المكلا( حضارم اليوم )الصحفي المصري: حامد فتحي
تشهد القضية الجنوبية تقدماً ملحوظاً منذ تنصيب مجلس القيادة الرئاسي بعد تفويضه من الرئيس عبد ربه منصور هادي بكامل صلاحياته، وإشراك رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، عيدروس الزبيدي، ضمن أعضاء مجلس الرئاسة، بجانب شخصيات جنوبية أخرى لا تنتمي إلى الانتقالي.
واستفاد الجنوب اليمني من ذلك عبر تنحية خصومه في حزب التجمع الوطني للإصلاح، الذراع السياسية للإخوان المسلمين في اليمن، من مراكز عليا في السلطة، خاصةً في مؤسسة الرئاسة، وهو ما أفسح المجال إلى إجراء تعديلات إدارية واسعة على مستوى المحافظين في المحافظات الجنوبية، وكان من أبرزهم تعيين محافظ جديد لشبوة، بدلاً من المحافظ السابق المنتمي للإصلاح، محمد صالح بن عديو.
وعقب استقرار الأوضاع للانتقالي الجنوبي في شبوة وأبين بعد صراع مسلح مع المجموعات العسكرية المحسوبة على الإخوان المسلمين، والبؤر الإرهابية التي تنشط لدعم الإخوان، توجهت الأنظار إلى محافظتي حضرموت والمهرة، وخصوصاً حضرموت التي تشهد وجوداً قوياً للانتقالي الجنوبي، في مواجهة كيانات حضرمية تعمل في إطار حضرموت، وبعضها محسوب على حزب الإصلاح الإخواني، الذي يحظى بوجود كبير في المحافظة.
حراك حضرموت
وحلّ مبخوت بن ماضي محافظاً لحضرموت خلفاً للواء فرج البحسني، الذي أصبح عضواً في مجلس الرئاسة القيادي، وذلك في 31 تموز (يوليو) الماضي.
كما ترك البحسني منصبه كقائد للمنطقة العسكرية الثانية في ساحل حضرموت.
وينتمي المحافظ الجديد إلى حزب المؤتمر الشعبي، وهو نائب في مجلس النواب عن الحزب في حضرموت.
وشهدت حضرموت احتفالات واسعة دعا إليها المجلس الانتقالي الجنوبي في 14 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، تزامناً مع ذكرى ثورة 14 أكتوبر، واعتبر متابعون أنّ المشاركة الحضرمية الكبيرة هي رد على محاولات الإصلاح الإخواني فصل حضرموت عن القضية الجنوبية.
وصرح مدير الإدارة التنظيمية بالهيئة التنفيذية المساعدة لشؤون مديريات وادي وصحراء حضرموت، محمد محسن الكثيري، أنّ “الإخوان يسعون إلى تمزيق النسيج الحضرمي من خلال بث الإشاعات بأنّ حضرموت لا تتبع الجنوب، وأنها دولة لها كيان قديم، ويجب استعادتها، ويستغلون ذلك في التغرير بالبعض ودفعهم للخروج إلى الشارع باسم دولة حضرموت”.
وأضاف لـ”حفريات” بأنّ قيادات الإخوان والموالين لهم كانوا في أعلى هرم السلطة في حضرموت، ولم يحققوا أي من المطالب التي ينادون بها الآن.
توجهت الأنظار إلى محافظتي حضرموت والمهرة، وخصوصاً حضرموت التي تشهد وجوداً قوياً للانتقالي الجنوبي، في مواجهة كيانات حضرمية تعمل في إطار حضرموت، وبعضها محسوب على الإخوان.
ومن جانبه، قال رئيس مؤسسة دار المعارف للبحوث والإحصاء في حضرموت، سعيد بكران: “المكون الحضرمي الفاعل هو المجلس الانتقالي.
ويحاول الإخوان مع قوة نافذة من الشمال خلق أكبر عدد ممكن من المسميات الحضرمية مثل (حلف القبائل والعصبة الحضرمية وحلف القبائل وحلف الجامع) تعمل لخدمة الإخوان إلى جانب الإصلاحيين الحضارمة”. وذكر لـ”حفريات” أنّ المحافظ الجديد تعامل مع هذه المسميات بنوع من المرونة على اعتبار أنها تستخدم مشاعر القبيلة للتخويف من مشروع المجلس الانتقالي.
وعلى خلفية التعيينات الجديدة التي أجراها المحافظ بن ماضي ظهرت احتجاجات بين قوى قبلية، وبرز إلى العلن حديث حول تقاسم المناصب بين حضرموت الساحل وحضرموت الوادي.
وبحسب مدير الإدارة التنظيمية بالهيئة المساعدة بالانتقالي في حضرموت، محمد محسن الكثيري، فإنّ الحديث عن الساحل والوادي قديم، ويعود إلى نهاية تسعينيات القرن الماضي، بعد الوحدة التي فرضتها صنعاء على الجنوب.
وكانت الخطة تقسيم حضرموت إلى محافظتين؛ ساحل ووادي، لكن هذا المخطط أخفق. واتّهم الكثيري جهات تمولها جماعة الإخوان المسلمين والمتنفذين بإثارة ذلك “لكي يسهل عليهم طمس هوية حضرموت ونهب ثرواتها، وأما قصة المناصب فهي وسيلة للوصول للهدف”.
الإخوان في حضرموت
ويرى رئيس مؤسسة دار المعارف للبحوث والإحصاء، سعيد بكران، أنّ الإخوان استغلوا صعودهم إلى السلطة في اليمن بعد أحداث الربيع العربي في 2011، وعملوا على تعميق الانقسام في محافظة حضرموت، على أساس منطقتين؛ الساحل والوادي، بينما يرفض مجتمع حضرموت هذا التقسيم على أساس طبقي.
وأكد لـ”حفريات” على أنّه لا توجد بين الحضارمة أي نوع من النزاعات إلا ما “يدبره الإخوان من خلال إثارة المشاكل القبلية والعداوة ما بين المجتمع في حضرموت والجنوب باعتبار أنه يرفع شعار دولة حضرموت، وما ذلك إلا لعزلها عن العمق الجنوبي وبالتالي الاستئثار بها، بما تملكه من ثروات وموقع مهم ومكانة تاريخية، فهي مركز الجنوب الثقافي والديني والمذهبي والفني”.
ومن جانبه، قال الصحفي الجنوبي، محمد الشرفي: “يتمتع حزب الإصلاح بقاعدة شعبية قوية، عمل على بنائها منذ العام 2014، عبر ترتيب الصفوف وإعادة الهيكلة وتسجيل الكشوفات وكسب مؤيدين جدد من خلال الأنشطة الاجتماعية والمساعدات الاقتصادية”. ونوه إلى أنّ حزب الإصلاح الإخواني يستأثر بحوالي 90% من المساعدات التي تأتي عبر مركز الملك سلمان للإغاثة، ويقوم بتوظيفها لكسب الشعبية، ولهم قاعدة دعم نسائية كبيرة، وتواجد كبير.
وكشف الصحفي الجنوبي لـ”حفريات” أنّ دور حزب الإصلاح في حضرموت يقتصر على “عرقلة أي تقدم للقضية الجنوبية” وأضاف الشرفي: “الإصلاحيون الحضارمة أشد ولاءً للإخوان من الإصلاحيين الشماليين، ولهذا فإنّ حضرموت هي أهم قاعدة للإخوان في اليمن اليوم، وحدث هذا نتيجة انشغال الانتقالي والجنوبيين بحروب ومكايدات سياسية وسعي للمشاركة في السلطة”.
الباحث سعيد بكران لـ”حفريات”: القضية الجنوبية قضية حضرمية في الأساس؛ لأنّ القادة الذين رفضوا هزيمة 94 وصيغة النظام القبلي والديني الذي فرضته صنعاء هم حضارمة
وشهد الشهر الماضي فعاليات في مدينة سيئون عاصمة المحافظة رفعت شعارات باسم “دولة حضرموت” وهي الشعار الذي يعارض فكرة حضرموت ضمن دولة الجنوب الذي يتبناه المجلس الانتقالي الجنوبي.
وعلق رئيس مؤسسة دار المعارف للبحوث والإحصاء، سعيد بكران: “يطرح الإخوان فكرة اليمن الاتحادي الفيدرالي، القائم حكم الإخوان والولاء لصنعاء”.
وأشار إلى أنّ الإخوان الحضارم ليس لهم موقف مبدئي من الفيدرالية أو الوحدة، وكذلك الشمال والجنوب، فهم يتحدثون بلسان حال “إذا لم تكن حضرموت موحدة مع صنعاء سنكون انفصاليين مع عدن” بدلاً من دعم وحدة الجنوب إذا تعذرت وحدة اليمن.
وشدد على أنّ الحوار الجنوبي الداخلي برعاية المجلس الانتقالي يجب أنّ يسعى إلى تحييد العديد من الأطراف الحضرمية التي يوظفها الإخوان وهي ليست تابعة لهم، ويجمع بينهم مصالح مشتركة”.
وبحسبه فالحوار مع الإخوان “سينتهي إلى طريق مسدود، سواء على مستوى قضايا مستقبل حضرموت، أو الشمال والجنوب، ومأرب، وغير ذلك لأنهم يرفضون الشراكة في السلطة، وحين يقبلون يعملون على إضعاف الشركاء، وهذا طبعهم في اليمن والجنوب”.
الجنوب الفيدرالي
وحول رؤية الانتقالي الجنوبي لحضرموت
قال القيادي الجنوبي، محمد محسن الكثيري: “مجال الحوار مفتوح بين المجلس والمكونات الحضرمية لتوضيح الصورة بأنّ رؤية الانتقالي للحكم؛ دولة جنوبية اتحادية، تتبنى الفيدرالية”.
وشدد الكثيري على قدرة الانتقالي على لم شمل المكونات الحضرمية في موقف واحد يصب في استعادة دولة الجنوب وفق نظام اتحادي فيدرالي.
وفي السياق ذاته، قال رئيس مؤسسة دار المعارف للبحوث والإحصاء، سعيد بكران: “حضرموت شريكة وليست تابعة في تشكيل الدولة الجنوبية، ولها حصة من القرار الإداري والمحلي والاقتصادي والثقافي، وحصة مُرضية من ثرواتها، والحفاظ على هويتها المحلية، وهذه رؤية الانتقالي”.
وأشار إلى أنّ “القضية الجنوبية هي قضية حضرمية في الأساس؛ لأنّ القادة الذين رفضوا هزيمة 94، وصيغة النظام القبلي والديني الذي فرضته صنعاء هم حضارمة، ونشأت القضية الجنوبية من المعاناة التي تعرضت لها حضرموت بعد الوحدة الجبرية”.
ويختلف الصحفي محمد الشرفي مع ما سبق، ويرى أنّ الانتقالي الجنوبي لا توجد لديه رؤية واضحة في منطقة ساحل حضرموت، وتميل أنشطتهم إلى الاستقرار، ويعتبر بعضهم حضرموت الساحل جزء من المجلس الانتقالي، بينما يركزون على منطقة الوادي، حيث توجد المنطقة العسكرية الأولى الموالية للإخوان والتي دعمت تنظيم القاعدة ضد الجنوب.
وتقع محافظة حضرموت في شرق اليمن، وتمثّل 36% من مساحته، وتشترك في حدودها الشمالية مع المملكة العربية السعودية، ويوجد بها العديد من الآبار النفطية، وبلغ حجم الإنتاج ما يقرب من 260 ألف برميل يومياً في بعض الأعوام، وتتميز بثرواتها السمكية في مناطق الساحل، والتي تعتبر من أهم مصادر الدخل