المكلا ( حضارم اليوم )
أكد تقرير لوكالة انباء روسية أن المجلس الانتقالي الجنوبي -التشكيل السياسي الأكبر في محافظات الجنوب منذ توقيع الوحدة بين دولة الجنوب والجمهورية العربية اليمنية، تحول إلى قوة سياسية وعسكرية على الأرض في فترة وجيزة. ووصفت وكالة sputniknews الروسية الكيان السياسي الجنوبي بانه أصبح الحامل الرئيس للقضية الوطنية الجنوبية، على اعتبار انه يضم مختلف القوى الجنوبية والفصائل الحراكية التي تشكلت في قوام المجلس. ونقلت الوكالة عن القيادي في الحراك الجنوبي، بدر الدين هندا، قوله إن “المجلس الانتقالي هو امتداد للحراك الثوري للجنوب وتتويج لنضال الحراك الجنوبي، ووريث للحراك السلمي بشكل عام”. وأضاف هندا “يمثل المجلس الانتقالي الأغلبية العظمى للقوى السياسية والمكونات الحراكية والشعبية للجنوب، وهو ينهج ويتبع الهدف الاستراتيجي لشعب الجنوب الذي قاده الحراك الثوري، و المتمثل بتحرير الجنوب من الاحتلال اليمني، واستعادة دولة شعب الجنوب كاملة السيادة على أرضه ووفق الحدود المعترف بها دوليا قبل 22 مايو/ أيار 1990”. وتابع هندا، “يسعى المجلس الانتقالي إلى تحقيق الأهداف التي كان الحراك يعمل على تحقيقها، من خلال إيجاد قيادة للجنوب تحافظ على مصالح الشعب وتحترم مصالح دول وشعوب العالم، كما يعمل على إيجاد حاضن إقليمي أو دولي يساعد شعب الجنوب على استعادة دولته، ويعمل من خلال علاقته ببعض الدول على تحقيق هذا الهدف، ولا يعني هذا خضوع لجهات إقليمية أودولية، وهناك علاقات مميزة للكثير من الدول مع بعضها البعض، وهو نفس الطريق الذي يسلكه المجلس الانتقالي لإيجاد علاقة مميزة مع بعض الدول التي تقف وتساعد شعب الجنوب، لتحقيق تطلعاته وطموحاته في تحقيق كامل أهدافه في الحرية والاستقلال واستعادة دولته المنشودة”.
مراحل صعبة
من جانبه، يقول الخبير العسكري والإستراتيجي، ثابت حسين، إن “القضية الجنوبية مرت بمراحل صعبة، وشهدت فترة طويلة نسبيا بوجود العديد من المكونات والصراع على الزعامات وتفريخ مكونات جديدة، سواء كان من جانب السلطة في صنعاء أو بين قادة المكونات التي تراوح عددها أكثر من 20 مكون في ذلك الوقت، حيث كان كل مكون يدعي أنه يمثل القضية الجنوبية”. وأضاف حسين في تصريحات خاصة لـ”سبوتنيك”، “في حقيقة الأمر ووسط هذا الكم من المكونات كانت هناك تيارات كبيرة هى الأكثر شعبية مثل، المجلس الأعلى للحراك الجنوبي، المجلس الثوري وغيرها من المكونات التي كان يدعمها الرئيس السابق علي سالم البيض والزعيم حسن باعوم، وكانت العقبة أمام الجنوبيين هى كيفية إيجاد مكون سياسي يكون ممثل وجامع وحامل سياسي لقضية الجنوب، لذلك جاء تأسيس المجلس الانتقالي الجنوبي في مايو/أيار 2017 كاستجابة لهذا المطلب وهذا التحدي الملح والضروري”.
تأسيس المجلس وتابع الخبير الاستراتيجي، “ضم المجلس في فترة التأسيس كل المكونات السياسية التي كانت موجودة في ذلك الوقت بما فيها أحزاب وتنظيمات سياسية أخرى، فلم يكن الأمر قاصرا على مكونات الحراك الجنوبي فقط، بل ضم أحزاب وتنظيمات سياسية أخرى لم تكن في الحراك، بمعنى آخرالمجلس الانتقالي كان حصيلة لجهود طويلة من الحوار والعمل التنظيمي لتشكيل المجلس والذي شمل جميع محافظات الجنوب، مع نسبة أكبر لعدن وحضرموت بسبب اهميتهما السياسية والاقتصادية”. وأشار حسين إلى أن المجلس الانتقالي الجنوبي، منذ إشهاره حصل على تأييد شعبي غير مسبوق، فقد عاصرت وتابعت مسيرة الحراك الجنوبي كاملة، لم أرى حشدا وشعبية كما هو لدى المجلس الانتقالي الجنوبي، وأي مكون يدعي أنه ينافس المجلس الانتقالي ، لم نر له شعبية أو نفوذ عسكري على الأرض.
الحركات الاحتجاجية
وأوضح حسين أن، “الحراك الجنوبي ليس مكونا وليس حزبا، بل هو مصطلح أطلق على الحركات الاحتجاجية على نظام صنعاء والذي تحول بالنسبة لتلك الحركات إلى نظام احتلال، حيث نشأت تلك الحركات في الجنوب منذ العام 2007”. ولفت الخبير العسكري إلى أن، “المجلس الانتقالي حاليا هو الذي يتصدر تمثيل القضية الجنوبية، وهذا كان واضحا ومنعكسا في اتفاقية الرياض التي وقعت بين طرفين لا ثالث لهما، الجنوب ويمثله المجلس الانتقالي واليمن بشكل عام والسلطة الشرعية، ويتعامل العالم الآن ودول الخليج مع هذا المجلس، صحيح أن هناك مكونات لا تزال خارج المجلس، لكنها لا تمثل الزخم والثقل الذي يمثله الانتقالي من ناحية الشعبية والناحية العسكرية والأمنية على الأرض، ومؤخرا يقوم المجلس بإجراء حوار مع بعض المكونات التي لها تحفظات أو اقتراحات على برنامج وسياسات المجلس”.
حرب شرسة
وأكد حسين على أنه، حان الوقت لدعم الانتقالي الجنوبي، خاصة أننا مقدمون على تسوية سياسية ربما تكون نهائية ويشارك بها الانتقالي وفقا لاتفاق الرياض، واعتقد أن أي ادعاء من خارج المجلس لن يؤدي إلا إلى تشتيت الصوت الجنوبي و تمييعه، وأرى أن غالبية الشارع الجنوبي يميل إلى تأييد المجلس الانتقالي رغم الصعوبات والتعقيدات التي تواجهه، والحرب الشرسة التي يخوضها خصوم المجلس، لكنه ورغم كل هذا يزداد قوة وشعبية. يذكر أنه بعد حسم الشمال “صنعاء” لحرب عام 1994 وانتصاره على الجنوب، اتجه مجموعة كبيرة من العسكريين الجنوبيين إلى تشكيل حركات مقاومة مسلحة كان أولها حركة موج ثم حتم وتاج واللجان الشعبية وكان أقواها حركة حتم التي أسسها النقيب آنذاك عيدروس الزبيدي وحكم عليه بالإعدام عام 1998 وظل مطاردا في الجبال لسنوات عديدة.
وبعد عام 2001 تغيرت الأمور وتفككت معظم حركات المقاومة أو تلاشت بفعل عوامل ذاتية وموضوعية، إلا أن غالبية الجنوبيين ظلوا رافضين للواقع المفروض عليهم بالقوة منذ 94، وهو الواقع الذي اعتبره كثيرون منهم احتلالا عسكريا شماليا ونقضا للوحدة، بعد أن انتهج الشماليون نهج المنتصر، وكان يحتفل كل عام بذكرى هزيمة الجنوبيين بتاريخ 7 يوليو/تموز من كل عام، وتم تسريح كل الجيش الجنوبي تقريبا ومنهم كبار قادته وتركوا بدون عمل.
مع حلول العام 2005 ، بدأت لقاءات تجمع عدد من قادة الجيش الجنوبي السابق وسياسيين جنوبيين للتنسيق والتشاور في كيفية رفض الواقع المفروض، وهو ماعرف بعد ذلك في عام 2006 بحركة التصالح والتسامح، وهي حركة تم قمعها ومنع اجتماعاتها وإغلاق مقرها في عدن، ما سبب غضبا واسعا.
من جانبهم، في الوقت ذاته كان عدد من قادة الجيش الجنوبي ينسقون لإعلان جمعية المتقاعدين العسكريين الجنوبيين والتي عرفت بأنها نواة الحراك الجنوبي كونها أول من دعا الجنوبيين إلى الخروج بتظاهرات كبرى لرفض الواقع، ورفع أعلام وشعارات دولتهم السابقة، وهو ماحدث بالفعل، حيث تم إشهار الحراك الجنوبي في 7 يوليو/تموز 2007 أي في ذكرى سقوط عدن بيد الشماليين. وقاد الحراك الجنوبي حركة احتجاجات واسعة النطاق شملت كل الجنوب ووجهت بقمع واعتقالات وحملات مطاردة، ورغم القمع توسعت الحركة وبدات تنتهج كل اساليب الكفاح السلمي، عندما سيطر الحوثيون”أنصار الله” على صنعاء عام 2014 ، استعد الجنوبيون لاستعادة دولتهم وقرروا بقيادة الحراك والمقاومة الجنوبية التي أنشاها وأعاد تشكيلها وتدريبها عيدروس الزبيدي بدءا من 2010 .
في مايو/أيار 2017 أعلن تشكيل المجلس الانتقالي، وحظي هذا التشكيل الوليد بدعم شعبي واسع في الجنوب حيث خرج مئات الآلاف في تظاهرات بشوارع كبرى المدن الجنوبية مثل عدن والمكلا لإعلان تأييدهم الانتقالي الذي طلب التفويض من الجنوبيين واعتبر أنه حصل عليه في تظاهرة مليونية شهدتها عدن 11 مايو/أيار 2017، ونجح عيدروس الزبيدي في تقوية أركان المجلس الانتقالي وتوسيع أنشطته واصبح اليوم الكيان الجنوبي الأقوى والأبرز والأكثر تنظيما وموالاة منذ هزيمة الجنوبيين في1994، ثم دخل في مفاوضات مع الحكومة برعاية سعودية، وعقد اتفاق الرياض في 5 نوفمبر/تشرين الثاني 2019.