حضارم اليوم /متابعات
نشر البنك المركزي اليمني من مقره الرئيسي بالعاصمة عدن، يوم الثلاثاء، تقييما رسميا هو الأول من نوعه، لمزاداته التي ينفذها منذ نحو ثمانية أشهر وعقب تنفيذ 31 مزادا لبيع عملة أجنبية، عبر منصة إلكترونية، للبنوك التجارية والإسلامية المحلية.
وقال المركزي اليمني إنه قام ببيع نحو 467 مليون دولار، خلال 31 مزادا نفذها منذ مطلع نوفمبر / تشرين الثاني 2021 وحتى مطلع يوليو / تموز 2022، لتغطية استيراد عدد من السلع الأساسية والاستهلاكية والأدوية، كان أعلاها لاستيراد القمح ، يليها الدجاج المجمد، ثم السكر والأرز والحليب والدقيق ومواد غذائية وأعلاف دواجن وأجبان وزيت طعام، وأخيرا أدوية.
وأثار ذلك التقييم المتأخر من المركزي اليمني لمزاداته وحجم الأموال المبيعة خلالها، تساؤلات وعلامات استفهام عديدة لدى خبراء الاقتصاد والمهتمين بالشؤون الاقتصادية والمالية في اليمن، لاسيما أن تدخل البنك في تغطية استيراد السلع، لم يكن له تأثير وانعكاس إيجابي على أسعار السلع الغذائية والاستهلاكية والأدوية والوقود في السوق المحلية.
ويرى خبراء اقتصاديون أن نشر البنك المركزي تقييما لمزاداته، جاء تلبية لمطالب قيادة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي عقب سلسلة لقاءات جمعتهم في العاصمة الأردنية عمان وعدن، ودعت إلى مزيد من الشفافية في عمليات المزادات، من أجل استمراريتها.
مزيد من الشفافية
قال الدكتور حسين الملعسي رئيس الرابطة الاقتصادية: ”مزادات البنك المركزي تتم بتوافق مع البنك الدولي، وعمليات السحب من أرصدة اليمن في الخارج عبر صندوق النقد الدولي، وباعتقادي كان تقييم البنك المركزي منسجما مع ما تم التوافق عليه مؤخرا في اللقاءات التي جمعت بين قيادتي المركزي والبنك الدولي في الأردن وأيضا في عدن، لتنفيذ عدد من المتطلبات والمزيد من الشفافية، في سبيل استمرار الدعم ”.
وأضاف في حديث لـ ”إرم نيوز“ : ”من الطبيعي أن ينعكس ذلك التدخل المباشر من المركزي اليمني عبر مزاداته لتغطية استيراد السلع إيجابا على أسعارها في السوق، وهذا من مهام وزارة الصناعة والتجارة التي تربطها بالبنك المركزي علاقة تنسيق مشتركة“.
وأوضح الملعسي أنه ”على الرغم من أن مزادات البنك المركزي لا تغطي كافة الطلب الموجود في السوق، إلا أن هناك استقرارا نسبيا واضحا في أسعار الصرف بالسوق المحلية خلال الأشهر الماضية، وهو ما ينبغي أن تتم الاستفادة منه، من قبل وزارة الصناعة والتجارة لتشديد متابعتها ورقابتها على أسعار السلع“.
تقييم متأخر
بدوره رأى مساعد القطيبي، الدكتور في كلية الاقتصاد بجامعة عدن، أن ”التقييم الذي نشره البنك المركزي مؤخرا، يعد خطوة جيدة، ولكنها متأخرة، حيث إن مزادات البنك كان ينبغي تقييمها فصليا أو حتى بصورة نصف سنوية“.
وأضاف في حديثه لـ ”إرم نيوز“: ”التقييم يجب أن يكون كاملا، ولا يقتصر على عدد السلع التي تمت تغطية استيرادها فحسب، بل يفترض أن يشتمل على الأثر الذي انعكس على تلك المزادات في السوق وأسعار السلع المستوردة، وأسعار الصرف، وهذا ما لم نلمسه واقعا، أما ما نشره البنك فهو مجرد إعطاء لمحة فقط“.
محاولة للإقناع
من جانبه، رأى الخبير الاقتصادي ماجد الداعري، أن تقييم المركزي اليمني المتأخر، هو مجرد محاولة منه لإقناع الداخل والخارج، بنتائج تلك المزادات.
وقال الداعري في تصريح لـ ”إرم نيوز“: ”هي محاولة لإقناع الحكومة ومجلس القيادة الرئاسي والتحالف العربي والبنك الدولي وصندوق النقد بنتائج تلك المزادات، وأن البنك المركزي بعدن قام بتغطية اعتمادات الاستيراد ببيع تلك العملة للبنوك، وأنها لم تذهب عبثا لصالح الصرافات والمضاربين بالعملة“.
واعتبر الداعري أن ”البنك المركزي يحاول تقديم ما وصفه بالدليل لحسن التصرف“، مشيرا إلى أنه يقوم بكل ذلك ”على أمل إقناع التحالف بصرف الوديعة الخليجية الملياري دولار، التي كانت منحة مجانية، وتحولت لوديعة مشروطة بإصلاح مصرفي ومالي وإداري للملف الاقتصادي“.
يذكر أن المركزي اليمني عمل مؤخرا على رفع أسعار الصرف في المزادات، وجعلها متقاربة جدا مع أسعار الصرف السائدة في السوق المحلية، وقت تنفيذ المزاد، إذ يرى مصدر مسؤول في البنك المركزي اليمني لـ“إرم نيوز“ أن تلك الخطوة ستساعد على جر أسعار الصرف بالسوق إلى الانخفاض تدريجيا، مؤكدا أن البنك الدولي سيعمل على تقييم المزادات السابقة واللاحقة.
وكان المزاد الأخير للبنك المركزي صباح الثلاثاء الماضي، حيث باع البنك نحو 24 مليون دولار من أصل 30 مليونا معروضة للبيع، وبسعر مصارفة 1129 ريالا يمنيا لكل دولار، بينما كان سعر الدولار بالسوق حينها يبلغ 1133 ريالا.