المكلا ( حضارم اليوم ) متابعات
قال محللون وخبراء اقتصاديون، إن استمرار الحرب في اليمن له مكاسبه الخاصة بين أطراف الصراع أنفسهم، مشيرين إلى أن هذا الصراع المسلح خلق بالفعل طبقة من الأثرياء الجدد الذين ينتمون إلى المليشيات وأصحاب النفوذ في أطراف الصراع المستمر منذ 6 سنوات، فضلاً عن التجار الذين استفادوا من تضخم السوق السوداء للوقود والكهرباء والعملة والسلع الأساسية.
وفي تقرير نشرته صحيفة “العربي الجديد” الصادرة في لندن أمس السبت، أكد أنه فيما تقوم قوى نافذة شريكة للحكومة اليمنية بالعمل على وضع يدها على إيرادات عامة محلية في عدن وتعز والمخا بعد تشغيل مينائها الإستراتيجي، يبرز الحوثيون في شمال اليمن كأهم قوى نافذة تتحكم في كل ما تحت يدها من رقعة جغرافية، منها العاصمة صنعاء ومؤسسات الدولة التي تتواجد فيها، ومنها البنك المركزي، إضافة إلى تحصيل الإتاوات الجمركية في ميناءي الحديدة والصليف، وإيرادات جمركية إضافية في منافذ برية عديدة، مثل عفار في محافظة البيضاء وسط اليمن.
وأشار التقرير إلى أن الجبايات وغيرها من الموارد تعد “مسرحاً للصراع بين الحوثيين والحكومة”.
قال الباحث الاقتصادي عبدالواحد العوبلي لـ “العربي الجديد”، إن العديد من أطراف الصراع أضحوا حريصين على استمرار الوضع الحالي، من أجل مواصلة نهب موارد الدولة. مضيفاً: “الحوثيون على سبيل المثال حريصون على استمرار الحرب، ليس من أجل السيادة أو الانتصار أو الأوهام التي يروجونها لتابعيهم، بل للسيطرة على مليارات الدولارات من إيرادات الدولة”.
ويضيف العوبلي أنه استناداً إلى تقرير لجنة الخبراء التابعة للأمم المتحدة، يحصل الحوثيون على أموال من الجبايات والزكاة المختلفة تزيد على مليار وثمانمائة مليون دولار سنوياً، وربما أكثر من ذلك، لأن بند الضرائب والجمارك والرسوم يصل إلى أكثر من 34 % من إجمالي حجم الإيرادات، حسب أرقام الموازنة العامة للدولة للعام 2014″.
ويشير إلى تعرّض أموال المساعدات التي وصلت إلى اليمن عبر المنظمات الدولية إلى النهب أيضاً، فضلاً عن استفادة الحوثيين من إيرادات بيع ما يزيد عن مليون وثمانمائة ألف طن من المشتقات النفطية، وفق بيانات مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (الأوتشا)، والتي تصل إلى ميناء الحديدة بإيرادات لا تقل عن ملياري دولار سنوياً، بالنظر إلى متوسط سعر المشتقات النفطية في المناطق الخاضعة لنفوذ الحوثيين.
ويرى أن “كل هذه الإيرادات يحصلون عليها من دون أن يصرفوا أي رواتب للموظفين الموجودين في مناطق سيطرتهم أو أي خدمات أخرى، لذا فإن الحرب التي تمنحهم كل هذه المليارات، لن يوافقوا على أي خطوة أو إجراء من الممكن أن يؤدي إلى إيقافها”.
وفي محافظات اليمن الشرقية يرى الباحث الاقتصادي مراد منصور أن مسؤولين محليين -وفق تقارير دولية- يستولون كذلك على الأموال المحصلة من بيع الغاز وتحصيل الرسوم الجمركية في موانئ ومعابر المهرة، في غياب أي رقابة حكومية، فضلاً عن استغلال جزر ومرافق حيوية.
ويعتبر قطاع العقارات من أهم المنافذ التي تدر المليارات على أطراف الحرب في اليمن والجماعات والتشكيلات العسكرية والمليشيات وسلطات الأمر الواقع المنتشرة في البلاد، والذي أدى، وفق خبراء، إلى انفلات الأسعار لتفوق أغلى عواصم العالم.
كما توسع نشاط تجار العملة، وسط انتشار مكثف لمحال الصرافة التي زاد عددها أضعاف ما كان عليه الوضع قبل الحرب، إذ يقدّر عددها في صنعاء وعدن المراكز المالية لطرفي الحرب بأكثر من 2200 شركة ومحال عاملة في مجال الصرافة، مقارنة بنحو 650 شركة مرخصة، وفق آخر بيانات صادرة عن البنك المركزي اليمني قبل الحرب الدائرة منذ عام 2015.
وفي مقابل اتساع رقعة الصراع على الموارد والثروات، تتسع دائرة الفقر لتحيط بمعظم اليمنيين، الذين أضحوا يعانون من الجوع وتردّي الخدمات المختلفة.
ووفق تقرير حديث صادر عن منظمة أوكسفام، فإن النزاع هو السبب الرئيسي للجوع، حيث أضحى أكثر من 70 % من المواطنين يعانون من الفقر، مشيراً إلى أن الحصار والنزاع وأزمة الوقود أدت إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية الأساسية إلى أكثر من الضعف منذ عام 2016.
وتواصل العملة اليمنية انهيارها، إذ تخطت قبل أيام سعر الصرف حاجز 1000 ريال مقابل الدولار الواحد.