الرئيسية / أراء وكتاب / وجه الثورة

وجه الثورة

المكلا ( حضارم اليوم ) جمال محسن الردفاني :

العيد دائمًا أن لم يجمعنا بأشياء من الماضي فهو يذكّرنا بها، يذكّرنا بأشياء سعيدة وأخرى حزينة، أشياء ملونة وأخرى بلا لون..
هذا العيد جمعنا بشاعر الثورة الجنوبية صالح العلياني الذي لم ولن ننساه..
في ظهيرة العيد بحبيل جبر ردفان، وجدته بمعية طفلته التي ربما رأت العيد في عيون أطفال الحي، لكنها لم تبصره بعينها..
“العلياني” كان مجرّد أحد المعارف في أيام النضال..
لكن في هذا اللقاء وجدته بمثابة صديق قديم انقطع به الوصال، وكان لقائنا القصير ذو شجون، رغم انشغاله بطفلته المريضة، لكن ذلك لم يمنع حديثنا..

غادر العلياني بجسده النحيل، ممسكًا بطفلته، تأملته حتى أختفى بين الجموع، تأملته ورأيت كم نحن فقراء نضال، كم نحتاج من الوقت لنصل لمستوى هؤلاء، وآمنت اننا الفقراء حقًا، أما هو فلم يبخل لا عن الوطن، ولا عن أطفاله الذين يطعمهم تقاسيم وجهه، ويسقيهم دموعه المالحة بكل حب، ولم ينتظر شيءٍ من أحد، وهذه هي أسمى درجات النضال..

ملامح العلياني تخبرنا بما في جوفه، وما حل به، وما يعيشه، ما جعله يبدو فاقد العقل في نظر الكثيرين.. الكثيرين من فاقدي العقل أصلاً..
الكثير ممن لم يفهموا ما يعانيه، ولم يقدّروا طموحه، ولم ولن يصلوا إلى مستواه الثقافي والفكري والديني، وتواضعه الذي يجعله في محل السخف بالنسبة لمن اعتادوا احترام وتبجيل من لا يضعون لهم أي اعتبار..

قصة الشاعر العلياني هي قصة الوطن الجريح، الذي تخلى عنه الكثيرين في جادة إحتياجه الوفاء ..
الوطن الذي قدم لأبناءه كل ما يملك، والعلياني قدم للوطن روح أخوه الشهيد البطل “بازل”.. وبالنسبة للعلياني لا شيء لديه أغلى من أخيه سوى الوطن.. وهذا الوطن هو ذاته الذي لم يجد فيه هذا الكائن المعذب ما يجعله يعيش مثل الآخرين، لم يجد فيه سوى الأسى والعذاب، وكرامته التي يقتاتها بأنفة وكبرياء، وهي الكرامة ذاتها التي باعها الكثيرين بثمن بخس….

في الفيديو المرفق، كنا نردد سويًا مقطع من إحدى قصائده التي مازلت أحفظها لأكثر من 10 سنوات، وما أحزنني هو نسيانه بعض ابياتها، لكن لا بأس..
فالنسيان بالنسبة له إعتياد، فكل من كانوا حوله، يصفقون لقصائده، ويرددون ابياته قد نسوه اليوم..
فلا حاجة له بحفظ ابيات شاخت في قلبه، لقضيه ماتت في قلوب الكثيرين، على الرغم من كونها لم تزل حيّةً في قلبه، وستظل إلى الأبد..
ملامحه تلك، هي القضية، هي الثورة، وهي كل ما يعبّر عن العزة والكرامة والكبرياء من معانِ..

الشاعر العلياني إنموذج للكثير من الرفاق المسحوقين، الذين نساهم الجميع، ولم يدر عنهم أحد..
يتذكّرونهم فقط عند رؤية تعزية وفاة أحدهم أو بيان نعي..

وما أحوجنا إلى أن نتذكّر هؤلاء، وننظر إلى ما يحتاجوه، فلا أحد يعلم ما تخفيه لنا الأيام..
ربما سنكون في يومٍ ما في هكذا وضع وهكذا حال، ولن يلتفت إلينا أحد، ولن نجد سوى قصائد العلياني تنسينا مرار الأيام..

جمال محسن الردفاني
16 مايو 2021م

شارك الخبر

شاهد أيضاً

الحوثي وإسرائيل.. وجهان لعملة واحدة.. مليشيا الحوثي استباحت الانسانية في رداع اليمنية.

المكلا (حضارم اليوم) كتبه| محمد ناصر الشعيبي مليشيا الحوثي الإرهابية تواصل ارتكابها الجرائم بحق المدنيين …