المكلا ( حضارم اليوم ) متابعات
أثار توجيه القضاء الأميركي الاتّهام لشخصين من الولايات المتّحدة بمحاولة التوجّه إلى اليمن بهدف الانضمام إلى تنظيم الدولة الإسلامية هناك، المخاوف من أن يكون اليمن الغارق في الحرب منذ أكثر من سبع سنوات بصدد التحوّل إلى نقطة جذب للتنظيم المتطرّف الذي تقلّصت قوّته في موطنه الأصلي بسوريا والعراق، لكنّه شرع في توسيع أنشطته إلى مناطق أبعد بما في ذلك أفغانستان وبعض بلدان القارة الأفريقية آخرها موزمبيق.
ويحذّر خبراء أمنيون من احتمال أن يؤدّي تعقّد الأوضاع في البلد سواء الأمنية أو الاقتصادية أو الاجتماعية إلى انتكاس الحرب على التنظيمات المتشدّدة في اليمن، بعد أن كانت تلك الحرب التي تشارك فيها الولايات المتّحدة بالعمل الاستخباري وضربات الطائرات المسيّرة، قد حقّقت خلال السنوات الأخيرة إنجازات على الأرض مكّنت من تضييق الخناق على تنظيم القاعدة ومن انتزاع مناطق كان قد سيطر عليها على رأسها مدينة المكلاّ مركز محافظة حضرموت بشرق اليمن.
ويقول هؤلاء إنّ تنظيم داعش يتحيّن الفرص للحلول محلّ تنظيم القاعدة المتراجع في اليمن، بسبب صراعات على الزعامة داخله وبسبب خسائره خلال السنوات الأخيرة، وخصوصا مقتل العديد من قياداته البارزة في ضربات جوّية أميركية بعد أن أصبحت تحرّكات عناصر التنظيم مرصودة بدقّة من قبل أجهزة المخابرات الإقليمية والدولية.
ويرون أنّ ما يغري داعش بمحاولة التغلغل في اليمن هو الطبيعة المحافظة لمجتمعه وأيضا بفعل ارتفاع نسبة الفقر بين سكّانه، إضافة إلى وجود مبرّر مناسب للدعاية والتجنيد على أساس طائفي كما حدث في سوريا والعراق، وهو سيطرة الحوثيين الزيديين الشيعة على مناطق شاسعة من أرض اليمن، ما يثير نقمة شرائح من السكّان السنّة الذين دخلوا عنوة تحت سلطة الأمر الواقع التي فرضتها الجماعة الحوثية.
وتشارك في خوض الصراعات المسلّحة في اليمن جماعة الإخوان المسلمين ممثلة بفرعها المحلّي حزب التجمّع اليمني للإصلاح. ولا يتردّد خصوم الحزب في اتّهامه بالاستعانة في حروبه بعناصر متشدّدة من تنظيم القاعدة وداعش.
ويقول محمد النقيب القائد العسكري ضمن قوات المجلس الانتقالي الجنوبي إنّ محافظة البيضاء بوسط البلاد تضمّ أكبر معسكرات لاستقبال عناصر القاعدة وداعش والتي ترسل من هناك للقتال إلى جانب حزب الإصلاح في أبين.
وأعلنت وزارة العدل الأميركية توجيه تهمة “التآمر لتقديم دعم مادّي لمنظمة إرهابية أجنبية” إلى زوجين أميركيين اعتقلا أثناء محاولتهما الصعود على متن سفينة متّجهة إلى اليمن بقصد الانضمام إلى تنظيم الدولة الإسلامية.
وأشارت الوزارة إلى أنّ المتّهمين هما جيمس برادلي البالغ من العمر عشرين عاما والمتحدّر من ولاية نيويورك بشمال شرق الولايات المتّحدة وزوجته أروى مثنّى البالغة تسعة وعشرين عاما والمتحدّرة من ولاية ألاباما بالجنوب الشرقي الأميركي.
وأضافت أنّهما اعتقلا في ميناء نيوارك بولاية نيو جيرسي أثناء صعودهما على الجسر المؤدّي إلى سفينة شحن كانت في طريقها إلى اليمن.
ووفقا للوزارة فقد عبّر برادلي عن آراء متطرّفة عنيفة منذ 2019 على الأقلّ، في نقاشات جرت خلال العام الماضي بينه وبين عميل سرّي، مشيرة إلى أنّه جاهر مرارا وتكرارا برغبته في الهجرة بدافع تبنيه لأفكار تنظيم الدولة الإسلامية.
كما أخبر برادلي هذا العميل بأنّه مستعدّ لمهاجمة هدف أميركي بما في ذلك أكاديمية ويست بوينت العسكرية، وفق المصدر نفسه.
وأظهرت وثيقة قضائية أنّ برادلي أصبح محط اهتمام مكتب التحقيقات الفيدرالي أف.بي.آي، بعد أن اعتقلت السلطات في 2019 صديقا له كان يخطّط للذهاب إلى أفغانستان للانضمام إلى حركة طالبان.
وأضافت الوثيقة نفسها أنّ برادلي استمرّ في التعبير عن رغبته بارتكاب أعمال عنف دعما للفكر الإسلامي المتطرّف، وقدّم دعمه وولاءه لتنظيم الدولة الإسلامية، وحاول السفر إلى الخارج للانضمام إلى تنظيم الدولة الإسلامية والقتال معه.
ووفقا للمصدر نفسه فقد قرّر برادلي التوجّه إلى اليمن للانضمام إلى تنظيم الدولة الإسلامية مع أروى مثنّى التي تزوّجها في يناير الماضي.
ونقلت الوثيقة عن برادلي قوله للعميل السرّي “إذا لم أجدهم (الجهاديين) سأذهب حتّى الصومال” للالتحاق بجماعة الشباب الإسلامية المرتبطة بتنظيم القاعدة والتي تهدّد الحكومة في البلد الواقع في القرن الأفريقي.
وقد لا يكون حديث برادلي عن العبور من اليمن إلى الصومال من وحي تفكير فردي، بل الأرجح أن يكون انعكاسا لتخطيط تنظيم داعش لاتخاذ اليمن الذي لا تستطيع القوى المتقاسمة للسيطرة على أراضيه إحكام السيطرة على جميع منافذه، منطقة عبور نحو السواحل المقابلة بالقارة الأفريقية، حيث توجد العديد من الدول الغارقة في الفقر والصراعات لتمثّل بذلك تربة مناسبة للتنظيم الذي شرع بالفعل في الانتشار داخلها.
وتبنّى تنظيم الدولة الإسلامية هجوما داميا شنّه الأسبوع الماضي مسلّحون على مدينة بالما في شمال موزمبيق بشرق القارة الأفريقية وأسفر عن مقتل وجرح العشرات أغلبهم مدنيون، وذلك في حادثة أعادت إلى الأذهان “الغزوات” الكبيرة المفاجئة التي شنها تنظيم داعش قبل سنوات على مناطق في سوريا والعراق، وتمكّن من خلالها من السيطرة على أراض شاسعة ومدن كبرى مثل مدينة الرقّة بالشرق السوري ومدينة الموصل بالشمال العراقي.
ويواجه الزوجان الأميركيان عقوبة تصل إلى السجن لمدة عشرين عاما إذا ما أدينا بالتّهم الموجّهة إليهما.