الرئيسية / أراء وكتاب / السيناريو الأسوأ

السيناريو الأسوأ

كتب / صالح علي الدويل باراس :

لا يوجد في العلاقة مع الدول “إنا كنا صادقين” مع الطرف “ب أو ج” لأنه لا يوجد في سياستها بُعد أخلاقي ولا إنساني تضع الصدق فيه، هذا البُعد مكانه في مساحات الوعظ والترويج الإعلامي إنما توجد في سياسات الدول وعلاقاتها للمصلحة فقط، هذه المصلحة تتحول إلى آلة بلا أخلاق ولا مشاعر وهي تدوس المصالح التي تعترضها مع ناسها وحقوقهم، إن استطاعت، بل تجنّد الوعظ والإعلام لتشويههم.

لا يهم ما قاله المسؤول الفلاني في الدولة الفلانية بأن عاصفة الحزم كانت لاستئصال شأفة الوجود الإيراني من صنعاء، فذاك حلم الليلة الأولى لكن حالت دونه “جبال ورجال” وقد تكون عضدتها خيارات دولية، وجعلت العاصفة تدور في دائرة مفرغة والحوثي الزيدي أو كما يسميه بعض الاثنا عشرية “شيعة الشوارع” صار أمرًا واقعًا عصيًا على الاقتلاع، على الأقل في الشمال مجاله التاريخي، له مليشياته التي سيفرض رواتبها وسيدفعون، بشرط أن ينضبط ولن ينضبط لهم! وسيتعامل معها المشروع “الإمامي” بأنها استراحة محارب لها ما بعدها، فالحوثي صار يملك علاقات دولية وإقليمية لن تتخلى عنه وزودته بصواريخ ومسيرات تهدد عقد الاقتصاد في دول التحالف وبالذات المملكة التي تسعى جاهدة لتحقيق حلم السعودية 30 ولجوئها لخيار السلام مع الحوثي جاء على قول العربي “مكره أخاك لا بطل”.

مصلحة المملكة بعد أن فشلت في حربها توجب عليها البحث عن حل فلا حرب إلى ما لانهاية، وأمامها معضلتان هما:

  • الأولى الحوثي والحرب معه وتكاليف وتعويضات الحرب.
  • والثانية تواجد أكبر كثافة بشرية في الجزيرة العربية على جبال اليمن بموارد هزيلة وتريد حلهما على حساب الجنوب العربي بحسبة المصالح التي لا يهم فيها شيعة وسنة وحوثي وسلفية وشرعية وصفوية ..إلخ من مفردات تحشيد الحرب! ولا يهم لتحقيقه إزاحة المشروع الجنوبي، لو أمكن، أو فصل المحافظات النفطية، لو امكن ايضا ، ليس حبًا في شعبها لكن يُراد لها أن تكون محافظات التعويضات وحل لإشكالية الكثافة في الشمال.

صاروا يقبلون الحوثي الآن زيديا او هكذا يمكيجونه! وتحولت الحرب في خطابهم الإعلامي إلى أزمة في اليمن وكان ليلة عاصفة الحزم صفويا إيرانيا يهدد الأمن القومي العربي والخليجي لا بد من اجتثاثه لأن حربه حرب وجود.

إن رهان الجوار على تناقض الزيدية مع الاثني عشرية كالرهان على النصر ليلة عاصفة الحزم، فتبعية الحوثية متماهية مع الاثني عشرية ترسل دعاتها وطلابها إلى “قم الخمينية” حتى ضاقت هوامش التناقض بينهما بل تماهت في المدرسة الجارودية / الحوثية التي خلافاتها مع الاثني عشرية ضئيلة ، والخميني أيضا لم يؤسس نظريته للإمامية الاثني عشرية فقط بل لتشمل كل “مدارس واتجاهات الإمامية” والزيدية منها ضمن النظرية الإمامية التي وضعها الخميني، ألم يقل السيد الشامي من عقود قريبة خلت “ولنا إخوة كرام بفاس”؟!

تحقق قول السلفي صالح المقبلي الذي تناقلته الألسن: “ائتني بزيدي صغيرًا أُخرج لك منه رافضيًا كبيرًا” وهذا القول السلفي مع أنه تجسّد في الحوثي لكنه جاء ولم تعد السياسة ومصلحتها تضع البعد السلفي ركنًا من أركانها ما يفرض على السلفية الجنوبية أن تستوعب ذلك التغيير العميق “ولا تكون كالأطرش في الزفة” بل عليها أن تنتمي وطنيا لجنوبها العربي فالشمال “متحوث ” شاء من شاء وأبى من أبى، وعلى الأقل لا يشتعل الجنوب نارًا باسم جهاد لا ناقة له فيه ولا جمل، فإن لم يكن لهم خيار وطني وحاربوا على أسس وغايات سلفية فستأتي مرحلة ويتم التخلي عنهم ويوصمون بأنهم جماعات إرهابية والحالة الأفغانية وغيرها ماثلة لهم!

لا تأتي الحملات الإعلامية إلا لتحقيق أجندة وإزاحة أجندة والتغطية على أجندة وهذا ما يُلاحظ في التراشق الإعلامي لكنها لن تغيّر الحقائق والوقائع على الأرض، ومشروع الجنوب يدرك أن لا ضمانات إقليمية ولا دولية إلا قوته على الأرض وقدرته في أن يدافع عن مصالحه بكل الطرق والوسائل والأساليب والخيارات المتاحة أمامه ، وتحصين الجبهة الداخلية وضرورة تقارب وجهات النظر من أجل الجنوب وأنه للجميع أما الولاء للأحزاب الشمالية مهما كان خطابها فلن يفيد أي جنوبي، لا نخب ولا مناطق، بل سيؤسس أن الجنوب وطنا بديلا لهم.

إن مصالح الجنوب لا تتعارض مع مصلحة الأمن القومي العربي بقدر ماهي عامل مساعد له على عكس المشاريع الأخرى التي تشكل خطرًا كبيرًا على مصلحة أمن واستقرار المنطقة العربية وعلى الملاحة الدولية.

إن عدن لن تكون وطنا بديلا، والسلام الهش لن يتحمل اضطرابات عنف مهما أظهر من خطاب قوي.

شارك الخبر

شاهد أيضاً

شعارها الانتصار .. ورايتها حماية الديار  مقال: نجيب العلي

المكلا (حضارم اليوم) كتبه: نجيب العلي ليس هناك اسمها هزيمة في قاموس القوات المسلحة الجنوبية، …