حضارم اليوم /خاص
الجنوب ليس كيانًا أو حزبًا هو شعب لديه هوية ووطن ودولة
لا يمكن تجاوز الجنوب بأي عملية سياسية باليمن
عدم الاعتراف بجذور الصراع وحل قضية شعب الجنوب سبب فشل إنهاء الحرب
شعب الجنوب بات متماسكًا ومحصنًا ويسير نحو أُفقٍ وطني وسياسي موحد
هناك تواطؤ خفي من قبل تيار حزب الإصلاح بمأرب مع الحوثي
تتجه أطماع ميليشيا الحوثي الحالية صوب مصادر النفط
قوى الإسلام السياسي الشيعية والإخوانية اتفقت على تصدير الإرهاب نحو الجنوب
القوات المسلحة الجنوبية على أهبة الاستعداد والجاهزية القتالية لأي تهديد
مع استمرار الوساطات الدولية من أجل تمديد الهدنة وتوسعتها وإنهاء الحرب باليمن، يترقّب العالم ما تخطط له ميليشيا الحوثي المدعومة من إيران، والتي جعلت اليمن يعيش حالة الحرب واللا حرب معاً، حيث تواصل الميليشيا مساعيها للسيطرة على مواقع استراتيجية وتهدد بذات الوقت أمن الدول المجاورة، بينما تتحدث بوجه آخر عن اتفاق هدنة وجهات تخرقه.
ومؤخراً لم تسفر الجهود بقيادة الأمم المتحدة عن تمديد الهدنة بعد انتهاء أجلها مطلع أكتوبر الماضي، مما جعل الفرقاء على الأرض يستعدون لخوض غمار معارك جديدة.
وللحديث عن مستقبل الوضع والحلول الممكنة لإنهاء الحرب باليمن وما ستؤول إليه الأمور في ظل تهميش نسبي للملف وترك الأوضاع مربوطة بملفات إقليمية، التقت “وكالة ستيب الإخبارية”، الدكتور ناصر الخبجي، رئيس وحدة شؤون المفاوضات بالمجلس الانتقالي الجنوبي، عضو هيئة رئاسة المجلس الانتقالي الجنوبي.
خطة الحوثي القادمة
وحول ما تخطط له ميليشيا الحوثي بعد فشل تمديد الهدنة باليمن، يرى الدكتور ناصر الخبجي، أن ميليشيا تتجه “أطماعها” الحالية صوب مصادر النفط.
ويقول: تتجه أنظار ميليشيا الحوثي صوب مصادر النفط، وفي مقدمتها صافر، في حين يلتقي توجهها ذلك مع تواطئ خفي من قبل تيار جماعة حزب الاصلاح في مأرب لتحقيق هدف المليشيات، بشرط مواصلة الميليشيا تقدمها وزحفها العسكري نحو الجنوب ابتداءً من شبوة وحضرموت والمهرة لاجتياحها والسيطرة على منابع الثروات هناك.
ويضيف: “يبدو أن للحوثي حساباته السياسية والعسكرية التي تجعله يفكر ملياً في حسابات خسارته وانكساره، فاتخاذ قرارات متسرعة قد تجعله يذوق مرارة الهزيمة في الجنوب كسابقاتها، وأعظمها هزيمته وانكساره في العاصمة عدن عام 2015م، وآخرها في شبوة”.
وبالوقت نفسه يتوقع الخبجي أنه سيكون هناك استعداد من قبل حكومة المناصفة، متمنياً أن تجمع شتاتها لتستعيد ما يمكن استعادته من أراضيهم التي تقع تحت سيطرة الحوثيين، حسب وصفه.
ويؤكد أيضاً أن القوات المسلحة الجنوبية على أهبة الاستعداد والجاهزية القتالية العالية لأي تهديد يُعكر أمن وسلام بلادنا والإقليم والمجتمع الدولي، كما يقول.
حلول لإنهاء الحرب
ومع أن الهدنة التي استمرت لأشهر كانت فرصة جيدة لإيجاد نقاط مشتركة في سبيل الحل وإنهاء الحرب باليمن، إلا أنّ انتهائها وفشل تجديدها يجعل المنطقة على صفيح ساخن.
ويقول الدكتور الخبجي: “استمرار القتال يترتب على رغبة العدو للجنوح للسلام، أو بهزيمته وانكساره، وكذا مواقف الإرادة الدولية لتحقيق السلام، والهدنة كانت تُعد فرصة للوصول إلى سلام حقيقي وإنهاء الحرب باليمن، وذلك يتطلب جهود ضاغطة بشكل جاد وفاعل من المجتمع الدولي على الطرف المعرقل للجهود الرامية إلى تحقيق السلام”.
ويتطرق الخبجي إلى قضية الجنوب، حيث يرى أن عدم الاعتراف بقضية شعب الجنوب، وحتمية وجود المجلس الانتقالي الجنوبي في المعادلة السياسية، وطاولة المفاوضات لن يكون هناك وصول إلى الحل الشامل الذي يحقق السلام الدائم للمنطقة، لان هناك قوى نافذة من أحزاب الشرعية وحزب الاصلاح (ذراع جماعة الإخوان باليمن) وحلفائهم، واتفاقياتهم المكشوفة مع ميليشيا الحوثي والتنظيمات الإرهابية ودعمهم لها وتسهيل تحركاتها من محافظة البيضاء اليمنية التي تقع تحت سيطرة الحوثي، إلى أبين ومأرب وشبوة الجنوبية، التي تُعرقل جهود الحل الشامل للوصول الى السلام الدائم”، حسب وصفه.
مشددًا على أن عدم الاعتراف بجذور الصراع باليمن وحل قضية شعب الجنوب، والاعتراف باستقلال الجنوب، يُعد السبب الرئيس في فشل حلول الحرب باليمن.
صراع مركّب وحل مجتزأ
أما عن الحل الذي يراه الخبجي، فيقول: “العالم يبحث عن حل الأزمة، وإنهاء الحرب باليمن، ولكنه في الوقت نفسه يتغافل عن كون الصراع باليمن مركب، ففي الشمال قضيتهم استبداد إمامي متخلف، في حين بالجنوب قضيتنا احتلال دولة، وإبادة شعب”.
ويضيف: “بالإمكان حل قضية الشمال بعقد مؤتمر يجمع القوى الحيّة هناك، والخروج بحلول لقضيتهم، والخروج برؤية سياسية للحل، وقيادة تمثل اليمن الشقيق”.
ويتابع: “في الجنوب توجد لدينا قياده وطنية جنوبية موحدة، تعتمد على الحوار، وهذا نهج يسير عليه شعبنا في الوقت الراهن، ويقوده المجلس الانتقالي الجنوبي من خلال تبنيه الحوار الوطني الجنوبي، الذي أتخذه المجلس الانتقالي نحو توحيد قوى الجنوب الفاعلة، للخروج بفريق يمثل شعب الجنوب وقضيته العادلة، ورؤية سياسية شاملة تحمل مشروع شعبنا الجنوبي”، ونؤكد اليوم أن شعب الجنوب بات متماسكاً ومحصناً، وأقوى من أي وقتٍ مضى، وهو يسير نحو أُفقٍ وطني وسياسي موحد، خلف قيادة المجلس الانتقالي الجنوبي الممثل الشرعي لشعب الجنوب”.
أما عن المفاوضات مع ميليشيا الحوثي، فيشير الدكتور الخبجي إلى أنه لن يجدي في إطار (شرعية وحوثيين)، موضحاً أن الحوثيين يصرون على أن قضيتهم وحربهم مع الأشقاء بالمملكة العربية السعودية، ويريدون الحوار بينهم وبينها”، مضيفاً: “هذا ممكن في إطار إيقاف مهمة التحالف العربي، ولكن لا يمكن أن يكون ذلك حلاً للأزمة والحرب باليمن، لكون تلك الميليشيا ليس لها عهد، كذلك ما لم يكن هنالك حوار وتفاوض مباشر يرعاه المجتمع الدولي، والدول الراعية للسلام باليمن، يكون بين اليمن والجنوب”.
كيف ستكون المعركة القادمة؟
وحول ظروف المعركة القادمة، يوضح الخبجي أن القوات المسلحة الجنوبية لا تزال لديها مديرية واحدة فقط خارج سيطرتهم وهي مكيراس، وتليها معركة البيضاء اليمنية التي تعتبرها القوات المسلحة الجنوبية خط دفاع عن الجنوب.
ويقول: “نحن بالمجلس الانتقالي الجنوبي ملتزمون للتحالف العربي الذي تقوده المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة في التحرك لإيقاف أي نفوذ لإيران في المنطقة عبر الحوثيين، كما أننا إلى جانب المجتمع الدولي في مكافحة الإرهاب، الذي اتفقت كل قوى الإسلام السياسي الشيعية والإخوانية على تصديره نحو الجنوب، الذي إن استقل بدولته فستتبخر تلك الجماعات الإرهابية التي يرفضها و يبغضها شعبنا الجنوبي المسالم وعاصمته عدن الحضارة والتعايش والسلام، ولن يتوقف الدعم العربي حتى يرضخ الحوثي للسلام، الأمر الذي تعي له الدول العظمى على رأسهم أمريكا”.
دولة جديدة منتظرة
وعن مساعي المجلس الانتقالي الجنوبي للاستقلال، يؤكد الدكتور الخبجي، أنهم كانوا يملكون دولة على حدود معروفة حتى ليلة الـ٢١ من مايو ١٩٩٠م وبعد عام ١٩٩٤م.
ويقول إنه: “جرى احتلال نظام صنعاء للجنوب في حرب الانقلاب على الوحدة التي كانت طواعية بين بلدين جارين ليصبح بعدها وصف الوضع القائم بالاحتلال الذي اعترف به الجنرال علي محسن الأحمر أحد أعمدة نظام صالح إبان انضمامه لثورة التغيير بصنعاء والتي اعتذر عن شراكته في نظام حكم الشمال بالاستبداد والجنوب بالاحتلال”.
وتابع: “نحن نناضل من أجل استعادة دولتنا ونأخذ بعين الاعتبار قناعات العالم والدول ذات المصالح التي نثق أنها رويداً رويدا ستدرك استحالة استقامة مصالحهم التي تتواجد بكثرة في الجنوب في ظل أي صيغة حكم تجمع اليمن الشقيق مع الجنوب كون مشروع الدولة كنموذج فاشل مازال واضح المعالم في صنعاء وأيضاً في مأرب وتعز اليمنيتين اللتان تمثلان الجمهورية اليمنية بالشرعية”.
ووجه الخبجي رسالة للمجتمع الدولي، في ختام حديثه، قائلاً: “ما نود أن نخاطب به الدول الراعية للعملية السياسية باليمن والمجتمع الدولي بشكل عام هو أن يدركوا أن الجنوب ليس كيان أو حزب يتم التعامل معه كطرف من الاطراف اليمنية، وإنما هو شعب لديه هوية ووطن ودولة حدودها معروفة ولها تاريخ عريق ولا يمكن تجاوز الجنوب بأي عملية سياسية باليمن، ولكن نحن نتمنى من الدول الراعية للعملية السياسية باليمن أن تحسم كل الاتفاقيات بحل واحد الذي به سيعم السلام باليمن والمنطقة بشكل عام وهو حل الدولتين لليمن الشقيق دولتهم وللجنوب دولته”.