركية أقل من نصف هذا الرقم ولـ24 ساعة وليس 8 ساعات. 

ولعل ما يجب الإشارة إليه، هو ما كشفته وثائق رسمية عن توجه الحكومة قبل نحو عامين لهذا الخيار واستئجار باخرة كهرباء عائمة بقوة 100 ميجاوات للعاصمة عدن من قبل شركة تدعى “بريزم Prism” إلا أن المشروع الذي لم يكشف عن تفاصيله تعثر لأسباب غامضة، بعد معارضة من داخل الحكومة ووزارة الكهرباء على المشروع.

 وزير المالية وفي خطاب رسمي إلى رئيس الحكومة –حينها– اعترض على المشروع لأسباب عديدة، أبرزها هو موافقة وزارة الكهرباء في العقد مع الشركة المذكورة على سعر مرتفع لشراء الطاقة من الشركة وهو 4.25 سنت أمريكي لكل كيلوات/ساعة ودون توضيح إذا كان هذا السعر يشمل الوقود أم لا.

 ومع التأكيد على أن “الطاقة المشتراة” تظل حلاً مؤقتاً وليست بديلاً عن الحلول الدائمة كمشاريع محطات استراتيجية والتوجه نحو الطاقة المستدامة بعيداً عن الوقود الاحفوري، إلا أن ما يثير الدهشة هو الفارق الكبير بين تكلفة الكيلووات الواحد في العقد الحكومي 4.25 سنت أمريكي وعروض الشركة التركية 1,2 سنت. 

فارقٌ يلخص حجم الفساد والعبث من قبل الحكومة في ملف الكهرباء، ويؤكد على حقيقة أن أزمة الكهرباء بالمناطق المحررة هي أزمة إدارة فاسدة للملف أكثر منها أزمة إمكانيات وظروف اقتصادية صعبة.

شارك الخبر

شاهد أيضاً

عودة 17 صياداً يمنياً من سجون إريتريا بعد أسابيع من الاحتجاز

المكلا (حضارم اليوم) متابعات عاد نحو 17 صيادا إلى الشواطئ اليمنية، بعد أسابيع من احتجازهم …