كتب/غازي العلوي
من منتجع الثلج بتركيا أطل وزير الدفاع السابق الفريق ركن محمد علي المقدشي وهو يقود دراجة نارية فاخرة مخصصة للسير على الثلوج برفقة أحد أحفاده وهو يتجول ويلهو، وأمامه من يلتقط له الصور التذكارية، في مشهد لربما يخيّل للبعض في بدايته بأنه للرجل وهو يتأهب وفي مقدمة صفوف قواته العسكرية لاقتحام العاصمة اليمنية صنعاء وتطهيرها من مليشيات الحوثي، غير أن الصورة تتبدد رويدًا رويدًا لتظهر حقيقتها، وأن الرجل الذي لطالما أطلق تصريحاته الرنانة “قادمون يا صنعاء” منهمك ومنشغل بالرحلات الترفيهية في تركيا وبعض البلدان الأوربية، متناسيًا تمامًا ما يدور في بلده من حرب أكلت الأخضر واليابس وكان سببًا حقيقيًا في إطالتها هو وغيره من القيادات العسكرية المنتمية لجماعة الإخوان المسلمين التي تقلدت مناصب رفيعة في الجيش المسمى بـ”الوطني” لسنوات طويلة، واستثمرت هذه الحرب لجني الأموال وصناعة إمبراطوريات استثمارية لها في بعض البلدان بعد أن كانت لا تجد ما يسد رمقها.
الصورة تتحدث عن نفسها
يكفي للمتأمل البسيط من عامة الشعب النظر لهذه الصورة وسابقاتها من الصور التي أدمن الرجل على التقاطها و الذي كان وحتى قبل أشهر يعد الرجل الأول المسؤول عن الجيش اليمني الذي يدعي قتال من يصفهم بالمتمردين الحوثيين طوال ست سنوات ولم يحقق أي انتصار يذكر، حتى يكتشف حجم الترف الذي بات الرجل يمارسه دون أي خجل أو حياء من قطرة دم جندي سالت في ساحات القتال وأزهقت روحه خلف شعارات “قادمون يا صنعاء” التي كان يرددها المقدشي وغيره من القيادات العسكرية التي انكشفت الأقنعة عن وجوههم، وباتوا اليوم يتنعمون بما لذ وطاب من المأكل والمشرب ويتجولون بالبلدان العربية والأوربية بحثًا عن الرفاهية والمتعة.
هذا هو الفريق المقدشي
تورط الفريق محمد علي المقدشي في تقديم الكثير من الإحداثيات الخاطئة إلى غرفة عمليات التحالف العربي عن جبهات القتال، بالإضافة إلى بيع نسبة كبيرة من الدعم المالي المعتمد لتغذية الجيش من خلال مندوب التغذية وتهريب معظم الطعام والشراب من مأرب إلى صنعاء لمليشيا الانقلاب، إلى جانب فشله في عدد من المهام العسكرية والخطط، بل أصبحت في عهده كل الدوائر العسكرية في الجيش مخترقة من قبل الانقلابيين والاستخبارات الإيرانية.
وكان يمنح المئات رتبًا عسكرية في الجيش دون أي معيار، وهؤلاء غالبيتهم من المدنيين، لخلخلة منظومة الجيش ليصبح مجرد جيش شعبي لا يمتلك أي مقومات الانتماء والوطنية، وعمل على تهميش واستبعاد عدد من القادة العسكريين الشرفاء وتجميدهم أو إعفائهم من أي مهام عسكرية.
العكيمي.. من الكتلي إلى البرمودا
المشهد ذاته الذي جسده وزير الدفاع اليمني السابق محمد علي المقدشي كان قد جسده من قبله محافظ الجوف الإخواني المقال أمين العكيمي، الذي اشتهر بصورته التي اجتاحت مواقع التواصل الاجتماعي وهو يتقدم صفوف المقاتلين بإحدى الجبهات الوهمية ويحمل بيده ما يعرف بـ”الكتلي” للدلالة على ضيق الحال وأنه يشارك المقاتلين الشرب بالأواني الخاصة بهم ويتقدم صفوفهم ليظهر بعد أيام في أشهر ملاهي إسطنبول مرتديًا بنطلون “برمودا” وهو لباس درج الشباب المراهقون من الجنسين على ارتدائه كـ”موضة” اجتاحت بعض البلدان.
نماذج أخرى للخيانة والتقمص خلف الشعارات
قبل أن يستقل وزير الدفاع السابق الفريق ركن محمد علي المقدشي هذه الدراجة بخمسة أعوام، كانت القوات العسكرية التابعة للشرعية اليمنية في نقيل بن غيلان المطل على صنعاء، و فجأة ظهر المقدشي من على قناة اليمن الفضائية يقول إن هناك ضغوطاً من قبل المجتمع الدولي والإقليم أدت لتوقف العمليات العسكرية ومنعتها من التقدم صوب صنعاء، ثم ظهر وزير الإعلام معمر الإرياني وتحدث أن صنعاء مدينة آهلة بالسكان والمدنيين وأنه يصعب دخولها وإقحام المدنيين في معركة عسكرية.
وقبل المقدشي والإرياني وفي معرض حديثه للسفير السعودي قال علي محسن الأحمر: “أنا جنبت صنعاء حرباً أهليةً وسلمت الفرقة الأولى مدرع من أجل عدم الانزلاق في حرب أهلية”.
لو افترض البعض أن علي محسن محق في كلامه ما الذي كان يمنعه قبيل دخول الحوثيين لصنعاء أثناء معارك عمران من تعزيز الجبهة من قوته المعروفة بالفرقة والتي سلمها حسب وصفه ليجنب صنعاء القتال؟!
أما حزب الإصلاح الذي لا تمر مناسبة إلا ويذكر من خلال بياناته تضحياته ووقوفه مع الشرعية والدفاع عنها، ومن باب العودة لمواقفه عندما كانت جماعة الحوثي تهاجم في أطراف محافظة عمران صرح رئيس الإصلاح محمد اليومي وقال إن الإصلاح ليس علاج أبو فاس، بما معناه أنه ليس معنيًا بما يقوم به الحوثي من تمرد وعمليات عسكرية.
وما أن وصل الحوثي إلى صنعاء أصدر حزب الإصلاح بيانا أنه من الحكمة تجنب الوقوف في وجه قوات الحوثي من أجل عدم إدخال صنعاء في حرب أهلية.
أما رجل الدين الإخواني عبدالمجيد الزنداني الذي كان يقضي جل وقته في التحريض والفتاوى والتكفير فقد اختفى صوته ولم يعلن موقفه أثناء تمدد الحوثي واجتياحه للمدن وصولاً لصنعاء حيث دخل الحوثيون والزنداني لا زال في صنعاء وتم تأمين خروجه ومروره عبر نقاطهم.
ذهب إلى تركيا وترك الحور العين الذي كان يعد الشباب بهن أثناء خطبه وظهر قبل أيام في أنقرة بمسمى جديد أطلق عليه “أنصار النبي”.
هكذا هي مشاريع الإخوان والموالين لهم لا تؤمن بقضية استعادة صنعاء وتحريرها بقدر إيمانها بخلق مسميات هدفها استجلاب دعم مالي ومادي من التحالف وأغلبه فيما سبق تم تسليمه للحوثي في نهم والجوف والمناطق التي سقطت بيد الحوثين وكادت أن تتوالى حالات السقوط المدوية بسبب الإخوان والنائب المعزول والمقدشي لولا تدخل قوات العمالقة الجنوبية التي شكل تحريرها لمديريات بيحان الثلاث ومديرية حريب عملية إنقاذ لمدينة مأرب وفرملة الحوثيين.