المكلا ( حضارم اليوم ) سوث24
“الحل العادل الوحيد هو السماح لليمنيين الجنوبيين بممارسة حقهم في تقرير المصير الديمقراطي الذي تكرسه الأمم المتحدة في إطار استفتاء حر ونزيه، والذي يمكن تحديد جدوله الزمني طوال المراحل النهائية من عملية السلام”
لا يزال الشعب اليمني يعاني في خضم ما وصفته الأمم المتحدة سابقًا بأنه أسوأ أزمة إنسانية على كوكب الأرض، والتي لا تظهر أي علامات على التحسن في أي وقت قريب بالنظر إلى الضربات الأخيرة التي قام بها متمردو أنصار الله والمملكة العربية السعودية ضد بعضهم البعض. ولا بد من التوصل إلى حلول وسط صعبة من جانب كل طرف من الأطراف المتحاربة ومؤيديها الدوليين (العسكريين والسياسيين على حد سواء)، ولا سيما ضرورة اعترافهم باستحالة تحقيق نتائجهم القصوى المتوخاة.
لن تسيطر جماعة أنصار الله (الحوثيون) على اليمن بأكمله، ولن ينجح التحالف الذي تقوده السعودية في استعادة الجيش لأوامر حكومة الرئيس هادي المعترف بها دوليًا على المناطق الشمالية من البلاد. وفي ظل هذه الخلفية، فإنّ الدفعة المتجددة التي يدفع بها السعوديون إلى السلام في اليمن هي بالتأكيد موضع ترحيب، لكنها غير مكتملة. والمطلوب بشكل حاسم هو أن يتعلم جميع أصحاب المصلحة من التقدم الذي أُحرز مؤخرًا في حل الحرب الأفغانية سلميًا حتى يتسنى لهم أن يبتكروا بشجاعة مسارًا دبلوماسيًا جديدًا نحو تحقيق سلام دائم.
السوابق الأفغانية
شهد الأسبوع الماضي استضافة موسكو لجولة أخرى من محادثات السلام أسفرت عن بيان مشترك واعد يشير إلى استعداد كل طرف لمواصلة المفاوضات نحو النتيجة النهائية لحكومة شاملة. وتكمل الجهود الدبلوماسية الروسية المحادثات القطرية وكذلك المحادثات المقبلة التي اقترحتها الولايات المتحدة والمقرر أن تستضيفها اسطنبول الشهر المقبل. وما يجمع بين هذه المسارات هو أنّ الأطراف المحايدة تيسّر إجراء حوار هادف بين الأطراف المتحاربة وأصحاب المصلحة الآخرين في الصراع. وفي السياق اليمني، يستبعد هذا مجلس التعاون الخليجي والولايات المتحدة وإيران من استضافة مثل هذه المحادثات باعتبار أنّ أول ما ذُكر هو مشارك نشط في الحرب، والثاني مؤيد، والأخير يدعم سياسيًا متمردي أنصار الله. وعلى هذا النحو، يجب على الدول الأخرى التي لها علاقات إيجابية مع جميع الأطراف أن تصعّد على مستوى اقتراح استضافة محادثات السلام بين الأطراف المتحاربة وأصحاب المصلحة، حيث يُمكن القول إنّ أكثرها قابلية للحياة هو روسيا وباكستان.
دفعة سلام روسية باكستانية؟
كتبت في أكتوبر 2019 أنّ “باكستان وروسيا قد تحملان مفاتيح السلام الإيراني السعودي”بعد أن شرع كل من قادتهما في رحلات إلى المنطقة في نفس الوقت الذي كانت فيه التوترات تتصاعد بين القوتين الخليجيتين. ولم يتحقق أي تقدم، سواء بشكل فردي أو مشترك، على الرغم من أن علاقات باكستان وروسيا مع إيران والمملكة العربية السعودية استمرت في التحسن في العام ونصف العام منذ ذلك الحين. وعلاوة على ذلك، أدى التنسيق الدبلوماسي الباكستاني الروسي المكثف في حل الحرب الأفغانية سلميًا إلى موجة جديدة من الثقة بين هذين الخصمين القديمين في حقبة الحرب الباردة، الأمر الذي أدى إلى تسريع التقارب المستمر بينهما. وبالتالي، من الطبيعي أن يكون ذلك امتدادًا طبيعيًا للعلاقات المتطورة، لا سيما في ضوء التقدم الذي أحرزوه في أفغانستان حتى الآن، للنظر في إمكانية المشاركة في اقتراح استضافة محادثات السلام اليمنية في عواصمهم. وهذا من الممكن أن يعزز من أدوارها الدبلوماسية المتزايدة في أن تصبح حلولًا لا غنى عنها لبعض الصراعات الأكثر استعصاءً في العالم مثل أفغانستان.
التقدم في مراحله الأولية
يبدو أنّ موسكو تفكر بالفعل في شيء من هذا القبيل فيما يتعلق باليمن بعد استضافة المجلس الانتقالي الجنوبي الشهر الماضي في حين أنّ عرض إسلام آباد بالوساطة بين الرياض وطهران لا يزال مفتوحًا، ويمكن إنجاز هذا الأخير بشكل غير مباشر من خلال استضافة المحادثات اليمنية. وحتى لو لم يشارك هذان الاثنان في عملية السلام المقترحة، فلا يزال من المهم أن تستضيف دولة محايدة مثل هذه المفاوضات، على الرغم من أنه يفضّل أن تكون دولة ذات خبرة واسعة في هذا المجال. وأي بلد عشوائي لن يكون كافيًا، وفي حين أنّ الأوروبيين قد يرغبون في لعب هذا الدور، فمن غير المرجح أن تثق بهم جماعة أنصار الله (الحوثيين) وأنصارهم السياسيين الإيرانيين. كما ينبغي على المراقبين أن يتذكروا أنّ الاتفاق النووي الإيراني يخيّم على رؤوس كل دبلوماسي غربي، وقد تشك طهران في إمكانية استغلال هذه المسألة طوال محادثات السلام اليمنية بطريقة يمكن أن تضغط على الجمهورية الإسلامية. وعلى النقيض من ذلك، لا تساور أنصار الله وإيران نفس المخاوف مع روسيا أو باكستان.